اقرأ مع جواد على.. "المفصل فى تاريخ العرب" طرقهم المختلفة فى التأريخ لأيامهم

الأحد، 09 فبراير 2020 12:00 ص
اقرأ مع جواد على.. "المفصل فى تاريخ العرب" طرقهم المختلفة فى التأريخ لأيامهم المفصل فى تاريخ العرب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما الذى يقوله العرب عن أيامهم وتواريخهم قبل الإسلام، كيف وثقوها وكتبوها على آثارهم القليلة، هذا ما سنعرفه مع المفكر العربى الكبير "جواد على" الذى نواصل قراءته من خلال موسوعته المهمة "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام". 
 
 
وموسوعة "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام" يعد واحدا من الكتب المهمة فى قراءة التاريخ العربى القديم، ويتألف امن 10 أجزاء أحدها مخصص للفهرس، ويعتبر أضخم عمل أكاديمي فى تاريخ العرب والجزيرة العربية في فترة ما قبل ظهور الإسلام، ونشرت الموسوعة فى سنة 1968. 
 
يقول جواد على "لم يطمئن المستشرقون إلى هذا المروى فى الكتب العربية عن التاريخ الجاهلى ولم يكتفوا به، بل رجعوا إلى مصادر وموارد ساعدتهم فى تدوين هذا الذى نعرفه عن تاريخ الجاهلية، وهو شىء قليل فى الواقع، ولكَنه مع ذلك خير من هذا القديم المتعارف وأقرب منه إلى التأريخ، وقد تجمعت مادته من هذه الموارد ومنها "الكتابة". 
 
والكتابات المؤرخة قليلة، أمر يؤسف عليه، إذ يكون المؤرخ فى حيرة من أمره فى ضبط الزمن الذى دون فيه النص، ولم نتمكن حتى الآن من الوقوف على تقويم ثابت كان يستعمله العرب قبل الإسلام، مدة طويلة فى جزيرة العرب. والذى تبين لنا حتى الآن هو أنهم استعملوا جملة طرق فى تأريخهم للحوادث، وتثبيت زمانها، فأرخوا بحكم الملوك، فكانوا يشيرون إلى الحادث بأنه حدث فى أيام الملك فلان، أو فى السنة كذا فى حكم الملك فلان، وأرخوا كذلك بأيام الرؤساء وسادات القبائل وأرباب الأسر وهى طريقة عرفت عند المعينين والسبئين والقتبانيين وعند غيرهم فى مختلف أنحاء جزيرة العرب.
 
والكتابات المؤرخة بهذه الطريقة، وإن كانت أحسن حالاً من الكتابات المهملة التى لم يؤرخها أصحابها بتاريخ، إلا أننا قلما نستفيد منها فائدة تذكر، إذ كيف يستطيع مؤرخ أن يعرف زمانها بالضبط، وهو لا يعرف شيئاً عن حياة الملك الذى أرخت به الكتابة أو حكمه، أو زمانه، أو زمان الرجال الذين أرخ لهم؟ لقد فات أصحاب هذه الكتابات أن شهرة الإنسان لا تدوم، وأن الملك فلاناً، أو رب الأسرة فلانا، أو الزعيم فلاناً ربما لا يعرف بعد أجيال، وقد يصبح نسياً منسياً، لذلك لا يجدى التأريخ به شيئاً، وذاكرة الإنسان لا تعى إلا الحوادث الجسام. لهذا السبب لم نستفد من كثير من هذه الكتابات المؤرخة على وفق هذه الطريقة، وأملنا الوحيد هو أن يأتى يوم قد نستفيد فيه منها فى تدوين التاريخ.
 
وترد التواريخ فى الكتابات العربية الجنوبية، ولا سيما الكتابات القتبانية، على هذه الصورة: "ورخس ذو سحر خرف.."، أو "ورخس ذو تمنع خرف"، أي: "وأرخ فى شهر سحر من سنة.." و "أرخ فى شهر تمنع من سنة..". ويلاحظ إن "ورخ" و"توريخ"، مثل "أرخ" و"تاريخاً"، هما قريبتان من استعمال تميم، إذ هى تقول: "ورخت الكتاب توريخاً" أي: "أرخت الكتاب تأريخاً". وأما حرف "السين" اللاحق بكلمة "ورخ"، فانه أداة التنكير. ويلى التاريخ أسم الشهر، مثل شهر "ذو تمنع" و "ذو سحر" وغير ذلك. وقد تجمعت لدينا أسماء عدد من الشهور فى اللهجات العربية الجنوبية المختلفة تحتاج إلى دراسة لمعرفة ترتيبها بالنسبة إلى الموسم والسنة. ثم تلى الشهور فى العادة كلمة "خرف" أى "خريف"، وهى فى العربية الجنوبية، السنة أو العام أو الحول. وعندئذ يذكر اسم الملك أو الرجل الذى أرخ به، فيقال: "خرف شهر يكل" أى سنة "شهريكول"، وهو ملك من ملوك قتبان. وهكذا بالنسبة إلى الملوك أو غيرهم.
 
نرى من ذلك إن التاريخ بأعوام الرجال كان يتضمن شهوراً. غير إننا لا نستطيع أن نجزم بأن هذه للشهور كانت ثابتة لا تتغير بتغير الرجال، أو إنها كانت تتبدل بتبدل الرجال، والرأى الغالب هو إنها وضعت فى وضع يلائم المواسم وأوقات الزراعة. 
 
ويظهر انهم كانوا يستعملون أحياناً مع هذا التقويم تقويماً آخر هو التقويم الحكومى، وكان يستند إلى السنين المالية، أى سنى جمع الضرائب، وتختلف أسماء شهور هذا التقويم عن أسماء شهور التقاويم التى تؤرخ بالرجال.
ويظهر أن العرب الجنوبيين كانوا يستعملون التقويم الشمسى فى الزراعة، كما كانوا يستعملون التقويم القمرى والتقويم النجمى أى التقويم الذي يقوم على رصد النجوم.
 
وقد اتخذ الحميريون منذ سنة "115 ق. م" تقويماً ثابتاً يؤرخون به، وهى السنة التى قامت فيها الدولة الحميرية -على رأى بعض. العلماء- فأخذ الحميريون يؤرخون بهذا الحادث، واعتدوه مبدأ لتقويمهم، وقد درسه المستشرقون، فوجدوه يقابل السنة المذكورة قبل الميلاد. والكتابات المؤرخة بموجب هذه الطريقة، لها فائدة كبيرة جداً فى تثبيت التاريخ.
 
وقد ذهب بعض الباحثين حديثاً إلى أن مبدأ تاريخ حمير يقابل السنة "109 ق.م" أى بعد ست سنوات تقريبا من التقدير المذكور، وهو التقدير المتعارف عليه، والفرق بين التقديرين غير كبير.
 
ومن النصوص المؤرخة، نص تأريخه سنة385 من سنى التقويم الحميرى، وإذا ذهبنا مذهب الغالبية التى تجعل بداية هذا التقويم سنة "115 ق.م"، عرفنا أن تاريخ هذا النص هو سنة 27 م تقريباً، وصاحبه هو الملك "يسر يهنعم" "ياسر يهنعم" "ياسر ينعم" ملك سبأ وذو ريدان و ابنه "شمر يهرعش". وللملك "ياسر يهنعم" نص آخر يعود تاريخه إلى سنة 374 من سنى التقويم الحميري، % أى سنة "295 م".: و لشمير يهرعش" كتابة أمر بتدوينها سنة 396 للتقويم الحميرى، أى سنة 281 م. وقد ورد اسمه فى نصوص أخرى، وقد لقّب نفسه بلقب "ماك سباً وذو ريدان"، ولقب نفسه فى مكان آخر بلقب "ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت"، مما يدل على أنه كان قد وسع ملكه، وأخضع الأرضين المذكورة لحكمه، وهى نصوص متأخرة بالنسبة إلى النصوص الأخرى.
 
ولما أراد الملك "شرحبيل يعفر بن أبى كرب أسد" "ملك سباً وذو ريدان وحضرموت ويمنت و أعرابها فى الجبال والسواحل" بناء السدود، أمر بنقش تاريخ البناء على جداره. وقد عثر عليه، وإذا به يقول: إن العمل كان فى سنة 564-565 الحميرية، وهذا يوافق عامى 449-450 من الأعوام الميلادية. 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة