يعرف سكان الواحات أن "مناور عين اللبخة" بالوادى الجديد، كانت مهرا لابنة ملكة الواحات، قدمه لها ابن الملك مينا كطلب من والدها حينما تقدم لخطبتها، وكان المهر عبارة عن 16 منور صخرى يحمل المياه من باطن الأرض إلى سكان المنطقة، من خلال فتحات مكشوفة، وبالفعل تم إنجاز العمل وهو رواية شعبية يتوارثها أهالى مدينة الخارجة، منذ قديم الزمان وحتى الآن .
ومناور اللبخة، من أحد أهم المواقع البيئة القديمة فى مدينة الخارجة بمحافظة الوادى الجديد، والتى تقع على بعد حوالى 43 كيلو متر من مدينة الخارجة ،فى عمق الجبال، وكانت قديما مركزا لالتقاء خطوط سير القوافل التجارية الوافدة من درب الأربعين ومرورا بالواحات، واستغلها قدماء اليونان والرومان فى إنشاء مركز تجاري يضج بالحياة والعمران، ولم يتبق منها سوى 5 مواقع أثرية، وهى قلعة بيريس والمعبدين الشمالى والجنوبى والحصن والمناور،والتى ظلت مهملة لمئات السنين .
وكانت المناور معروفة فى العصر الفارسى، وأصبحت طريقة الري الرئيسية فى فترة العصر اليونانى والرومانى، فبرعوا فى حفرها وتطهيرها وعمل شبكة رى ولكون مصر فى العصر الرومانى، هى سلة الغلال فتوسعوا فى إنشاء المناور واستخدامها فى الرى وتوفير المياه، داخل تلك الصخور الرملية التى لها قدرة على الاحتفاظ بالمياه ولا تسمح بنفاذها أو تسربها .
وبدأ الاهتمام بمناور عين اللبخة ،بصفة ذاتية من أحد سكان المنطقة، والذى أفنى عمره من أجل الحفاظ على هذا المكان، حبا فيه وحتى لا تطاله يد التلوث فهو يدرك مدى قيمة وأهمية تلك العيون والمناور المائية ، وهو الحاج سيد حسنين طليب من أهالى الخارجة، ورغم أنه فى العقد السابع من عمره ،ولكنه مازال يعمل ويقيم بصفة دائمة فى المكان ،ويساعده فى ذلك نجله سعيد ،حيث يقوم بتطهير مناور المياه يوميا وأنشأ منتزه بيئى وحمام سباحة علاجى بالطاقة الشمسية ،بدعم من المحافظة ومنحة من السفارة الإيطالية، ويستقبل رواد المكان من السياح والمصريين بصورة غير منتظمة .
وقال عم سيد فى تصريح خاص لــ" اليوم السابع " أن تلك المنطقة عبارة عن عدد من المناور القديمة التى يصل عددها إلى حوالى 16 ممر، وتنتهى بعدد من الفتحات الخارجية التى يتم استخراج الماء منها، وقام بحصرها وتحديد أماكنها بواقع 75 فتحة حتى نهاية السفح الجبلى فى المنطقة، مؤكدا أن عوامل التعرية وزحف الرمال أدى لردم أغلبها ،حيث قضى عقود من الزمن وهو يقوم بتطهير تلك الممرات وتسليك مجرى المياه داخلها .
وأضاف أن هذه الأعمال تحتاج لجهود وعمالة وتكلفة كبيرة حتى يتم إحياء المنطقة فعليا لأنها تعتبر بيئة طبيعية معزولة ولها خصوصية كبيرة يحسها كل من يزور المكان ولكن بسبب الاهمال منذ مئات السنين كادت المنطقة أن تندثر ومع اهتمام الحكومة والمحافظين بها بدأت ترى النور مرة أخرى حيث أن جهود المحافظين بداية باللواء الراحل أحمد مختار وانتهاء باللواء محمد الزملوط المحافظ الحالى ،أسفرت عن تخصيص ميزانية ومنح لإحياء منطقة اللبخة مرة أخرى ،وقام بجهوده الذاتية بتحويل المنطقة لمزار بيئى بسيط يقصده السياح والأهالى للحصول على المياه النقية، والتى يقدمها مجانا للراغبين فى تذوقها والاستفادة منها .
ويؤكد عم سيد أن هذه المياه قام مختصون من فرنسا والمانيا بتحليلها ،وتبين أنها بالغة النقاء وبالممارسة يطلبها الأهالي بعد تجربة فوائدها، حيث أنها تحتوى على عناصر طبيعية مفيدة للجسم ، ونشرت عنها العديد من الدوريات الاجنبية والمجلات السياحية نظرا لأهميتها وغرابة تكوينها وتدفقها، مطالبا بتعزيز الجهود نحو توفير العمالة التى تساهم فى استكمال جهود التطهير وفتح باقى المناور الجبلية فى المنطقة .
ويحتفظ عم سيد بدفتر زيارات هو الأقرب إلى قلبه ، حيث يحرص دوما على أن يطلب من زوار المكان أن يكتبوا كلمة فى هذا الدفتر عن انطباعهم عما شاهدوه فى المكان وهو الدفتر الذى يحمل توقيعات شخصيات هامة ومسئولين رفيعى المستوى ممن زاروا المكان وكان من بين من سجلوا رأيهم وانطباعهم عن المكان هو اللواء محمد الزملوط المحافظ الحالى للإقليم والذى افرد صفحتين تحدث فيهم عن رأيه فى المكان وما جرى من توجيه بالدعم وشكره لجهود عم سيد على ما يقوم به من خدمة ورعاية للمكان .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة