بكل الحزن والأسى نعت الجماهير المصرية رئيسها الأسبق حسنى مبارك، كأحد أهم رموز حرب أكتوبر المجيدة، وشخصية صنعت السلام لمصر، وجنبت شعبها مخاطر الحروب والانقسامات على مدار أكثر من 30 عاما، تم خلالها تنفيذ العديد من المشروعات الهامة على مستويات مختلفة، وإن اختلفت الرؤى والتقييمات وجدوى بعضها، بالإضافة إلى الخلاف حول إدارة البلاد في عهده، إلا أنه لا يمكن إنكار دوره كأحد الرموز الوطنية التي دافعت عن أمن مصر وترابها في الحرب والسلم.
ستظل صورة مبارك بالبدلة العسكرية أحد أهم المشاهد التي يتذكرها المصريون، خاصة أن هذه المشاهد تربينا عليها، وصارت جزء من تاريخنا، ويتم استدعاؤها في كل ذكرى عن حرب أكتوبر المجيدة، فدائما كان هذا الرجل بطلا للضربة الجوية، التي أشرف عليها بعناية فائقة، لتحقق أهدافها بصورة رائعة أذهلت العدو وجعلت مفاهيم العلوم العسكرية تتغير حول العالم، حتى أن معركة المنصورة الجوية تدرس في المعاهد والكليات العسكرية العريقة في مختلف دول العالم كأحد أهم المعارك الجوية في التاريخ الحديث.
الرئيس الأسبق حسنى مبارك كان عسكريا من الطراز الرفيع واستطاع أن ينفذ إلى أهم وأعلى المناصب خلال رحلته بالقوات المسلحة، اعتمادا على كفاءته القتالية العالية وانضباطه، فقد كان يمثل الطبقة المتوسطة ووالده كان موظفا عاديا كآلاف المصريين، ليظل واحدا من أبناء الشعب المصرى الذين يعرفون مشكلاته جيدا، ولم يكن ينتمى لطبقة ارستقراطية ثرية، بل كان ابنا لهذا الشعب.
مبارك الذى تودعه اليوم الملايين في مختلف محافظات الجمهورية، وتحزن لوفاته الآلاف حول العالم، كان نموذجا للصمود والوطنية، فقد أعلنها صريحة قبل التخلي عن الحكم أنه سيموت ويدفن على أرض مصر، وصدق في كل ما قال، وظل صامدا أمام العواصف العاتية التي شهدتها البلاد عقب ثورة يناير 2011، وكان نموذجا في احترام قوانين الوطن والقضاء العادل الذى برأه وأسرته من كل ما لحق بهم من اتهامات.
البعض يتشدق حول الجنازة العسكرية لمبارك، ولماذا تقام، إلا أن القانون كان صريحا وواضحا فالرئيس الأسبق يستحق الجنازة العسكرية لأكثر من سبب، أولها أنه كان ضمن قادة حرب أكتوبر المجيدة بنص القانون رقم 35 لسنة 1979 الخاص بتكريم أبطال الحرب، ثانيها أنه حصل على رتبة الفريق أثناء خدمته في القوات المسلحة، ثالثها أنه كان قائدا للقوات الجوية المصرية، فكل من يصل إلى هذا المنصب يستحق الجنازة العسكرية، رابعها أنه حاصل قلادة النيل وقلادة الجمهورية ووشاح النيل، وجميعها تعطى الحق لصاحبها في جنازة عسكرية، فكل هذه أسباب تعطى الرئيس الأسبق الحق في أن تكون له جنازة عسكرية تليق بتاريخه وخدمته للوطن على مدار سنوات طويلة، و كمقاتل في حروب عديدة خاضتها مصر في فترات مختلفة.
لا نملك إلا الدعاء بالرحمة والمغفرة للرئيس الأسبق حسنى مبارك، فقد فاضت روحه لتلقى وجه الله، ونسأل المولى عز وجل أن يتجاوز عن سيئاته، ويغفر له، ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة