نجيب محفوظ لم يقتنع بأن "عطية" هو الذى رشحه حتى وفاته ورفض مقابلته وقال إنه "كاذب"
لأول مرة نكشف اسم حلقة الوصل بين لجنة نوبل وعطية عامر الذى كان وثيق الصلة بثقافة العالم العربي
الحقيقية ظلت حبيسة المخازن منذ عام 1981 فى دفاتر وزير الثقافة والإعلام الأسبق منصور حسن.. والعناية الإلهية أنقذتها من الفقدان النهائى
خطاب من حسين نصار رئيس أكاديمية الفنون إلى وزير الثقافة يثبت أن "عطية" كان يقاتل من أجل ترشيح محفوظ ووصل إلى التصفيات النهائية منذ 39 عاما
البيروقراطية عطلت مساندة ترشيح محفوظ بعمل زيارة لعضو لجنة التحكيم ليتعرف إلى القاهرة وعالم محفوظ وعمل معرض كتاب مصرى فى السويد
آفة حارتنا النسيان
التاريخ لا تأكله النيران فحسب، ولا يأكله النسيان فحسب، التاريخ تأكله الفئران أيضا، تأكله المخازن المظلمة والأتربة المتراكمة والمياه التى تسرى فى الأرضيات والحوائط، تأكله الرطوبة المستوطنة لعقود طويلة فى ورق ضعيف وعاجز عن تغيير واقعه، بينما تستطيع الكلمات التى بداخله تغيير واقعنا وتبديد معلوماتنا الراسخة، وبين أيدينا اليوم وثيقة ناجية من تلك الظروف المهلكة بعد أن ظلت ما يقرب من أربعة عقود رهن التبديد والتآكل سواء بفعل الزمان أو بفعل الفئران.
بين أيدينا الآن وثيقة تثبت حقا ضائعا، وتكشف زيفا محبوكا، وتعيد صياغة معلوماتنا المتوارثة، بين أيدينا اليوم وثيقة ترفع الظلم عن اسم ناصع فى تاريخ الأدب العربى عامة والمصرى خاصة، وثيقة ترفع الكذب عن ملابسات منح أديبنا الأشهر نجيب محفوظ لجائزة نوبل، وتكشف أيضا فيما تكشفه عن اسم أحد محكمى جائزة نوبل وطريقة الترشح إليها وكيف تم التواصل معه.
الكاتب العالمى نجيب محفوظ
من هو عطية عامر بطل القصة؟
تكشف الوثيقة التى بين أدينا اليوم كل هذه الأسرار، كما تكشف عن اسم صاحب الفضل الحقيقى فى طرح اسم نجيب محفوظ ليفوز بجائزة نوبل، وهو الدكتور المصرى الراحل عطية عامر المولود فى 13 مارس 1922 والذى رحل عن عالمنا بحسب تأكيد الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق لى قبل مايو 2012، وهو العام الذى كتب فيه الدكتور جابر عصفور مقالا عذبا فى مجلة العربى الكويتية يذكر فيها فضل الدكتور عطية عامر عليه، ويشير إلى إرثه الإنسانى والمعرفى والوطنى، وبحسب المقال فإن عامر كان يتمتع بروح وطنية عالية وبشخصية إنسانية راقية، كما كان يتمتع بصفة النبل والكرم فى آن، وذكر عصفور فى مقاله إنه "أى عطية عامر" واحد من الرجال القلائل الذين يحبهم ويحترمهم فى آن، وقد سمع عنه للمرة الأولى سنة 1978 حيث قالت له أستاذته سهير القلماوى، أنها كانت فى زيارة رئيس جامعة القاهرة الذى رجاها أن تقبل انضمام عطية عامر أستاذًا للأدب المقارن فى مصر، كما يذكر أن عامر درس فى السوربون مادة الأدب المقارن فى الخمسينيات، وأنه حينما أنهى دراسته عاد إلى القاهرة هو وزوجته السويدية لكنه خشى على حياته حينما شعر بعداء دولة يوليو للشيوعيين، حيث عرف عامر عن طريق قريب له فى جهاز أمن الدولة أن عبد الناصر أمر بالقبض على التجمعات الشيوعية فى مصر، وأن اسمه موجود فى قوائم المطلوبين للقبض عليهم، وأخبر عطية عامر زوجه بهذا الأمر فساعدته على الهروب إلى السويد سنة 1959، واتفقت مع سفير السويد على أن يحصل زوجها على جواز سفر سويدى، يجعل من عطية عامر تاجر أخشاب سويدى الجنسية، وخرج عطية عامر وزوجه من القاهرة ليلاً إلى الإسكندرية، وركبا منها باخرة تقودهما إلى فرنسا، كى يرتحلا من فرنسا إلى السويد، وبعد أن أعلن السادات أن حق العودة إلى مصر مفتوح أمام كل الذين اضطروا إلى تركها كرهًا خلال العهد الناصرى وأعيدت الجنسية المصرية للذين أسقط النظام الناصرى الجنسية عنهم، ومنهم عطية عامر الذى وجد نفسه مرحبًا به للعودة إلى جامعة القاهرة، وبالفعل عاد الرجل، لكن أساتذة كلية دار العلوم (التى هو أصلا منتسب إلى أعضاء هيئة التدريس بها) رفضوا عودته بحجة أن لديهم من يشغل كرسى الأدب المقارن بالفعل، ولما لم يكن هناك من يشغل هذا المنصب فى قسم اللغة العربية بآداب القاهرة، تعين فيه لفترة وجيزة.
الدكتور عطية عامر
شهم وصاحب همة ومصرى وطنى مخلص
من مقال عصفور الذى يجوز أن نعتبره "ترجمة" لشخصية الدكتور عطية عامر، أو شهادة عنه نعرف أن عامر كان رجلا مصريا يتميز بالعديد من صفات الشهامة والنخوة والاستقلالية، كما نعرف أيضا أنه كان مصريا حتى النخاع، ويتضح هذا من كتبه الغارقة فى حب مصر، مثل "الأدب الفرعونى" و"رسائل تحوت فى الحكمة والفلسفة" كما يتضح هذا من أسماء أولاده "رمسيس" الذى ذكر عصفور سهوا أن اسمه "أحمس" فى مقاله بمجلة العربى، بينما ذكر "وحيد موافى" اسمه الحقيقي، وابنته "إيزيس"، ولهذا يمكننا أن نقول إن عطية برغم أنه رحل عن مصر لكن مصر لم ترحل عنه، وظل على شغفه بها وحبه لها ودفاعه عنها وتصديه إلى مهاجمتها برغم تغربه القصرى.
عطية عامر
هل هذه هى المرة الأولى التى تذكر فيها قصة ترشيح عامر لمحفوظ؟
الآن نأتى إلى سؤال من المؤكد إنه قد تبادر إلى الذهن، وهذا السؤال يقول: هل هذه هى المرة الأولى التى يذكر فيها اسم الدكتور عطية عامر مقترنا بقصة ترشيحه لنجيب محفوظ لنيل جائزة نوبل؟ والإجابة هى "لا" فقد ذكرت هذه القصة كثيرا، لكنها دوما كانت تأتى فى سياق "المزاعم" وليس فى سياق التأكيد، وقد ذكرها عطية عامر نفسه أكثر من مرة وبأكثر من طريقة، قال هذا فى حواراته مع زملائه وأقرانه، وقال هذا فى حواراته الصحفية التى نشرت والتى لم تنشر، وقال هذا فى كتاب الدكتور وحيد موافى "قصة نوبل نجيب محفوظ" المنشور فى دار نشر "مدبولي" سنة 2013، ربما بعد موت "عامر" نفسه، وهو عبارة عن حوار مطول معه جرى فى يناير 2009، وقد ذكر لى الكاتب الكبير "يوسف القعيد" أنه التقى بعطية عامر أكثر من مرة وأنه تحدث معه طويلا فى هذا الأمر وكان ينوى أن يطبع هذه الحوارات فى كتاب مستقل، لكنه انشغل عن هذا القصد، كما ذكر هذا الأمر الناقد التونسى حسن أحمد جغام فى كتابه "شذرات من النقد والأدب" فى منتصف التسعينات، وأشار إليه الكاتب سامح كريم فى الأهرام فى نفس التوقيت تقريبا.
الروائى الكبير نجيب محفوظ
وفق هذا فإن اسم عطية عامر كان متداولا منذ سنوات طويلة مقرونا بترشيح نجيب محفوظ لنوبل، لكن لا أحد يملك معلومة حقيقة، لأن المعلومات الحقيقية فى مقر الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم التى تقرر كل عام منح الكتاب والعلماء والسياسيين جائزة نوبل، وهى وحدها التى تملك القول الفصل فى هذه المسألة، وهذا التكتم الشديد من جانب "لجنة نوبل" فتح الباب كثيرا للتكهنات الكثيرة، ويسرد الكاتب محمد الشاذلى فى سلسلة مقالات نشرت مؤخرا بالأهرام جانبا من هذه التكهنات، حيث كتب تحت عنوان "أيام مع نجيب محفوظ" 1 أبريل 2020، إن نجيب محفوظ أبدى دهشته لحصوله على الجائزة، وقال إنه لم يسع إليها، ولم يسمع أن أحدا قد رشحه لها، كما يذكر القصة التى كشف عنها "عيد عبد الحليم فى كتابه " نجيب محفوظ .. رسائله بين فلسفة الوجود ودراما الشخصية" الصادر عن الدار المصرية اللبنانية 2006" من أن رئيس قسم الدراسات العربية بجامعة ليدز البريطانية الدكتور أفيهاى شيفتيل أبلغ محفوظ بأنه رشحه للجائزة هذا العام (1988) ورد محفوظ على الرجل بخطاب شكر، كما يذكر الشاذلى فى مقال آخر بذات السلسلة نشر في5 مايو 2020 إنه أثناء إلقاء كلمة محفوظ فى الاحتفال بتسلميه جائزة نوبل "جلسنا مع السكرتير الدائم للأكاديمية وعضو لجنة الأدب ستورى آلين، ولم يرد على سؤال شغلنا كثيرا بخصوص الجهة التى رشحت نجيب محفوظ وقال إنها من الضرورى أن تكون جهة علمية، أو شخصا ذا مكانة، ولكن الأكاديمية لا تلتفت لترشيحات الدول، ولا لمن يتقدم بترشيح نفسه، هذا لا يتيح له أبدًا إدراج اسمه بقوائم الترشيح، كما ذكر الشاذلى أنه سأل سكرتير الأكاديمية لماذا وجه كلمة لإسرائيل يوم إعلان فوز محفوظ بالجائزة، فقال إنه لم يوجه كلمة، وإنما صرح بأن "الجائزة بعيدة عن السياسة، وأنها تُمنح للقيمة الإنسانية فى الأدب، وأن على إسرائيل أو غير إسرائيل فهم ذلك.
الروائى نجيب محفوظ
الوثيقة التى بين أدينا الآن تثبت أن صاحب الفضل الأول على نجيب محفوظ ومصر والعالم العربى لنيل جائزة نوبل هو الدكتور عطية عامر، وللأسف فقد مات هذا الرجل قبل أن يثبت حقه، ومات نجيب محفوظ قبل أن يعرف من الذى رشحه على وجه اليقين، متهما الدكتور عطية عامر بأنه كاذب لأنه لا يوجد دليل على أنه هو الذى دأب على ترشيحه منذ 1978 وحتى 1988 سنة حصوله على الجائزة، وبحسب ما أكد لى الكاتب الكبير يوسف القعيد فإنه لم يسمع محفوظ ولا مرة واحدة يذكر هذا الرجل، ولم يقابله أبدا، وحينما ذكر له القعيد مسألة أن "عامر" ربما يكون هو الذى رشحه لنوبل لم يعلق، فى إشارة من محفوظ بأن هذا الأمر لا يستحق التعليق عليه، وحينما شرحت للقعيد ما بهذه الوثيقة من معلومات أبدى اندهاشه الكبير، لأن هذه هى المرة الأولى التى يكشف فيها فى وثيقة مصرية اسم صاحب الفضل على نجيب محفوظ فى منحه جائزة نوبل، كما تثبت أن الدولة ومؤسساتها كانت على علم بترشح نجيب محفوظ وآليات الترشح.
أطراف الوثيقة
قبل الخوض فى تفاصيل الوثيقة والبدء فى تناول محتواها لابد أن نرسم الخط البيانى الذى سارت فيه هذه الوثيقة ونلقى الضوء على أطرافها نظرا لبعد زمن وقوعها وابتعاد غالبية أطرافها عن الضوء الآن، وغياب أسماء معظم أبطالها عن واقعنا، فهذه الوثيقة عبارة عن خطاب وارد إلى مكتب الوزير الأسبق منصور حسن، الذى شغل منصب وزير الدولة لشئون رئاسة الجمهورية، إضافة إلى وزارتى الثقافة والإعلام، وقد كان منصور حسن من الوجوه البارزة فى نظام الرئيس الأسبق محمد أنور السادات وحاز على الكثير من الثقة وقتها وتولى العديد من المهام الحساسة، وكما قام بالعديد من الإجراءات الدقيقة، فقد تولى "حسن" الوزارة فى وقت كان المجتمع المصرى والعربى فى حالة استنفار مستمر، وكان نظام السادات يتعرض لهجوم مضاعف من كل جانب، المثقفون من جهة، والصحفيون من جهة والإسلاميون من جهة واليساريون من جهة وبعض الدول العربية من جهة، بالإضافة إلى اشتعال الصراع داخل النظام ذاته، ومن نتيجة هذا الصراع تقدم منصور حسن باستقالته فى نهاية الأمر أواخر عام 1981 بعد عامين قضاهما فى المنصب وقبل اغتيال السادات فى أكتوبر من العام ذاته، وقد ورد هذا الخطاب من الدكتور حسين نصار، رئيس أكاديمية الفنون وقتها، وقد كان "نصار" على سابق معرفة بالدكتور عطية عامر أثناء عمله فى كلية الآداب.
غلاف الخطاب الصادر من أكاديمية الفنون إلى منصور حسن وبه رأي سكرتير أول الوزارة
اسم خطير فى الوثيقة
تحمل الوثيقة توقيعا مبهمًا لشخص اسمه "سليم" وبأسفله تاريخ (25/6) ولما كانت هذه الشخصية غير معروفة على المستوى العام، فقد استعلمت عنها من الكاتب الصحفى "منير عامر"، الذى كان من أشد المقربين من الوزير السابق منصور حسن، كما عمل معه مستشارا صحفيا أثناء توليه الوزارة، فأكد لى "منير عامر" أن سليم هذا هو "صلاح سليم" الذى كان يعمل مستشارا للوزير، وقد كان منتدبا من وزارة الخارجية بحكم تولى "حسن" منصب وزير رئاسة الجمهورية، وقال عامر إن "صلاح سليم" هذا كان ابن أخ الشخصية المثيرة للجدل "سليم زكى باشا" أول رئيس لجهاز أمن الدولة المصري، الذى ينسب إليه أنه صاحب قرار فتح كوبرى عباس أثناء تظاهر الطلبة عليه عام 1946، وصاحب السمعة السيئة فى الأوساط التاريخية لما يقال عنه من وحشيته وشدة بطشة بالحركات التحررية والنضال، ووفق ما ذكره لى "عامر" فقد كان "سليم" هذا غير مهتم بالثقافة ولا الأدب، وهو ما سنرى أثره فى الوثيقة، وللمفارقة فقد وجدت من بين المستندات بحوزتى وثيقة أخرى عبارة عن قرار من منصور حسن بالموافقة على سفر "صلاح كامل سليم" السكرتير الأول بمكتب الوزير إلى لندن لمدة شهر من 1 يوليو وحتى 1 أغسطس لسنة 1981، على نفقة الدولة، أى بعد رفضه لاستقبال عضو لجنة نوبل لعشرة أيام مدعيا أنها "رفاهية" بخمسة أيام فحسب.
الصفحة الأولى من خطاب أكاديمية الفنون
مسار الوثيقة
على هذا فإن مسار هذه الوثيقة كان كالتالى: وردت الوثيقة من الدكتور حسين نصار، ومرت إلى مستشار منصور حسن "صلاح سليم"، ومنها إلى منصور حسن، لتحمل رقم وارد 3779 بتاريخ 25 – 6 – 1981، لكن المثير هنا هو أن تلك الوثيقة لا تحمل أى بصمة لمنصور حسن نفسه، فلم يوقع عليها ولم يمررها لأحد، ولم يستعلم عنها بأى شكل من الأشكال، ولم يطلب رأيا أكثر اختصاصا من أى مسئول آخر برغم أن الكاتب منير عامر قال لى إن الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور كان من أكثر الناس قربا إليه، وهو ما قد يفتح باب الظن للاعتقاد أن منصور حسن لم ير هذه الوثيقة أو رآها ولم يهتم، وهو ما قد يشير إلى أنه أخد برأى "سليم" الذى أبدى رأيه الشخصى فى المسألة كما سنوضح تاليا.
الصفحة الثانية من خطاب أكاديمية الفنون
تفاصيل الوثيقة وكيف وصل إليها توقيع السادات
تتكون هذه الوثيقة من ثمانى صفحات، حيث إنها لا تشمل موضوع ترشيح نجيب محفوظ لنوبل فحسب، لكنها تشمل موضوعات أخرى، منها طلب من مصطفى على إسماعيل ابن الموسيقار على إسماعيل بمواصلة تعليمه فى أمريكا، وطلب من السيد محمد سالم شكيب، مدير عام العلاقات الثقافية بالمجلس الأعلى للثقافة للعمل فى أحد مكاتب مصر الثقافية بالخارج، وهو بالمناسبة لا يمت بصلة للسيد حسام شكيب مسئول، الاتصال بمكتب وزير الثقافة لاحقا، وقد جاء بالغلاف الخارجى لهذه الأوراق عرض ملخص لها قام به "صلاح سليم" حيث كتب:
عرض على السيد الوزير
الدكتور حسين نصار بناء على اتصالاته بالرئاسة (مرفق صورة منها) يرجو تنفيذ تأشيرة السيد الرئيس بشأن مواصلة الطالب مصطفى على إسماعيل ابن الموسيقار على إسماعيل، على نفقة الدولة بالولايات المتحدة.
بناء على اتصال من أحد الأساتذة المصريين الذين يعملون بالسويد بشأن ترشيح الأديب نجيب محفوظ لجائزة نوبل يرجو: دعوة أحد أعضاء الأكاديمية التى تبت فى الجائزة لزيارة مصر لمدة عشرة أيضا.إقامة أسبوع مصرى فى استكهولم (سينما – مسرح- كتب) ويحضره بعض أساتذة الأدب المصرى الحديث، ويرشح عميد كلية الآداب بعين شمس والدكتور عبد المحسن بدر والأستاذ يوسف الشارونى.
يرشح السيد محمد سالم شكيب، مدير عام العلاقات الثقافية الخارجية بالمجلس الأعلى للثقافة للقيام بالأعمال الثقافية فى إحدى مكاتبنا الثقافية التابعة لوزارة التربية والتعليم بالخارج.
ثم أضاف "سليم" هذا رأيه قائلا :
الرأى
ــــــــــــ
بالنسبة للبند 2 وهو دعوة أحد السادة أعضاء الأكاديمية التى تبت فى جائزة نوبل ليساعدنا فى ترشيح الأديب نجيب محفوظ وعمل أسبوع ثقافى فى السويد .. قد يكون طلبا فعالا فيه فضلا عن نفقاته الباهظة وهو لا يأتى ضمن إطار خطة أو برنامج هادف اللهم إلا للفت الانتباه والتأثير للمساعدة على منح جائزة نوبل فى مجموعة أمر من قبيل luxuryتعليماتكم بالنسبة لبند 1،2
صورة قرار وزير الثقافة والإعلام منصور حسن بسفر سكرتير الوزير
انتهى عرض غلاف الخطاب الذى كتبه المستشار "صلاح سليم" الذى نقلته حرفيا برغم ركاكة أسلوبه وافتقاره إلى مهمة توصيل المعنى، ويتضح فيه كما قال "منير عامر" عدم اهتمامه بالثقافة، كما يتضح فيه عدم تمكنه من اللغة العربية لدرجة أنه أورد كلمة إنجليزية بمتنه دون أن تكون هذه الكلمة مصطلحا أو اقتباسا، وفى الحقيقة فإنى قد عانيت كثيرا لاستخلاص المعنى الحقيقى لما يقصده، خاصة فيما يتعلق برأيه فى اقتراح الدكتور عطية عامر بدعوة أحد أعضاء لجنة نوبل لمصر وعمل أسبوع ثقافى مصرى فى السويد، لكن على ما يبدو فإنه كان ضد هذا الاقتراح، حيث قال إن هذا الأمر ".. قد يكون طلبا فعالا فيه فضلا عن نفقاته الباهظة وهو لا يأتى ضمن إطار خطة أو برنامج هادف اللهم إلا للفت الانتباه والتأثير للمساعدة على منح جائزة نوبل فى مجموعة أمر من قبيل luxury"
فلو كان يقصد أن هذا الطلب "فعالا" لما قال إنه لا يأتى ضمن خطة ولا يراد منه سوى لفت الانتباه" ولكان وضع فاصلة بين كلمة فعالا وما بعدها أو وضع ما بعدها بين شرطتى اعتراض، ثم كيف يكون الطلب "فعالا" وفى ذات الوقت لا يقصد منه سوى "الرفاهية"؟ وأغلب الظن أنه كان يريد أن يقول إن هذا الطلب يبدو "مبالغا فيه" أو كان يريد أن يقول أنه يبدو "فعالا" لكن نفقاته باهظة، لكن برغم هذا فيبدو لى أن "سليم" هذا أوصى برفض هذا الطلب متعللا بأنه باهظ النفقات ولا يأتى ضمن خطة الوزارة ولا يراد منه سوى جذب الانتباه إلى الدكتور عطية وربما إلى نجيب محفوظ وأنه طلب يحتوى على الكثير من "الترف والرفاهية".
الرسالة المفاجأة
بعد غلاف هذا الملف الذى يحتوى على رأى المستشار صلاح سليم برفض طلب الدكتور عطية عامر نجد مرفقات لكل موضوع على حدة، ورقتان بشأن مسألة تزكية شكيب للسفر إلى الخارج، وورقة رسالة من الدكتور حسين نصار إلى الرئيس السادات ليسمح بسفر نجل ابن الموسيقار على إسماعيل إلى أمريكا على نفقة الدولة وتحمل توقيع السادات بالموافقة، وورقة من سكرتارية الرئيس موجهة إلى حسين نصار لينفذ موافقة الرئيس بشأن سفر ابن الموسيقار على إسماعيل، وورقة أخرى من سكرتارية الرئاسة موجهة إلى الدكتور حسين نصار ليستقبل السيدة نبيلة قنديل، زوجة الموسيقار على إسماعيل، وورقتان تحملان عرضا من حسين نصار لهذه الموضوعات الثلاثة موجهة إلى منصور حسن، بالإضافة إلى غلاف الوثيقة الذى عرضناه سابقا.
نص الرسالة
سأورد هنا نص حديث الدكتور حسين نصارعن الدكتور عطية عامر فى خطاب رسمى موجه إلى وزير الثقافة والإعلام ورئاسة الجمهورية كما ذكرت سابقا، حيث يقول بعد استعراض طلب ابن الموسيقار على اسماعيل وقبل تزكيته لطلب شكيب:
يعمل فى السويد منذ قريب من عشرين سنة الدكتور عطية عامر وهو أحد الأساتذة المصريين الذين كانوا يعملون بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة قبل سفرهم، وقد اتصل بى منذ أيام وأخبرنى أنه وبعض زملائه يقومون بمحاولة لترشيح قصاصنا المشهور "نجيب محفوظ" لجائزة نوبل، وقد فشلت هذه المحاولة فى السنة الماضية فى أول خطواتها، ولكنها اجتازت خطوتين فى هذه السنة وقد نجحوا فى وضعه بين 60 أديبا مرشحين من جميع أنحاء العالم، ثم نجحوا فى اختياره فى الخطوة الثانية بحيث صار واحدا من 15 أديبا وذكر لى الزميل أن الأمر الآن يحتاج إلى دفعة من مصر تتمثل فى أمرين:
دعوة الأستاذ آرتر لوندكفيست (artur lundqvist) عضو الأكاديمية التى تبت فى الجائزة، وهو المختص بالأدب إلى مصر لأسبوع أو عشرة أيام فى أكتوبر القادم، يزور فيها البيئات الأدبية والعلمية والآثار القديمة والإسلامية. إقامة أسبوع مصرى فى استوكهولم يضم معرضا للكتاب والنشاط الفنى (سينما – مسرح- موسيقى)، وبعض أساتذة الأدب المصرى الحديث، وإن سمحت لنفسى أرشح لذلك الأستاذ الدكتور عز الدين إسماعيل عبد الغنى، عميد كلية الآداب بجامعة عين شمس، والأستاذ الدكتور عبد المحسن طه بدر لتخصصه فى القصة عامة ونجيب محفوظ خاصة، والأستاذ القصاص يوسف الشارونى فى المجلس الأعلى للثقافة وأوصى أن يستطلع رأى ممثلنا الدبلوماسى فى السويد للتأكد من الأمر كله قبل كل شىء".
من هذه الرسالة يتبين أن الدكتور حسين نصار كان متحمسا لفكرة الدكتور عطية عامر، وإن كان يريد أن يخلى مسئوليته من الأمر بتحويله إلى الممثل الدبلوماسى بالسويد للتأكد منه، ولكن حماسه ظاهر لا شك فيه، بدليل أنه بنفسه اقترح – بحسب نص الرسالة- بعض أعضاء الوفد الذى من المفترض أن يذهب إلى السويد، كما يظهر فى الرسالة تاريخ معرفته بالدكتور عطية عامر، بل والأهم من هذا كله هو أن هذا الخطاب يحمل اسما كبيرا فى عالم الأدب من الصعب أن يكون مفبركا أو مرتجلا، وهذا الاسم هو اسم الشاعر آرتر لوندكفيست، بل يكشف أن هذا الرجل المتحكم الحقيقى فى منح جائزة نوبل فى الآداب ربما حتى نهاية حياته.
صورة وثائق مرفقة
الاسم المفاجأة
للأسف لا نعرف الكثير عن اسم الشاعر السويدى عضو الأكاديمية الملكية السويدية، لكننا نعرف عنه اهتمامه بالأدب العربى والعالم العربى على الأقل منذ ستينيات القرن الماضى، حيث كتب الكاتب التونسى حسونة المصباحى فى مجلة الفيصل عدد نوفمبر 2019 أنه كتب قصيدة عن زلزال مدينة أغادير المغربية الذى حدث فى 1960 وقد كان متواجدا فى هذه المدينة وقت وقوع الزلزال، كما تشير العديد من المقالات التى تناولت هذا الشاعر والأكاديمى إلى أنه ترجم العديد من الكتب والدواوين الشعرية إلى اللغة السويدية، وأن الكثير من الكتاب والشعراء الذين ترجم لهم أعمالا حصلوا فيما بعد على جائزة نوبل للآداب، ويبدو أن علاقته المباشرة بلجنة منح جائزة نوبل كانت غير مطروحة من قبل حتى أن الدكتور عطية عامر فى حواره الممتد عبر كتاب "قصة نوبل نجيب محفوظ لا يذكراسم هذا الرجل أبدا بل، ويقول إن الأكاديمية الملكية هى التى راسلته، وحينما يريد الإشارة إليه يقول "رئيس اللجنة" أو يقول دعوة رئيس اللجنة إلى القاهرة، لكنه يقول فى كثير من الأوقات إنه "شاعر" كما يقول إنه يجيد العديد من اللغات الأجنبية وهو ما يتماشى مع كونه مترجما، ما يشير إلى أن هذه الوثيقة ربما تكون أول دليل على أن آرتور لوندكفيست كان هو المانح الحقيقى لجائزة نوبل.
وثيقة عليها توقيع الرئيس محمد أنور السادات خاصة بالموافقة على طلب ابن الموسيقار علي إسماعيل
رواية عطية عامر الصادقة التى كذبها الجميع
قصة ترشيح عطية لمحفوظ بحسب روايته تدور كلها فى جنبات كتاب "قصة نوبل نجيب محفوظ" الكتاب المرجعى المهم لهذه المسألة الذى وإن كان لى عليه بعض المآخذ لكنى اعتبره على درجة عالية من الأهمية فى هذه المسألة، وقد سجله معه الدكتور وحيد موافى فى شتاء 2009، حيث نلتقى فيه بعطية عامر لقاء مباشرا ليتحدث من قلبه الممتلئ بالحسرة، فيقول، إنه رشح قبل نجيب محفوظ "طه حسين" سنة 1967 لكن لجنة نوبل لم تلتفت إليه، لأن المزاج العام وقتها لم يكن يسمح بحصول مصرى على نوبل، وبعد ذلك رشح نجيب محفوظ سنة 1978، حيث وصله خطاب من الأكاديمية السويدية لترشيح أديب عربى للجائزة قائلا إنه لو كان طه حسين حيا لرشحه، واستبعد من هذا الترشيح توفيق الحكيم الذى أراده السادات وأبلغ به السفير عمر شرف لكن "عطية" صمم على رأيه ولم يرشح الحكيم، لأن روح مصر تتجلى فى محفوظ، بينما أعمال الحكيم تحمل مسحه فرنسية، ثم وبحسب ما يذكر "عامر" أن رئاسة الجمهورية المصرية أثناء حكم محمد حسنى مبارك طلبت منه ترشيح عبد الرحمن الشرقاوى، وكان رد عامر "أى تدخل حكومى مرفوض من لجنة نوبل، وكذلك أى ضغط أو تدخل سياسى لا تأخذ به الأكاديمية السويدية"، وحينما حاول الشرقاوى استغلال وجود صديق مشترك بينه وعامر هو وزير الثقافة الأسبق أحمد هيكل وأرسل له خطابا راجيا أن تشفع له هذه الصداقة المشتركة، أرسل عامر أيضا له خطابا وأكد له فيه أنه لا يستطيع ترشيحه لأنه لا يستطيع أن يدافع عنه، ويذكر عامر أن الأكاديمية طلبت منه ترشيح اسم ثان فرشح "عطية" يوسف إدريس، ثم مرت الأيام واتصل به "رئيس نوبل" وطلب منه ترشيح شاعر لأنه "شاعر" – لم يذكر عامر اسمه هنا ربما حفاظا على سريته – فرشح له ميخائيل نعيمة، ويقول إن المراسلات امتدت حتى عام 1988 وهذا موثق بالرسائل التى نشرها الكتاب، فقال لهم فى النهاية أنا مازلت مرشحا لنجيب محفوظ فاتصل به شاعر كبير فى اللجنة وطلب منه ترشيح شاعر حديث فرشح أدونيس، لكنه لم يدافع عنه مثلما دافع عن ترشيح محفوظ.
وثيقة مرفقة
ويسرد عطية واقعة تكاد تتناص مع ما هو مذكور فى الوثيقة التى ننشرها اليوم لكن للأسف ينقصها هذه الوثيقة التى تدعمها والتى يتحسر عطية على فقدانها فيقول: أنه طلب من عمر شرف سفير مصر فى السويد أن تفعل مصر شيئا، ولابد من عمل حملة دعائية لمصر، وعمل معرض كتاب ونشر صور لنجيب محفوظ وكتبه وأسبوع للفيلم المصرى "على أن ندعو بعض أعضاء الأكاديمية لإلقاء محاضرات عن الأدب السويدى والثقافة السويدية ورئيس اللجنة – لم يذكر اسمه – يتقن الإنجليزية والفرنسية والألمانية إجادة تامة، وطلبنا على الراعى ولويس عوض – لاحظ أن حسين نصار غير أسماء من رشحهم عطية - ويقول عطية إن عمر شرف قال له إن وزير الثقافة وافق على هذه الفكرة وأنه علم أنك أنت الذى ترشح ثم يتحسر عطية "يقولون الآن إفكا وزورا إن الحكومة لا تعرف شيئا عني".
قبل أن نستكمل سرد رواية عطية عامر يجب هنا أن نقف عند مسألة تغيير أسماء من رشحهم للسفر إلى السويد، فيبدو عطية متجردا من كل غرض فى ترشيحه لكل من لويس عوض وعلى الراعى، وهما من هما فى عالم الأدب والنقد، فقد كانا من أكثر المثقفين فى تاريخ مصر اطلاعا وفهما للثقافة العربية والغربية على حد سواء، لكن ترشيحات "نصار" غيرتهما على نحو غير مفهوم برغم ما تتمتع به الأسماء التى طرحها من مكانه كبيرة، وبالمناسبة قد يكون لهذا التغيير فى أسماء المرشحين للسفر دور فى رفض المسألة برمتها، فربما تكون تلك الأسماء قد عرضت على الجهات الأمنية وقتها ورفضتها، ويزيد من تدعيم هذا الافتراض إذا ما علمنا أن السادات فصل الكثير من أساتذة الجامعة وكان بينهم الدكتور عبد المحسن طه بدر والذى نقل إلى وزارة التعمير.
ونعود إلى رواية عطية عامر فى كتاب "وحيد موافى" حيث يذكر عامر أن يوسف القعيد أخبره أنه لم يجد نجيب محفوظ مثلما رآه فى يوم أن قرأ كتاب التونسى حسن كغام خاصة فى مسألة أن السادات أراد ترشيح توفيق الحكيم وأن عطية عامر هو الذى رشحه للجائزة فقال محفوظ إن عطية عامر يكذب وأنه لا يوجد دليل على صدق كلامه وهذا يؤكد شكوكنا بالواقعة ولا دليل على صدق كلام عطية عامر سوى عطية عامر نفسه.
لهذا أنكروه
الآن بعد استعراضنا لهذه الرحلة يجوز لنا أن نؤكد أن الدكتور عطية عامر هو صاحب الفضل الأول على مصر والعالم العربى فى نيل محفوظ لجائزة نوبل، وأنه بمجهود شخصى بحت أتى لمصر بهذا الشرف، فمن جيبه الخاص اشترى كتب محفوظ ووزعها على أعضاء نوبل، وبنضاله الخاص استمر 10 سنوات من 1978 حتى 1988 يكافح من أجل أن يرفع اسم مصر عاليا، وقد حاول عطية عامر أن يثبت هذا الأمر لكن للأسف لم يورد وثيقة مصرية واحدة تؤكد كلامه، وكل ما أورده وثائق سويدية يصعب التأكد من صحتها، لأن جائزة نوبل تفرض سياجا من السرية الشديدة على عمل الجائزة من أول التشريح وحتى إعلان النتائج، وهذا لا ينكر أو يكون هناك جهات أخرى أسهمت فى تأكيد ترشيح محفوظ للجائزة، لكن يبقى الفضل لأهله، وهو الدكتور المصرى عطية عامر، الذى زرع هذا الاسم فى ذاكرة العالم فحصدنا أهم جائزة فى تاريخ الأدب العربي.
نأتى الآن إلى السؤال: لماذا أنكر عطية عامر الجميع بما فيهم نجيب محفوظ؟
ربما لأن محفوظ صدق أن إسرائيل هى التى رشحته، أو أن أحد جامعات لندن على لسان أحد أساتذتها هى التى رشحته، فرأى فى هذا اعترافا عالميا بأدبه، ويقلل من هذا الاعتراف أن يكون صاحب الفضل عليه رجل مصرى، وربما خاف أطراف القضية سواء الوزير منصور حسن أو الدكتور حسين نصار من الاعتراف بأن عامر هو صاحب الترشيح، لأنه وقف ضد رغبات رئيسيين مصريين هما السادات ومبارك، وربما أنكر الأدباء والمثقفون الآخرون على عطية عامر هذا الشرف لتظل عملية الترشح مبهمة وغامضة أو لتلتصق بمحفوظ فكرة ترشيح إسرائيل له ليكون هذا عزاؤهم فى عدم الترشح أو الفوز، وكأنهم يريدون أن يقولوا من طرف خفى "لم نفز لأننا شرفاء" وليظل كاتب آخر مثل عبد الرحمن الشرقاوى أو أدونيس أو أنصار مخائيل نعيمة أو توفيق الحكيم أو يوسف أدريس يرددون أنهم كانوا مرشحين أيضا، وربما لأن شخصية عطية الصدامية نفرت البعض منه وحالت دون رؤية وطنيته وإخلاصه، وربما أنكرته الحكومة لتنفى عن نفسها تهمة أنها أخرت تتويج مصر بنوبل عشر سنوات على الأقل عبر توصية "سليم" برفض اقتراح عطية عامر الذى كان من شأنه أن يسرع من الحصول على الجائزة لولا داء البيروقراطية المزمن.
الدكتور عطية عامر نشرت بالاتفاق مع مكتبة مدبولي
وإن كان أمل العشاق القرب أنا أملى فى حبك هو الحب
هكذا يقول الشاعر "أحمد فؤاد نجم" مؤكدا أن الحب الحقيقى هو الذى لا ينظر فيه المحب إلى أى غرض سوى أن يسعد قلبه بحالة الحب والتفانى، وهو ما نراه جليا فى حالة الدكتور عطية عامر الذى دفعه حبه لمصر أن يجتهد لعشر سنوات كاملة حتى تحصل مصر على جائزة نوبل، لكنه قوبل بالرفض والإنكار حتى من جانب نجيب محفوظ ذاته، الذى اعتبر عطية عامر كاذبا ورفض مقابلته لعدم وجود دليل على صدق أقواله، وأظن أنه لو كانت هذه الوثيقة قد ظهرت سابقا لأقنعت محفوظ بأن عطية هو صاحب الفضل عليه وأنه لا دخل لإسرائيل بترشيحه من قريب أو بعيد.
أخيرا .. لا أجد ختاما لهذا الموضوع أفضل من كلمة قالها الدكتور عطية عامر فى كتاب "وحيد موافى" حيث قال:
فاز محفوظ بجائزة نوبل ولم يتصل بى مخلوق لا من جهة محفوظ ولا من جهة رئاسة الجمهورية، ولم أدع للحفلة التى أقيمت بالقاهرة، لكنهم نسوا أنه لولا عطية عامر أستاذ اللغة العربية فى جامعة استوكهولم ما كانت مصر ستحصل على الجائزة فى يوم من الأيام، أقول هذا وأنا مصر عليه، ولن تحصل مصر مرة أخرى على جائزة أدبية لأنه لن يوجد عطية عامر كأستاذ للغة العربية يناضل لعشر سنوات من أجل الحصول على الجائزة لمصر بالتزكية والاتصال بأعضاء الأكاديمية، فلن يحدث مرة أخرى أن يكون رئيس معهد اللغة العربية فى قلب العاصمة السويدية مصريا، يتصل باستمرار بأعضاء الأكاديمية .. هذا هو الواقع فسوء تقدير المصريين جنى على مصر، ويضيف عطية بكلمات تملؤها الحسرة: مات نجيب محفوظ دون كلمة شكر أو اعتراف بالجميل، هو أديب عظيم وإنما الأدب العظيم لم يكن يكفى للحصول على نوبل لولا دورى.. لم أجامله لشخصه بل زاد من قوة ترشيحى له أنه مصرى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة