يمثل عام 2020 حدثا دوريا شديدا لكل من أسواق النفط والغاز، ويمكن أن تبقى الأسعار عند مستويات منخفضة لعدة أعوام، وأصبح من الواضح أن ديناميكيات سوق النفط والغاز أصبحت مختلفة بشكل متزايد مقارنة بوضعها خلال العقود العديدة الماضية، فهناك وفرة فى الإمدادات من النفط والغاز ولكن لأسباب مختلفة، وتعد ثورة النفط والغاز الصخرى الأمريكى هى القاسم الذى أثر بشكل كبير على كلا السوقين تزامنا مع بدء مشروعات الغاز الطبيعى المسال الأمريكية الجديدة وكذلك الروسية والأسترالية التى تأخر العديد منها، والانخفاض الأكبر من المتوقع فى آسيا وعدم وجود أى آلية لتحقيق التوازن فى السوق.
وفيما يتعلق بتسعير الغاز فهو لم يعتمد على قوى العرض والطلب، مثل النفط ولكن تسعير الغاز كان نتاجًا لسلوك احتكارى تمييزى ناشئ عن الاحتكار الطبيعى فى العديد من الأسواق، حيث كان البائعون أو المشترون قادرين على تقسيم الأسواق المحلية والدولية وفرض أسعار مختلفة على الأسواق العملاء لنفس المنتج، حيث كانت العقبات الرئيسية أمام التغييرات فى تسعير الغاز هى الافتقار إلى الشفافية فقد كانت السرية التجارية شرطًا للعقود الدولية فى أغلب الأحوال وكانت الأسعار المحلية غير متوفرة فى الإحصاءات الرسمية للعديد من الدول، كما أن الغاز له عدد كبير من وحدات القياس "وحدة حرارية بريطانية، متر مكعب، ميجا وات/ساعة، طن من الغاز الطبيعى المسال".
ووفقًا لدراسة لمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، فإن أوروبا وأمريكا الشمالية استحوذت على غالبية تجارة الغاز الدولية خلال الأربعين عام الماضية، وانتقلت من الأسواق الاحتكارية إلى الأسواق التنافسية، إلا أن الأسواق الآسيوية تستورد نحو 70-75% من الغاز الطبيعى المسال العالمى، وظلت أسواقها احتكارية إلى حد كبير، ويهيمن عليها التسعير المرتبط بالنفط.
وفيما يتعلق بتطور أسعار الغاز فى الأسواق بمختلف الدول والمناطق ذكرت الدراسة والتى قامت بترجمتها منظمة أوابك، أن شهر أبريل 1990يعد هو تاريخ بدء أسواق تسعير الغاز الوطنية والدولية، تزامنًا مع بداية سوق العقود الآجلة فيNYMEX استنادًا إلى أسعار مركز هنرى الأمريكى Henry Hupالفورية، فقد تخلت كل من الولايات المتحدة وكندا عن تنظيم الأسعار منذ عقود طويلة وذلك بعد فترة وجيزة من التسعير المتعلق بالنفط بما فى ذلك المكسيك، وقد تواصل تطور عملية التسعير بعد ذلك لفترة استمرت على مدى ثلاثة عقود وأدى إلغاء تنظيم الأسعار إلى إطلاق العنان لإمدادات الغاز التقليدية التى كانت مقيدة بقواعد الدولة والقواعد الفيدرالية، وهو ما تسبب فى وجود فائض كبير فى العرض مقارنة بالطلب فى مركز Henry Hup والمراكز الناشئة.
وأشارت الدراسة، إلى أنه فى النصف الثانى من عام 2010 تحول التركيز والاهتمام إلى أسعار الغاز الطبيعى المسال ويرجع ذلك جزئيًا إلى الزيادة الهائلة فى العرض العالمى للغاز الطبيعى المسال وأيضًا بسبب تقلب أسعار النفط التى أثرت جزئيًا على عقود الغاز الطبيعى المسال المرتبطة بالنفط، وتعتبر آسيا المعقل الأخير لربط أسعار الغاز بالنفط، خاصة أسعار الغاز الطبيعى المسال الرئيسية والناشئة حيث تستند العقود التقليدية طويلة الأجل إلى أسعار النفط الخام ويتم ربطها بها وفضلًا عن مساهمتها فى العرض العالمى للغاز الطبيعى المسال كان للمشاريع الأمريكية تأثير كبير وواضح على السيولة التجارية وظهور مؤشر أسعار للغاز الطبيعى المسال فى آسيا، حيث توسعت عمليات التسليم الفورى للغاز الطبيعى المسال والتجارة قصيرة الأجل بشكل كبير فى عام2010 لتصل إلى 34% من إجمالى تجارة الغاز الطبيعى المسال فى عام 2019 حيث تم فى ذلك العام تسليم حوالى 60%من هذه الشحنات إلى آسيا وذلك بالاستناد إلى سعر platts japan korea market.
وذكرت الدراسة أنه من المرجح أن يؤدى التوسع السريع فى التجارة قصيرة الأجل فى آسيا إلى تسريع عملية تطوير أسعار السوق كما هو الحال فى كل من أمريكيا الشمالية وأوروبا، كما أنه من المرجح أن تواصل أسعار السوق الانتشار عبر الأسواق الآسيوية وذلك فى ظل الزيادة المتوقعة فى إمدادات الغاز الطبيعى المسال التى تضمنها قرارات الاستثمار النهائية بشأن المشاريع فى عام 2019 من جهة وآفاق الطلب غير المؤكد بسبب الركود المتوقع على خلفية جائحة فيروس كورونا المستجد الذى من المحتمل أن يقابلة انخفاض فى أسعار الغاز الطبيعى المسال من جهة أخري.
وأضافت الدراسة أن انهيار أسعار الغاز الطبيعى المسال الآسيوية فى عام 2019 قبل انهيار أسعار النفط خلال عام 2020 إدى إلى زيادة احتمال حدوث تسونامى جديد على النمط الأوروبى من مراجعات الأسعار، مع التأكيد على أن بعض هذه الإجراءات جارية بالفعل فقد قام المشترون بقيادة الصين والهند تليهما اليابان وكوريا بإدعاء حالة القوة القاهرة على عقود الغاز الطبيعى المسال الخاصة بهم، بناءً على مزيج من عدم القدرة على احذ الشحنات بسبب انهيار الطلب والمشاكل اللوجستية فى الموانئ بسبب جائحة كورونا.
وأوضحت الدراسة إلى أنه بشكل عام أدى الانهيار فى أسعار النفط والغاز خلال عام 2020، بسبب تراجع النشاط الاقتصادى الناجم عن جائحة فيروس كورونا المستجد إلى إثارة النقاش حول ما إذا كان هذا الحدث مجرد نسخة متطرفة من دورة السلع المألوفة أم أنها قد تؤدى إلى نقطة تحول لأسواق النفط والغاز الطبيعى مما قد يسرع من الانتقال الطواقى بعيدًا عن الوقود الأحفورى ونحو عصر منخفض الكربون.
وعلى الجانب الآخر فقد ارتفع المتوسط الشهرى للسعر الفورى للغاز الطبيعى المسجل فـى مركز هنرى بالسـوق الأمريكى خلال شهر أكتوبر 2020 ليصل إلى 2.39 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وذلك وفقا للنشرة الشهرية لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط حول التطورات البترولية فى الأسواق العالمية ديسمبر 2020.
وأشارت النشرة الشهرية إلى انخفاض متوسط أسعار استيراد الغاز الطبيعى المسال فى اليابان خلال شهر سبتمبر 2020 بمقـدار 0.42 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ليصل إلى 5.51 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وذكرت النشرة الصادرة، خلال الشهر الجارى، إلى انخفاض متوسط أسعار استيراد الغاز الطبيعى المسال فى الصين بمقدار 0.18دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال شهر سبتمبر 2020، ليصل إلى 5.02دولار لكـل مليـون وحدة حرارية بريطانية.
وتابعت، أن متوسط أسعار استيراد الغاز الطبيعى المسـيل فـى كوريـا الجنوبية انخفض بمقـدار 1.05 دولار لكـل مليون وحدة حرارية بريطانية، ليصل إلى 5.05 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
أما فيما يتعلق بالصادرات بلغت صادرات الدول العربية من الغاز الطبيعى المسال إلى اليابان وكوريا الجنوبية والصين فقد بلغت حوالى 2.516 مليون طن خلال شهر سبتمبر 2020، مستأثرة بحصة 16.6%من الإجمالى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة