حالة من التوتر يعانى منها الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان، إثر مقتل العشرات من جنوده، في غارات أطلقها الجيش السورى في ريف إدلب في وقت متأخر من يوم الخميس، لتتضاعف معاناة أنقرة، جراء تدخلها غير الشرعى في الأراضى السورية، لدعم الميليشيات المتطرفة المتواجدة في إدلب، في تحد صارخ لروسيا، الداعمة لنظام الرئيس السورى بشار الأسد في حربه ضد الإرهاب.
المعاناة التركية لم تقتصر على مجرد الخسائر البشرية والعسكرية التي تتكبدها في إدلب، والتي أصبحت بمثابة "مقبرة" أردوغان، وإنما امتدت إلى زيادة كبيرة في تدفق اللاجئين السوريين إلى الأراضى التركية، وهو الأمر الذى يمثل ضغطا كبيرا على اقتصاد انقرة المترنح في الآونة الأخيرة، جراء انهيار قيمة العملة (الليرة)، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات التضخم بشكل غير مسبوق، وكذلك ارتفاع معدلات البطالة بصورة كبيرة.
التدفق الكبير للاجئين نحو الأراضى التركية، من شأنه، إثارة حالة من القلق لدى الغرب الأوروبى، والذى يخشى إقدام أردوغان على فتح الحدود بين بلاده ودولهم، أمام اللاجئين، مما يضعهم فى ورطة كبيرة، سواء سياسية، نتيجة الغضب العارم من النهج الذى تبنته الحكومات الغربية خلال السنوات الماضية، أو اقتصادية، بسبب تراجع معدلات النمو الاقتصادى، ارتفاع معدلات البطالة، أو أمنية بسبب احتمالات تسلل عناصر إرهابية إلى دول القارة العجوز لتنفيذ عمليات على أراضيهم.
انتصارات كبيرة يحققها الجيش السورى فى إدلب
من جانبه، قال رحمى دوغان، حاكم إقليم خطاى بجنوب شرق تركيا، إن ضربة جوية نفذتها القوات الحكومية السورية فى منطقة إدلب بشمال غرب سوريا أسفرت عن مقتل 33 جنديا تركيا وإصابة آخرين.
وأضاف أن بلاده التي تواجه موجة جديدة من المهاجرين السوريين والتي قُتل العشرات من جنودها في إدلب لن تمنع اللاجئين السوريين بعد الآن من الوصول إلى أوروبا.
التهديد التركى يمثل امتدادا لتصريحات سابقة للديكتاتور أردوغان، حول فتح الحدود التركية مع أوروبا، والسماح للاجئين باقتحام دول القارة العجوز، في محاولة صريحة لاستنهاض حلف الناتو، والتي تعد أنقرة أحد أعضائه، ودفعه نحو التدخل في معركة إدلب، لدعم الجيش التركى في معركته هناك.
كان الناتو قد أعلن، على لسان أمينه العام أندرس فوج راسموسين في 17 فبراير الجارى، أنه لن يتدخل لدعم القوات التركية في سوريا، موضحًا أن الحلف لا يفكر في أي تدخل عسكري في سوريا، وإنه يفضل حل المشكلة السورية في إطار إقليمي.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر لم تسمها، قولهم بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ترأس اجتماعا أمنيا طارئا في وقت متأخر من مساء الخميس لبحث أحدث التطورات في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.
هل تكتب إدلب نهاية أردوغان؟
ويقول مسئولون في الحكومة التركية ومصادر أخرى، إن أردوغان يشعر بصدمة من تقدم روسيا في منطقة إدلب السورية وزيادة مخاطر اندلاع صراع شامل لكنه لا يزال يأمل في التوصل لاتفاق مع موسكو قد يتيح مجالا للخروج من الأزمة.
وهنا يبقى الحل الأقرب في المرحلة الراهنة، هو أن يعود أردوغان إلى مائدة التفاوض صاغرا مع موسكو، على غرار ما حدث من قبل في 2018، عندما أجبره الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على نزع السلاح من الميليشيات في إدلب، ثم عاد مرة أخرى فى العام الماضى، عندما أجبره على الانسحاب من منطقة الشمال السورى، بحيث يقتصر وجود القوات التركية على المنطقة الحدودية.
ومن جانبها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس، إن الولايات المتحدة قلقة للغاية إزاء الأنباء التي أفادت بهجوم على الجنود الأتراك في منطقة إدلب السورية وإنها تقف إلى جوار تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي.
وقال ممثل للخارجية الأمريكية في بيان، "نقف إلى جوار تركيا حليفتنا في حلف شمال الأطلسي ونواصل الدعوة إلى وقف فوري لهذا الهجوم الخسيس لنظام الأسد وروسيا والقوات المدعومة من إيران" في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة