تسبب تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا القاتل وتفشيه في عدد كبير من دول العالم، إلى اتخاذ المملكة العربية السعودية عددا من الإجراءات الوقائية من أجل الحد من انتشار الفيروس على أراضيها، حيث قررت تعليق الدخول إلى المملكة لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف مؤقتاً، وذلك كإجراء احترازي على خلفية انتشار فيروس كورونا الجديد (19-COVID).
بوسط مخاوف من تعطل موسم الحج لهذا العام نتيجة تفشى الفيروس، أكد عدد من علماء المسلمين على عدم جواز تعطيل الفريضة إلا بموجب أسباب كبرى بينها انتشار الأوبئة، وهى الواقعة التي لن تكون الأولى حال حدوثها حيث يذكر عدد كبير من المؤرخون أن شعائر فريضة الحج تعطلت على مر التاريخ حوالى 40 مرة.
القرامطة
بحسب موقع " دارة الملك عبد العزيز" أحد المواقع المتخصصة في التاريخ والتراث الإسلامي، فإن التاريخ الإسلامي العديد من حالات تعطل شعائر الحج، فيذكر أنه منذ العام التاسع للهجرة (وهو العام الذى فرض فيه الحج على الناس)، تم تعطيل الفريضة لنحو 40 مرة، وقد كانت الأولى، السبب فيها القرامطة، فيقول الذهبى فى كتابه "تاريخ الإسلام"، وتحديدا فى مجلد (23)، صفحة (374)، إنه فى أحداث سنة 316 هجرية "لم يحج أحد فى هذه السنة خوفا من القرامطة"، لأن القرامطة كانوا يعتقدون بأن شعائر الحج، من شعائر الجاهلية ومن قبيل عبادة الأصنام.
فى هذا التوقيت، وقف أبو طاهر القرمطى، منشدًا على باب الكعبة يوم الثامن من ذى الحجة سنة 317 هجرية، داعيًا سيوف أتباعه أن تحصد حجاج بيت الله قتلاً ونهبًا وسفكًا، فى الوقت الذى كان يشرف هو بنفسه على هذه المجزرة المروِّعة وينادى أصحابه "أجهزوا على الكفار وعبدة الأحجار، ودكوا أركان الكعبة، وخلعوا الحجر الأسود".
ويومها تعلق الحجاج بأستار الكعبة واستغاثوا بالله، فاختطفتهم سيوف هذا الطاغية من كل جانب، واختلطت دماؤهم الطاهرة وأجسادهم المحرمة، بأستار الكعبة، حتى زاد عدد من قتل فى هذه المجزرة عن 30 ألفا، دفنوا فى مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا صلاة.
كما قام القرامطة بجمع 3 آلاف جثة حاج وطمروا بها بئر زمزم وردموه بالكلية، ثم قاموا بعد ذلك بقلع الحجر الأسود من مكانه وحملوه معهم إلى مدينة "هجر" بالبحرين، حيث كانت مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم، وكان أبو طاهر قد بنى بها دارا سماها دار الهجرة، فوضع فيها الحجر الأسود ليتعطل الحج إلى الكعبة ويرتحل الناس إلى مدينة "هجر"، وقد تعطل الحج فى هذه الأعوام (يقال إنها 10 أعوام)، حيث لم يقف أحد بعرفة ولم تؤد المناسك، وذلك لأول مرة، منذ أن فرضت الشعيرة.
الفتن الداخلية وهجمات الأعراب
ذكر الإمام الذهبى في تاريخه، إن في سنة 392، ثارت العامة ببغداد على النصارى، فنهبوا البيعة وأحرقوها، فسقطت على جماعة من المسلمين، فهلكوا، وعظمت الفتنة ببغداد، وانتشر الدعار، وبطل الحج من العراق في هذه السنة.
كما يذكر الحافظ ابن عساكر: "ولي على دمشق سعد الأعسر في سنة اثنتين وسبعين ومائتين، وكان سعد الأعسر قد فتح طريق الشام للحاج؛ لأن الأعراب كانوا قد تغلبوا على الطريق قبل ولاية سعد، وكان قد بطل الحج من طريق الشام ثلاث سنين، فخرج سعد إلى الأعراب وواقعهم، وقتل منهم خلقًا عظيمًا وفتح الطريق للحاج".
ومن القبائل التي احترفت قطع الطريق على الحجاج والتي لم تتورع عن قتلهم بنو سليم وبنو هلال.
الطاعون
الحادث الثانى، يذكره ابن كثير فى "البداية والنهاية"، ويرجعه لسنة 357 هجرية، ويقول إن داء الماشرى (الطاعون) انتشر فى مكة، فمات به خلق كثير، وفيها ماتت جمال الحجيج فى الطريق من العطش ولم يصل منهم إلى مكة إلا القليل، بل مات أكثر من وصل منهم بعد الحج.
وفى سنة 390 هجرية انقطع الحاج المصرى فى عهد العزيز بالله الفاطمى لشدة الغلاء، وفى سنة 419 هجرية لم يحج أحد من أهل المشرق ولا من أهل مصر، وفى سنة 421 هجرية تعطل الحج أيضا سوى شرذمة من أهل العراق ركبوا من جمال البادية من الأعراب ففازوا بالحج، وفى سنة 430 لم يحج أحد من العراق وخراسان، ولا من أهل الشام ولا مصر.
مناسك الحج بدون المصريين
وفى سنة 390 هجرية انقطع الحاج المصرى فى عهد العزيز بالله الفاطمى لشدة الغلاء، وفى سنة 419 هجرية لم يحج أحد من أهل المشرق ولا من أهل مصر، أما فى أحداث سنة 563 هجرية، فلم يحج المصريون لما فيه ملكهم من الويل والاشتغال بحرب أسد الدين، وبعد ذلك لم يحج أحد من سائر الأقطار ما عدا الحجاز من سنة 654 إلى سنة 658 هجرية.
وفى 1213 هجرية توقفت رحلات الحج أثناء الحملة الفرنسية لعدم أمان الطريق، وفى سنة 1344 هجرية، حدث ما سمى بحادث المحمل المصرى وتسبب عنه انقطاع الحج تماما من مصر.
الطقس والفيضانات تمنع أهل العراق من الحج
يقول ابن الأثير في أحداث عام (417هـ): "في هذه السنة كان بالعراق برد شديد جمد فيه الماء في دجلة والأنهار الكبيرة، فأما السواقي فإنها جمدت كلها، وتأخر المطر وزيادة دجلة، فلم يزرع في السواد إلا القليل. وفيها بطل الحج من خراسان والعراق".
ويذكر ابن تغري بردي: "فيها كان الغرق ببغداد، وزادت دجلة إحدى وعشرين ذراعًا، وهرب الناس ووقعت الدور، ومات تحت الرّدم خلق كثير. وفيها لم يحجّ أحد في هذه السنة من العراق".
ويقول السيوطي عن أحداث سنة (417هـ): "وفيها انفرد المصريون بالحج، ولم يحج أهل العراق والمشرق لفساد الأعراب، وكذا في سنة ثماني عشرة وفي سنة تسع عشرة لم يحج أحد من أهل المشرق ولا من أهل الديار المصرية -أيضًا، إلا أن قومًا من خراسان ركبوا في البحر من مدينة مكران، فانتهوا إلى جدة، فحجوا، وفي سنة عشرين حج أهل مصر دون غيرهم".
فقدان الأمن
ويذكر موقع "دارة الملك عبد العزيز" وفى أحداث سنة 492 هجرية حل بالمسلمين ارتباك وفقدان للأمن فى أنحاء دولتهم الكبيرة بسبب النزاع المستشرى بين ملوكهم، وقبل سقوط القدس فى يد الصليبيين بخمس سنوات فقط لم يحج أحد لاختلاف السلاطين.
أما فى أحداث سنة 563 هجرية، فلم يحج المصريون لما فيه ملكهم من الويل والاشتغال بحرب أسد الدين، وبعد ذلك لم يحج أحد من سائر الأقطار ما عدا الحجاز من سنة 654 إلى سنة 658 هجرية.
وفى 1213 هجرية توقفت رحلات الحج فى أثناء الحملة الفرنسية لعدم أمان الطريق.
فساد الطريق
ويذكر ابن الجوزي: "إنه في سنة 403 ورد حاج خراسان، ووقف الأمر في خروجهم إلى مكة لفساد في الطريق، وغيبة فخر الملك، فانصرفوا، وبطل الحج من خراسان والعراق".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة