محمد أحمد طنطاوى

الاستثمار العقارى وقراءة فى دفتر الأرقام "2"

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020 11:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اتصالات هاتفية شبه يومية من شركات عقارية، تعرض خدماتها وتسوق لشقق وفيلات بمساحات مختلفة، وأظن أنهم يتبادلون بيانات العملاء أو يحصلون عليها من شركات الاتصالات، وبمجرد أن تتصل بك واحدة، سرعان ما تجد البقية تتوالى، وقد تعمدت التواصل مع كل الشركات لأجمع ما أريد من معلومات عن مناطق سكنية ومدن بعينها، وأضع تصوراً وتقديراً صحيحا لأسعار العقارات.

كانت البداية من الشركات التى تعمل فى منطقة حدائق أكتوبر، وهذه منطقة جديدة ومتسعة، وبعض شركاتها تبيع بأسعار متوسطة ما بين 3 إلى 4 آلاف جنيه للمتر المربع، بينما البعض الآخر يبيع بأسعار مبالغ فيها، تصل إلى 10 آلاف جنيه للمتر، والفارق هنا مرتبط بعدة عوامل، أولها وقوع المنطقة ذات الأسعار المتوسطة فى منطقة أرض المستثمرين، وهى مخصصة بالأساس لإقامة منشآت تخص عمال المصانع الموجودين فى 6 أكتوبر، وثانيها أنه يتم تسويقها وبيعها باعتبارها مجتمعات سكنية صغيرة "مينى كمبوند"، وهذا النوع من المسكن لا يفضله أغلب المستهلكين، خاصة إن كانت المنطقة الأمامية تتميز بواجهة مباشرة على طريق الواحات، ونظام المجتمع السكنى، المتكامل المتوفر فيه كل الخدمات مثل المدارس والمستشفيات، والنوادى.

كل الشركات التى تواصلت معها فى منطقة حدائق أكتوبر تمنح ميزة التسليم الفورى، مع إمكانية التشطيب الكامل أو المتوسط، إلا أن جزء من مشكلة التسويق العقارى بشكل عام أن القائمين عليه يضغطون لاتخاذ القرار الشرائى بسرعة مبالغ فيها، وكأن الموضوع يتعلق باحتياجات الأسبوع من السوبر ماركت، أو شراء ملابس الشتاء فى عروض " البلاك فرايداى"، وهذا بدوره يساهم فى "تطفيش" الزبائن، بعدما يتحول الأمر إلى مطاردات هاتفية، وملاحقات على الواتس آب.

الشركات التى أتحدث عنها تعانى مشكلة مرتبطة بتوفير السيولة والتوسع فى أنشطتها خلال الفترة المقبلة، خاصة فى شرق القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة، وبالطبع يحد هذا من إمكانياتها على الوفاء بمتطلبات السوق، وقدرتها على الاستمرار.

الحال فى العاصمة الإدارية الجديدة ليس أفضل كثيرا من 6 أكتوبر، بل قد نجد متغير أساسى فى المشهد، وهو أن الوحدات السكنية التى تنفذها الحكومة، هى الوحيدة الجاهزة للسكن، ومضمونة باعتبار الدولة هى المنظم والراعى الرئيسي، بينما باقى الشركات حتى الكبيرة منها، تحصل على مقدمات حجز بنسب بين 25 - 30٪، والتسليم بعد فترة من 3 إلى 4 أعوام، وأقساط شهرية، تجعلك تسدد 80٪ من ثمن الوحدة خلال الفترة المذكورة، وهذا يوفر للشركات السيولة اللازمة للتوسع والبناء، لكنه يؤثر على حجم مدخرات الأفراد.

طول المدة الخاصة باستلام الوحدات السكنية، أحد العوامل المؤثرة على التسويق العقارى خلال الوقت الراهن، فلا يقبله المستهلك فى الأغلب، خاصة أنه لا يحصل على أى عائد خلال السنوات التى تسبق الاستلام، مع العلم أن الشركات تحصل على الجزء الأكبر من ثمن الوحدة، وتمول عملية البناء والتجهيز من جيب المستهلك، قبل الاستلام، وهذا يضرب الاستثمار بتلك الوحدات فى مقتل، خاصة أن العقارات لم تعد تحقق الطفرات السعرية والتغيرات الحادة كما كان الحال بعد تعويم الجنيه مباشرة.

يغيب عن الكثير من الشركات العقارية أن ودائع القطاع العائلى لدى البنوك المصرية تصل إلى 3.4 تريليون جنيه، وفقا لآخر البيانات المتاحة فى البنك المركزى، في نهاية سبتمبر 2020، وهذا يؤكد بطبيعة الحال أن هناك أموالاً مكدسة لدى البنوك، أغلبها في شهادات وودائع ادخارية مرتفعة العائد، ولن تخرج للقطاع العقارى إلا إذا كانت هناك فرص حقيقية تشجع على الاستثمار، خاصة فى ظل التأثير الجائح لفيروس كورونا على المجتمع، وفقدان عشرات آلاف من الوظائف، بما يجعل الأوعية الادخارية الاختيار الأول مادام السوق العقارية خالٍ من الفرص.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة