سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 30 ديسمبر 1948.. أول مشروع صداقة بين مصر وإسرائيل أرسله إسرائيليون إلى الملك فاروق عن طريق رئيس ديوانه إبراهيم عبدالهادى باشا

الأربعاء، 30 ديسمبر 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 30 ديسمبر 1948.. أول مشروع صداقة بين مصر وإسرائيل أرسله إسرائيليون إلى الملك فاروق عن طريق رئيس ديوانه إبراهيم عبدالهادى باشا الملك فاروق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلقى الدكتور محمد حسين هيكل باشا، رئيس مجلس الشيوخ المصرى، مظروفا مغلقا بمقر إقامته فى فندق «لوتسيا» بباريس يوم 30 ديسمبر، مثل هذا اليوم 1948، وذلك أثناء مشاركته فى اجتماع اللجنة التنفيذية للبرلمان الدولى.
 
فض «هيكل باشا» المظروف فإذا به يحتوى على مشروع معاهدة الصداقة، الذى قدمته إسرائيل إلى إبراهيم عبدالهادى باشا رئيس الديوان الملكى، ليرفعه بدوره إلى الملك فاروق، وعرف «هيكل باشا» به بالصدفة أثناء مقابلته لشابين إسرائيليين فى باريس، وذلك بعد أن اتصل به أحدهما، ونقل إليه رغبة إسرائيل فى عقد معاهدة سلام مع مصر، وأنها أرسلت مشروع اتفاقية بذلك إلى «عبدالهادى باشا»، ففوجئ هيكل باشا، وطلب منه إرسال صورة من هذا المشروع إليه، حسبما يذكر فى الجزء الثالث من مذكراته «مذكرات فى السياسة المصرية».. «راجع، ذات يوم، 28 و29 ديسمبر 2020».
 
قرأ «هيكل باشا» مقدمة المشروع ومواده ويصف حالته: «تولانى العجب أشد العجب، لقد صبغ على غرار المعاهدة المصرية البريطانية سنة 1936، لكن إسرائيل تملى فيه على مصر ما هو أقسى مما ورد فى معاهدة 1936، فالدولتان الساميتان المتعاقدتان «مصر وإسرائيل» يجب ألا تتخذ أيهما سياسة فى البلاد الأخرى تناقض سياسة الدولة الأخرى، ويجب أن تقف أيهما لنجدة الدولة الثانية إذا تعرضت للاعتداء، ويجب أن تعامل كلتاهما بشروط الدولة الأكثر رعاية فى أراضى الدولة الأخرى، إلى غير ذلك من شروط أثارت دهشتى، حتى لقد ظننت أن المشروع لم يجرؤ أحد على إرساله إلى مصر، وأنهما أخبرانى بذلك ليقفا على رأيى فيما تعتزم بلادهما التقدم به إلى الدولة العربية الكبرى».
 
يتذكر «هيكل باشا»، أن الشابين الإسرائيليين حضرا فى صباح اليوم التالى «31 ديسمبر 1948» ليستمعا إلى رأيه فى المشروع.. يقول: «سألتهما من جديد: أحقا أن هذا المشروع أرسل إلى مصر؟ فأكدا أنه أرسل إلى الديوان الملكى، وأنه سلم إلى رئيسه إبراهيم عبدالهادى باشا، وأن الحكومة المصرية لا بد قد اطلعت عليه».. يذكر هيكل باشا: «قلت، ولكنكما تعلمان أن المصريين جميعا يعترضون اليوم أشد الاعتراض على معاهدة سنة 1936، فليس بينهم حزب، وليس بينهم رجل سياسى يستطيع أن يصرح اليوم بأنها مرضية لمطالب وطنه، فكيف تطمعون أنتم فى أن ترضى أى حكومة مصرية عن هذا المشروع الذى أطلعتمانى عليه وهو أشد وطأة على مصر من معاهدة 1936.. قالا: «ولكن توقيع معاهدة بيننا وبين مصر سيكون المقدمة لإلغاء معاهدة 1936، فستعمل إسرائيل بما لديها من مختلف الوسائل لتعاونكم على إلغائها».
 
يؤكد هيكل باشا، أن كلام الشابين استفزه، وقال لهما: إن مصر قادرة بمفردها على تحقيق أهدافها، وستبلغ ما تريد عما قريب، قالا: إذن فأشر علينا بما يجب أن نصنعه لنوطد بيننا وبين مصر علاقة مودة وصداقة؟
 
تحول «هيكل باشا» فى إجابته إلى ناصح، وكأن إسرائيل دولة طبيعية، وكأن ما بينها وبين مصر مجرد خلافات بين جارتين.. يذكر أنه رد على الشابين قائلا: لا تظنوا أن الموقف الحاضر يعاون على أى إجراء رسمى يحقق هذه الغاية، فلا تزال الخصومة بين مصر وإسرائيل على أشدها، ومصر إلى اليوم لم تعترف بإسرائيل، ولست أظن أنها تعتزم الاعتراف بها عما قريب، أما وقد سألتمانى أن أشير عليكما، فالرأى عندى أن تتركا الأمور عاما أو عامين أو ثلاثة، وألا تثيروا أنتم أية ثائرة من جانبكم، وكثيرا ما حل الزمن مشكلات عجز أقدر الساسة وأمهرهم عن حلها، فالزمن هو الذى يثبت من الأشياء ما هو قادر على الحياة، ويمحو ما هو غير قادر عليها، أما إذا تعجلتم الأمور، فأخشى ألا تبلغوا من تعجلكم إلى غاية مع مصر أو غير مصر».
 
عاد «هيكل باشا» إلى مصر بعد أسبوع من انتهاء أعمال اللجنة التنفيذية وبعد أن تألفت وزارة إبراهيم باشا عبدالهادى، خلفا للنقراشى باشا الذى اغتالته جماعة الإخوان فى جريمة آثمة يوم 28 ديسمبر 1948.. يتذكر: «تشرفت بمقابلة جلالة الملك، وأفضيت فى هذه المقابلة بموجز من أعمال اللجنة التنفيذية، وبتفصيل ما دار بينى وبين هذين الإسرائيليين، وما دار بينى وبين ميسو إلياهو ساسون حين كنت فى جنيف «سبتمبر 1948»، فابتسم جلالته بعد أن أتممت حديثى وقال: لقد بلغ من أمر هؤلاء القوم أن خاطبونى مباشرة بخطاب بعثوا به، وكان أمامهم طريق الحكومة أو طريق الديوان».   








الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة