كانت الأحداث التى أعقبت موقعة أحد حزينة، فعدد لا بأس به من الصحابة يتقدمهم سيدنا حمزة بن عبد المطلب قد استشهدوا فى سبيل الله، وقد صلى النبى عليه الصلاة والسلام عليهم، فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير، تحت عنوان "الصلاة على حمزة وقتلى أحد":
وقال ابن إسحاق: وحدثنى من لا أتهم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: أمر رسول الله ﷺ بحمزة، فسجى ببردة، ثم صلى عليه، فكبر سبع تكبيرات، ثم أتى بالقتلى يوضعون إلى حمزة، فصلى عليهم وعليه معهم، حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة.
وهذا غريب وسنده ضعيف.
قال السهيلي: ولم يقل به أحد من علماء الأمصار.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد، حدثنا عطاء بن السائب، عن الشعبي، عن ابن مسعود قال: إن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين، فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر أنه ليس أحد منا يريد الدنيا، حتى أنزل الله: {منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم}.
فلما خلف أصحاب رسول الله ﷺ وعصوا ما أمروا به، أفرد رسول الله ﷺ فى تسعة - سبعة من الأنصار واثنين من قريش وهو عاشرهم - فلما رهقوه قال: "رحم الله رجلا ردهم عنا..." فلم يزل يقول ذا حتى قتل السبعة، فقال رسول الله ﷺ لصاحبيه: "ما أنصفنا أصحابنا" فجاء أبو سفيان فقال: اعل هبل؟
فقال رسول الله ﷺ: "قولوا الله أعلى وأجل" فقالوا: الله أعلى وأجل.
فقال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم.
فقال رسول الله ﷺ: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم".
ثم قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، يوم لنا ويوم علينا، ويوم نساء ويوم نسر، حنظلة بحنظلة، وفلان بفلان.
فقال رسول الله ﷺ: "لا سواء أما قتلانا فأحياء يرزقون، وقتلاكم فى النار يعذبون".
قال أبو سفيان: قد كانت فى القوم مثلة، وإن كانت لعن غير ملأ منا ما أمرت ولا نهيت ولا أحببت ولا كرهت ولا ساءنى ولا سرنى.
قال: فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه، وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها.
فقال رسول الله ﷺ: "أأكلت شيئا؟"
قالوا: لا.
قال: "ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة فى النار".
قال: فوضع رسول الله ﷺ حمزة فصلى عليه، وجىء برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه، فرفع الأنصارى وترك حمزة، وجىء بآخر فوضعه إلى جنب حمزة فصلى عليه، ثم رفع وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة.
تفرد به أحمد وهذا إسناد فيه ضعف أيضا من جهة عطاء بن السائب، فالله أعلم.
والذى رواه البخارى أثبت حيث قال: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله أخبره: أن رسول الله ﷺ كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد فى ثوب واحد، ثم يقول: "أيهم أكثر أخذا للقرآن؟".
فإذا أشير إلى أحدهما قدمه فى اللحد، وقال: "أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة" وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلوا.
تفرد به البخارى دون مسلم، ورواه أهل السنن من حديث الليث بن سعد به.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة