يقود شغف التعرف على ثقافات الشعوب الأخرى إلى نوع من التعايش المشترك وخوض تجارب متعددة لفهم بيئات قد تكون غريبة على البعض، والاستمتاع بمغامرة اكتشاف كل جديد فى الطبيعة والعادات والمأكل والمشرب فى بلدان أخرى غير هذا الوطن الذى نشأنا وتربينا فيه.
وفى هذا السياق، اختارت سيدة يابانية شق طريق استكشاف على طريقتها الخاصة، لتعيش تجربة مميزة مع السعوديين والسعوديات فى منازلهم، مبتعدة عن الفنادق السياحية الفخمة، لتتعرف عن قرب وتلمس بنفسها طبيعة الحياة اليومية للعائلات السعودية، لتكون بذلك قد قامت بما يمكن تسميته "سعودة" حياتها.
ونشأت اليابانية آنا آيكو، بين ثقافتين غربية وشرقية فى (اليابان وفرنسا)، بينما زارت السعودية مرتين وقطعت صحراء الربع الخالى فى 26 يومًا، وزارت مختلف مناطق السعودية، وفى حديثها مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، أوضحت تفاصيل زيارتها، واصفة أن حلمها أصبح واقعاً، فطالما حلمت بزيارة السعودية من صور متنوعة كانت تملأ منزل عائلتها فى العاصمة اليابانية طوكيو، كان والداها قد التقطاها قبل أكثر من 40 سنة، حين كانا يعملان هناك.
وتعشق آيكو، السعودية وتعرف خصائص الجمال فيها ومكامنه كما تعرف ركوب صحرائها، والسبب يعود لأيام كثيرة عاشتها فى البادية ووفق أحكام الصحراء وقوانينها، حيث لا رفاهية، ولا وفرة بالطعام، وقدرة السير تحت أشعة الشمس الحارة، والتعامل مع العواصف الرملية لدى هبوبها، إضافة إلى تجربتها العيش بين الأسر السعودية، بعد تعرفها بأيام قليلة على صديقات سعوديات.
أول زيارة قامت بها السائحة اليابانية آيكو، البالغة من العمر 40 عامًا، إلى السعودية، كانت فى فبراير عام 2019، حيث بقيت ثلاثة أشهر، وكانت قد جاءت للمشاركة فى مسابقة عبور صحراء الربع الخالى على ظهور الجمال، عُرفت باسم "ركايب"، وعلى الرّغم من مشقة الرّحلة صمدت آيكو ولم تنسحب كالكثيرين، ووصلت إلى نهاية المسار قاطعة أكثر من 650 كم على مدى 26 يوماً.
ومن خلال تجربتها تلك، تعمل آيكو، اليوم، على إصدار كتاب عن رحلتها فى "ركايب"، وتقول: "أريد أن أظهر للعالم بصور التقطتها.. هذا الجمال العربى غير مرئى"، وإضافة إلى ذلك، فقد نشرت صوراً عن جمال السعودية عبر صفحاتها فى منصات التواصل الاجتماعى مثل "انستجرام".
وتجولت "آيكو" فيما يقر 14 مدينة وقرية سعودية، عابرةً مختلف المناطق من الرياض إلى جدة وتبوك والدمام والخبر والهفوف والأحساء والقصيم والطائف والقنفذة وجازان وجزر فرسان وأبها ووادى الدواسر وغيرها ولم تغفل عنها الأودية والمواقع التى يصعب زيارتها، ومن الأشياء المثيرة فى رحلتها، أنها كانت تعيش معظم أيامها فى منازل صديقاتها السعوديات، اللاتى سرعان ما تعرفن عليها واستضفنها فى منازلهن، لتعيش تفاصيل حياة الأسرة السعودية من قلب المنازل.
أما الزيارة الثانية، فكانت بعودة اليابانية آيكو، فى يناير الماضى، لحضور مهرجان الملك عبد العزيز للإبل، وخلال هذه الزيارة مرت على بعض القرى والمحافظات القريبة من العاصمة الرياض، وعن انجذابها الكبير للسعوديين وحياتهم، تقول آيكو، إن والديها عاشا فى المملكة مدة عامين، وكان والدها يتردد على السعودية فى رحلات عمل، مضيفة أن الصور عن السعودية التى زينت جدران منزل أهلها فى السعودية حيث ترعرعت، شكلت لها نوعاً من القصص الخيالية، وأن بعض الأفلام والروايات عن المملكة كانت مصدر إلهام لها مثل فيلم ملكة الصحراء "Queen of the Desert"، إضافة إلى المستكشفون مثل "لورنس العرب".
وتتابع أن حلمها بزيارة السعودية بات حقيقة واقعة، واليوم تستطيع بعد تجربتها أن تصف كل هذا الجمال الطبيعى الذى يميز المملكة بثقافتها وتقاليدها، وتصفه بالجمال المخفى، وهى تسعى وتتمنى أن تنقله إلى العالم بأسره بصورها، فهى متخصصة فى التصميم الجرافيكى، إضافةً إلى عملها لسنوات طويلة فى مشاريع مع مصورين عالميين.
وتقول آيكو، إنها فوجئت بالمجتمع السعودى، حيث شعر أنها محاطة بالحب، من خلال الترحيب بها وحسن الضيافة، وكيف يساعد الناس بعضهم بعضاً. وتتابع أنهم "كعائلة كبيرة يعيش أفرادها فى مكان واحد، وهم من ساعدوها على اكتشاف ومشاركة جمال بلادهم".
وعن القواسم الثقافية المشتركة بين السعودية واليابان، تقول آيكو: "متعدّدة هى، بين نمط الترحيب بالضيف وتكريمه، وثقافة تقديم الشاى نفسها فى السعودية كما فى اليابان، وهذا الاحترام والرعاية فى التعامل بين أفراد الأسرة، إضافة إلى الاهتمام الكبير بالتراث والثقافة والتقاليد، وفى الوقت نفسه المشاركة فى أحدث التقنيات".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة