عقد البرلمان الأوروبى يوم الجمعة 18 ديسمبر 2020 جلسة خاصة لمناقشة ما أسماه "وضع حقوق الإنسان فى مصر"، وانتهت الجلسة بإصدار بعض التوصيات للحكومات الأوروبية حيال هذا الملف.
ووفق تقرير لـ "المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية"، فأن هذا التطور الجديد فى العلاقات المصرية الأوروبية بعد سنوات من عدم التصعيد فى الملف الحقوقى يعيد للأذهان محاولات ابتزاز مصر فى سنوات إدارة جورج بوش الابن ) 2001 – 2009 ( ثم إدارة باراك أوباما ( 2009 – 2017 ( بملفات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى وحرية الصحافة وحالة الديمقراطية.
التصعيد الأوروبى الجديد يركز على حال ملف حقوق الإنسان فى سنوات الرئيس عبد الفتاح السيسى، عقب انتخابه للمرة الأولى فى صيف 2014 عقب ثورة 30 يونيو 2013 . ومع متابعة الجلسة، يتضح أن اللبس والخلط المتعمد فى سنوات بوش الابن وأوباما بين حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب لا يزال حاضرا، وأن مصطلح حقوق الإنسان الذى يستغله الغرب قد أصبح حصر ى ا على الجماعات الإرهابية المسلحة ومن يدافع عنها أو يوفر لها السلاح أو يقدم كتابات نقدية وبحثية تروج لها، ما يعنى عمليا أن مصطلح حقوق الإنسان قد تم تسييسه لصالح الجماعات الإرهابية والظهير المدنى والحزبى والحقوقى لهذه الجماعات.
دمج بين حقوق الإنسان وحقوق الإرهاب
الأوراق التى ناقشها البرلمان الأوروبى ومن قبله بعض الدوائر الغربية، منحازة بالكامل لرؤية بعض المنظمات الحقوقية فى مصر، والتى تكتب وتصنع تلك التقارير وفقا لرؤى سياسية وليست حقوقية بالمرة، علما بأن مصر بها 55 ألف جمعية تعمل فى المجال الحقوقى والمجتمع المدنى، ولا يوجد مشاكل حقيقة إلا مع عدد من الجمعيات لا يزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة فحسب.
هذه التقارير تغض البصر عن حقيقة أنه لا يوجد سجين رأى أو سجين سياسى واحد فى مصر، وأن كافة الموقوفين الواردة أسماؤهم فى تلك التقارير تم توقيفهم بناء على مشاركتهم فى عمليات إرهابية سفكت دماء المصريين، سواء الضباط والجنود فى القوات المسلحة أو الشرطة، بالإضافة إلى رجالات القضاء والنيابة العامة والمصلين فى الكنائس المسيحية وباقى مكونات الشعب المصري.
والفئة الثانية من الموقوفين هم شبكات اقتصادية وفرت الدعم المالى للجماعات الإرهابية، أو كانت وسيطا بين التمويل الخارجى وبين العناصر المحلية الإرهابية. والفئة الثالثة هى التى قدمت دعما لوجستيا أو بعض اشكال الدعم الأخرى للعناصر الإرهابية، فلا يخرج الموقوفون فى مصر عن تلك الفئات الثلاث.
كيف يكتبون التقارير المشوهة عن حقوق الإنسان؟
التلاعب لا يكتفى بعدم ذكر تلك الفئات الثلاث، ولكن يتم عمل تصنيف مواز لتلك التصنيفات الثلاثة، على ضوء أن التمويل الخارجى على سبيل التمويه قد استخدم بعض نشطاء الأحزاب والتيار الحقوقى وبعض أنشطة جمعيات المجتمع المدنى لتصبح وسى ط ا للتمويل الأجنبى والعناصر المحلية، كما أن المساعدات والدعم لهذه الجماعات قد ذهب عبر عناصر غير إخوانية، وكانت اللعبة هنا أن تكون خارج دائرة الشبهات.
وعلى إثر أن عددا من الذين شكلوا الشبكات الاقتصادية للإرهاب أو شبكات الدعم اللوجستى ليسوا من تنظيم الإخوان بشكل مباشر، فهم نشطاء وحقوقيون ويساريون وكتاب، يتم كتابة التقارير بالصفة المهنية للموقوفين وليس بتصنيف الاتهام.
فإذا تم توقيف صحفى بتهمة المشاركة فى عملية إرهابية، لا يتم ذكر أنه شارك فى العمل الإرهابى ولكن يتم الإشارة إليه بشكل مهنى أو فئوى بأن من تم توقيفه هو صحفى، وإذا تم توقيف بعض الحقوقيين بعد أن وفرت جمعيتهم الخاصة بالمجتمع المدنى تموى لا لتنظيم إرهابى، لا يتم ذكر الاتهام بل يتم ذكر أنهم حقوقيون، ويتم ذكر اسم الجمعية التى ينتسبون لها.
هكذا صنعت بعض جمعيات حقوق الإنسان المصرية قوائم مطولة من الحقوقيين والمثقفين واليساريين ونشطاء الأحزاب وحتى بعض النسويات والمثليين والعلمانيين والنشطاء المسيحيين الذين تورطوا فى تقديم دعم لوجستى للجمعيات الإرهابية فى ظل إيمانهم ببعض الأفكار اليسارية الراديكالية بالعمل المسلح ضد المجتمع والحكومات.
وهكذا يتضح لنا أن ملف حقوق الإنسان هو فى واقع الأمر ملف حقوق الجماعات الإرهابية والظهير المدنى والحقوقى للإسلام السياسى فحسب، ولكن من النادر أن نرى جمعية حقوقية مصرية تنحاز لمواطن مصرى غير مسيس أو غير منت م لتلك الجماعات الإرهابية أو الظهير المدنى الداعم لها.
كيف نقرأ ملف حقوق الإنسان؟
لكل دولة خصوصيتها الأمنية والسياسية والدينية قبل أن نتحدث عن الخصوصية الثقافية، وعقب تعريف كل ما سبق يتم تحديد "الاحتياجات الحقوقية" أو الإنسانية لهذه الدولة.
وعلى ضوء ما تعرضت له مصر من عمليات إرهابية منذ عام 2005 قبل وصولها إلى الذروة عقب ثورة 30 يونيو 2013 حينما رفضت الجماعات الإسلامية الحاكمة الاستماع إلى مطالب الشعب المصرى، فإن البند الأول فى ملف حقوق الإنسان المصرى هو التصدى للإرهاب، وايقافه عن تحويل مصر إلى إمارة إسلامية كما جرى مع أفغانستان فى سنوات حركة طالبان، وبالفعل نجحت مصر فى حصر الإرهاب فى شريط ضيق شمال شرق شبه جزيرة سيناء
بعد أن كانت طموحات تنظيم داعش أن يستولى على سيناء كاملة، ويعلنها ولاية مصرية للتنظيم كما فعل مع الرقة العاصمة السورية لداعش والموصل العاصمة العراقية.
وثانى حق من حقوق الإنسان المصرى أن يتوقف الإرهاب عن استهداف الكنائس المصرية المسيحية ودور عبادة المسلمين، وهو ما تحقق بالفعل. وأتى الحق الثالث للشعب المصرى فى تقنين دور العبادة المسيحية لكل الطوائف المسيحية دون تمييز، وبناء الكنائس الجديدة فى كل تجمع عمرانى جديد أو حتى كل منطقة أو حى يتم إعادة تأهيله مرة أخرى، ليصبح عصر الرئيس السيسى هو العصر الذهبى لبناء الكنائس
المسيحية وتقنين أوضاعها
كما صدر قانون يسهل عملية بناء الكنائس، هو الأول من نوعه منذ عصر عمرو بن العاص والخط الهمايونى العثمانى الذى ك ب ل بناء الكنائس فى مصر، وتأهيل المزارات المسيحية المصرية لبدء رحلات الحج الكاثوليكى المسيحى إلى مصر اقتداء برحلة العائلة المقدسة إلى مصر.
بالإضافة إلى كوته ثابتة للمسيحيين فى مجلسى النواب والشيوخ، وتعيين أول مسيحى محافظا فى الدقهلية ثم الإسماعيلية، وأول مسيحية محافظة فى دمياط. وفى إجراء لم يحدث فى تاريخ مصر عبر العصور، اتخذ الرئيس السيسى قرارا بترميم المعابد اليهودية، وذلك من أجل الحفاظ على هذا الجزء من تاريخ مصر.
ولعل تحقيق أقل نسبة بطالة منذ 40 عاما، وتوفير ملايين من فرص العمل للشباب العاطل على يد المشاريع القومية والاستثمارية والاستثمار الأجنبى من أهم حقوق الإنسان فى إيجاد فرصة عمل شريفة وعادلة بدلا عن البطالة وما ينتج عنها من تشوهات فى السلوك الجمعى للمجتمعات.
وفيما يتعلق بتمكين المرأة، فإن مجلس الوزراء يضم 8 وزيرات ما يعنى عمليا 25% من مجلس الوزراء المصرى هم سيدات، وهو رقم غير موجود فى أى دولة بالشرق الأوسط إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ونصف دول الاتحاد الأوروبى على الأقل. كما أن البرلمان بغرفتيه يضم كوته ثابتة للمرأة، ما يوفر للمرأة المصرية تمثيلا ثابتا ومشرفا فى المجلس النيابي.
ويعد حق المواطن فى سكن آدمى من أهم بنود حقوق الإنسان، وفى هذا المضمار أسست الدولة المصرية الجيل الرابع من المدن العمرانية الجديدة، ولم تنس إعادة تأهيل المحافظات القديمة وعلى رأسها الأحياء العشوائية فى العاصمة القاهرة ثم فى باقى المحافظات، ونقل سكان بعض المناطق غير الآدمية إلى مناطق آمنة وإنسانية كما جرى فى حى الأسمرات وبشاير الخير وغيرها.
وفيما يتعلق بحق المواطن فى رعاية صحية آدمية، فإن لغة الأرقام لا تكذب، حيث كانت مصر مقارنة بالكثافة السكانية من أقل دول العالم إصابة بكورونا، بينما كان الإعلام الدولى يتوقع سقوط عشرات الآلاف ما بين مصاب ومتوفى جراء كورونا فى مصر، كما وفرت مصر شبكة من الطائرات المدنية لإعادة أبنائها من الخارج عكس دول كبرى لم تستطع استعادة أو استرداد جالياتها، بالإضافة إلى توفير عزل صحى فورى فور العودة من الخارج فى أرقى الفنادق المصرية، وذلك على نفقة الدولة أو صندوق تحيا مصر.
وشهدت مصر حملة 100 مليون صحة للكشف المجانى على الشعب المصرى، وبدء التأمين الصحى الشامل باعتباره أكبر تحديث لمنظومة التأمين الصحى فى العالم.
تسييس وأخونة ملف حقوق الإنسان
الجمعيات الثلاث التى يعتمد الغرب على تقاريرها، والتى تدربت على تلك الأساليب فى تسييس ملفات حقوق الإنسان فى منظمات هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وفريدام هاوس، والمعهدين الديمقراطى والجمهورى فى الولايات المتحدة الأمريكية، لا يعترفون بتمكين المرأة والشباب باعتباره حق من حقوق الإنسان، ولا يعتبرون مكافحة الإرهاب والقضاء عليه وحماية الشعب المصرى بوجه عام والكنائس المسيحية على وجه التحديد حق من حقوق الإنسان، لا يعتبرون ترميم المعابد اليهودية للمرة الأولى فى التاريخ حقا من حقوق الإنسان.
لا يعتبرون توفير سكن آدمى لأبناء العشوائيات وتوفير فرص للسكن فى جيل جديد من المدن أو مظلة صحية وطبية هى الأكبر فى العالم هو حق من حقوق الإنسان، أو القضاء على البطالة وتحقيق أرقام اقتصادية لم تحدث منذ نصف قرن، أو صمود الاقتصاد المصرى والمنظومة الصحية المصرية أمام وباء كورونا، بينما كانت إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية تختار علاج الشباب وتترك العواجيز مصابين بكورونا حتى الموت.
هذا السجل المشرف والحقيقى فى مجالات حقوق الإنسان، يتجاهله الغرب مقابل الدفاع عن حق الإرهابى فى العمل السياسى والحزبى وحق الإرهابى فى الترشح للانتخابات وحق الإرهابى فى العمل دون مقاومة أمنية أو توقيف قضائى، وحق الخارجين عن القانون فى توفير مظلة تمويل للإرهاب أو توفير شبكة من الدعم اللوجستى، وحينما تتخذ الدولة المصرية التدابير اللازمة لحماية الإنسان من الإرهاب، يتم صياغة الديباجات الحقوقية ضد مصر كما جرى فى جلسة البرلمان الأوروبى، ليكتشف المواطن المصرى أن حقوق الإنسان فى القواميس الغربية هو حق الإرهابى فى العمل الحر دون أن يشتكى المواطن المصرى أو تحافظ الحكومة المصرية على حقوق الإنسان المصرى فى الحياة الكريمة المشتركة دون وجود إرهاب أو ممول أو داعم أو مؤيد للإرهاب على أرض مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة