تشكل قضية عودة المقاتلين الأجانب لدى تنظيم داعش وأسرهم مشكلة كبيرة لدى دول القارة الأوروبية خلال السنوات الأخيرة، ويخشى الأوروبيون من عودة المقاتلين الأجانب الذين يحملون أفكار تكفيرية ومتشددة وهو من شأنه زعزعة أمن واستقرار دول القارة العجوز.
ولعل أبرز ما يقلق دول القارة الأوروبية وعدد من الدول الأجنبية هي الأفكار المتطرفة التي تشبع بها المقاتلين الأجانب القادمين من دول الصراع، وتخوفهم من خلق تلك العناصر لخلايا عنقودية لها لنشر الأفكار المتشددة والقيام بأعمال عدائية في الدول الغربية.
وبجانب المقاتلين الأجانب في صفوف داعش فهناك أطفال التنظيم المتطرف، فقد أشارت أرقام وإحصائيات متتالية تصدر عن دراسات وتحقيقات بحثية وإعلامية عالمية حول تغير أعداد هؤلاء الأطفال ومصيرهم عقب وصول قوات الأمن فى سوريا والعراق إليهم، أو عندما يتم ترحيلهم إلى بلدانهم، ولكن الأزمة لم تنته حتى الآن وما زالت التخوفات قائمة لدى الدول من هؤلاء الأطفال الذين تربوا وتشبعوا بتدريبات وعقيدة العنف التى تلقوا فى معسكرات تنظيم داعش.
وتعد تركيا أحد أبرز الممرات التي يلجأ إليها المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم داعش للانتقال إلى دول القارة الأوروبية، وتوفر بعض الشبكات المرتبطة باتصالات مع المؤسسات الاستخباراتية التركية جوازات سفر مزورة لعناصر التنظيم، فضلا عن الشبكات والخلايا العنقودية التي توفر جوازات السفر وممرات تنقل المتشددين إلى الدول الغربية.
ووضعت عدد من الدول الأوروبية معايير محددة للتعاطى مع المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم داعش، حيث يتم التعامل معهم بحسب بحسب التحقيق الجنائى وتقييم المخاطر، كما يتم توفير برامج إعادة تأهيل وإعادة اندماج سواء داخل السجون أو خارجها، ومن بين الإجراءات المتبعة فرض قيود على الحركة، بل وسحب جواز السفر أو رفض إصداره.
وكشفت تقارير إعلامية عن تبنى دول الاتحاد الأوروبى سياسة "كل حالة لها خصوصيتها" بالنسبة للأطفال العائدين وأغلبهم ولد فى العراق وسوريا بعد عام 2012، ففى بريطانيا، أغلب العائدين إلى بريطانيا يواجهون تحقيقات أمنيا مباشرا لمعرفة ما مروا به وتحديد حجم الخطر الذى يمثلونه وإمكانية إعادة الاستقرار الآمن لهم، وفى حالة عدم ارتكاب جريمة يتم وضعهم فى برامج مكافحة التشدد والتى تتضمن مراقبة مكثفة ودعم من متخصصين نفسيين.
وتحتجز قوات سوريا الديمقراطية الكردية في الشمال السورى الالاف من عناصر تنظيم داعش الإرهابى والمقيمين في مخيمات تحت حراسة مشددة، وتنسق عدد من الدول الأوروبية مع القوات الكردية للتشاور حول إمكانية استرداد بعض الدول لمواطنيها الذين انخرطوا مع تنظيم داعش في سوريا والعراق خلال السنوات الماضية.
إلى ذلك، اختتم في فيينا منذ أيام مؤتمر إقليمي رفيع المستوى حول التحديات التي يطرحها وجود المقاتلين الإرهابيين الأجانب.
ونظم المؤتمر مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وحكومة سويسرا، بحضور أكثر من 400 مشارك يمثلون أكثر من 70 دولة.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن الهدف من هذا المؤتمر هو مواجهة التحديات التي يشكلها المقاتلون الإرهابيون الأجانب، مثل عودتهم المتوقعة من العراق وسوريا، وكذلك إعادة النساء والأطفال المرتبطين بهم.
قال وكيل الأمين العام لمكتب مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، فلاديمير فورونكوف إنه "يتعين على المجتمع الدولي أن يؤكد ويسترشد بمبادئ المسؤولية الجنائية الفردية، وافتراض البراءة، والحق في الاستئناف، ومعايير العدالة المعترف بها دوليا."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة