"كانت صدمة، ولم أكن أتخيل أن صدام سيقدم على هذا العمل، دولة عربية تعتدي وتحتل دولة عربية أخرى ذات سيادة، كلام غير معقول".. كانت هذه آخر الكلمات التى نطق بها الرئيس الأسبق حسنى مبارك خلال حوار مع صحيفة الأنباء الكويتية مايو 2019 عن الغزو العراقى للكويت اغسطس 1990، لتعبر عن حالة التشرزم العربى التى تصدرت المشهد آنذاك، والدور الذى لعبه اقليميا للحيلولة دون ن سقوط لأمة العربية فى الهاوية، وتحولها لجثة هامدة فى تسعينيات القرن الماضى.
أغسطس الثائر
مع الامير الشيخ صباح الاحمد_
فجر الـ 2 من اغسطس 1990 اجتاحت الجيوش العراقية بقيادة صدام حسين العراق، حدث شكل منعطفا تاريخيا جديدا فى الشرق الأوسط وفى اللحمة العربية، يروى مبارك وفقا لتقرير للأنباء الكويتية: «يوم 2 اغسطس الساعة الرابعة والنصف صباحا، وانا باقول ان شاء الله اغسطس ده يكون هادئ مرة سنة من سنوات الحكم، بس الواحد يستريح اسبوع، قالوا لي: الحق، الاعتداء، والموضوع خطير، جالي شلل في التفكير، انا أصلي راجل عسكري، وعارف تطور الاحداث دي كويس قوي، واقدر اعمل لها تقدير، لأن انا اشتركت في حاجات من دي كثيرة، وعملنا تقديرات مواقف كثيرة في حاجات اصعب من دي بكثير، قمت صحيت، وقعدت مش قادر اصدق اللي بيحصل، العراق والكويت بلدان عربيان عضوان في جامعة الدول العربية، عانوا مع بعض في حرب، ده انضرب، وده انضرب، وده ساعده بفلوس، الحقيقة انا بقيت مذهول، مش قادر اصدق نفسي ابدا».
قمة فى القاهرة بعد أيام من الغزو
في قمة القاهرة الطارئة في اغسطس 1990
وبينما كان الصف العربى منقسما بين تأييد الاقدام العراقى و تشجيبه، اتخذ مبارك موقفا داعما للكويت انطلاقا من الدور الاقليمى المصرى والوقوف إلى جوار أشقاءه من العرب، وفى الـ 8 من اغسطس دعا لعقد لقمة عربية طارئة احتضنتها القاهرة، وطالب بحل المشكلة فى الإطار العربى بعيدا عن تبادل الاتهامات والتراشق، فضلا عن الاتصالات الدولية التى كانت يجريها فى هذه الفترة مع زعماء وقادة العالم، ووفقا لمذكرات وزير الخارجية المصرى آنذاك عمرو موسى تم تأجيلها إلى يوم 10 اغسطس، لتأخر وصول الأمانة العامة للجامعة العربية إلى القاهرة، فضلا عن تأخر وصول عدد من الرؤساء والملوك، وتحفّظ البعض.
مع ولي العهد الشيخ نواف الاحمد _
وذكر الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل في كتاب "حرب الخليج: أوهام القوة والنصر"، "كانت الحالة فوضوية وتؤكد العجز العربي التامّ في تلك الفترة".. و"إمكانيات الوصول إلى حل عربي للأزمة تتلاشى". ورغم حالة التشرزم الواضحة فى التصويت على مشروع قرار بادانة الغزو، ظلت جهود مبارك قائمة للوقوف إلى جانب الكويت، ورغم تمادى الغزو العراقى، واعلان صدام الكويت المحافظة العراقية الـ 19 ، قرر مبارك ارسال قوات مصرية للدفاع عن الكويت والتصدى للعدوان انطلاقا من اتفاقية الدفاع العربي المشترك فأرسل نحو 40 الف جندي لنصرة الكويت، وقال هيكل فى كتابة "راحت مصر تستعد لإرسال مقدمة إدارية تستطلع أماكن إيواء القوات عندما يجيء وقت تمركزها في السعودية".
دور حسنى مبارك القوى فى ذلك الوقت وتمسكه بعلاج القضية عربيا واخراج الأمة العربية من حالة التشرزم والسقوط فى الوحل، تحدثت عنه وثائق حكومية بريطانية افرج عنها فى ديسمبر 2011، حيث قالت أن الرئيس العراقى صدام حسين حاول دفع رشوة لمبارك تقدر بنحو 25 مليون دولار لتأييد الغزو آنذاك عبر الرئيس اليمنى المخلوع على عبد الله صالح، فكان رد مبارك قاطعا بالرفض، وظل يناهض العدوان العراقى فى موقف ثابت لم تنساه الكويت حكومة وشعبا حتى اليوم.
القوات المصرية الباسلة في حرب تحرير الكويت حاملة صور الرئيس الراحل
وفى وصفها للموقف، وصفت صحيفة الأنباء الكويتية فى تقرير نشر فى عام 2011، موقف الرئيس الأسبق مبارك فى أزمة احتلال الكويت بأنه "موقف الزعيم القائد الملتزم بقضايا العروبة والشعوب العربية إذ سعى بموقفه الرافض بشدة للاحتلال العراقى لحقن دماء الأشقاء العرب، حيث حاول بكل ما أوتى من عزم وقوة وخبرة وحنكة، لإقناع صدام حسين بسحب قواته من الكويت، لكنه أصر على الاستماع لصوت شيطانه، واستمر فى غيه وحقده".
مبارك محييا القوات المصرية التي شاركت في حرب تحرير الكويت_
واختتمت الصحيفة تعليقها بقولها بأن مكان الرئيس المصرى القلب والفؤاد فى قلوب الكويتيين الذين يكنون له كل معانى التقدير وعواطف المحبة ومشاعر العرفان وفاء لعلاقاته الطيبة مع بلدنا ولدوره الذى سيبقى محفورا ابد الدهر فى قلوبنا وعقولنا وذاكرة شعبنا وحكامنا ومسطرا بحروف من ذهب فى تاريخ وطننا الذى كتب اسم الرئيس مبارك عاليا وخالدا وشامخا دائما وأبدا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة