صدر حديثًا كتاب جديد تحت عنوان "مسرح إبراهيم رمزى" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، تأليف الدكتورة نجوى عانوس أستاذ المسرح والأدب الحديث بجامعة الزقازيق، ويعد رمزى أحد أهم كتاب عصره تنقل فى الإبداع بين الرواية والمسرح والشعر والترجمة، ويفتح الكتاب أفق النظر فى إعادة اكتشاف تراثه المسرحى لفهم الظاهرة المسرحية العربية وتطورها وهو باب يكشف لنا عالمه المسرحى ودعوة للباحثين والدراسية لإعادة تسليط الضوء عليه ينقسم الكتاب على تمهيد بابين كل باب ينقسم على فصلين.
وتناول التمهيد السياق الذى أبدع فيه رمزى مسرحياته حيث إن عصر رمزى كان زاخرًا بالصراعات والحركات السياسية والاجتماعية، حيث عاصر رمزى النشاط السياسى لمصطفى كامل، وكذلك ثورة الشعب المصرى عام 1919 بزعامة سعد زغلول.
فلم ينعزل عن الحركة السياسية بل شارك فيها بالانضمام الفعلى إلى الحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى كامل، إلى جانب انضمامه إلى لجنة من مندوبى الموظفين بالوزارات والمصالح اعتراضًا على خطبة "اللورد كيرزون"، حيث بدأ من هذه الخطبة واضحًا أن الحكومة البريطانية تصر على احتلال مصر وتشويه الحركة الوطنية، أما الفصل الباب الاول فجاء لدراسة الاستلهام التاريخى عنده .
وبدأ رمزى تأليف مسرحياته مستمدًا أفكارها من الواقع التاريخى الذى يقدم للكاتب شخصيات وأحداثًا جاهزة يطمع فى سهولة تناولها الكاتب فى بداية عهده بالتأليف.
وركز رمزى على العصور التاريخية المشحونة بالصدامات السياسية والهزات الاجتماعية، كما ركز على اختيار شخصيات فذة كانت تمثل قوى التحول التاريخى، مما هيأ لمسرحياته مناخًا دراميًا كبيرًا.
ومن ذلك مثلاً اختياره لعصر الدولة الفاطمية والاستعانة بشخصيتى الحاكم بأمر الله والوزير شاور بين مجير بصفة خاصة، وبلغ التزام رمزى بالشخصيات والأحداث التاريخية إلى حد ذكر اسم المؤرخ الذى نقل عنه، مثلما ذكر اسم "المقريزى" فى مسرحيتى "شاور بن مجير" و"الحاكم بأمر الله" كمرجع له، كما يذكر روايات المؤرخين المختلفة أحيانًا، واختياره إحداها لحادثة تاريخية ما.
كما بالغ رمزى فى بعض مسرحياته فى التوصيف البطولى لشخصياته بدرجة تفوق الروايات التاريخية المأثورة عن هذه الشخصية، ومن ذلك نجده قد بالغ فى وصف بطولة محمد الفاتح.
وعلل رمزى لبعض أحداث مسرحياته التاريخية ولتصرفات أبطالها، ومن ذلك علل هزيمة القائد فخر الدين من الفرنسيين فى مسرحية "أبطال المنصورة" إلى وقوعه فى الخديعة (خديعة الفرنسيين) كما غير رمزى فى بعض أسماء الشخصيات الرئيسية وأبدع رمزى من مخيلته الشخصيات الثانوية فى مسرحياته التاريخية واستغل رمزى الأحداث التاريخية ليفجر من خلالها قضايا سياسية واجتماعية معاصرة، وهي:
أ-مقاومة الاستعمار والحث على الثورة.
ب-الدعوة للانضمام إلى الأحزاب السياسية.
ج-تشجيع المرأة على القيام بدرو وطني.
واستخدم رمزى اللغة الفصحى لمسرحياته التاريخي، وهى تتناسب مع الشخصيات البطولية، والأحداث التاريخية.
أما عن اسلوب رمزى اللغوى
فكثر الاستشهاد بالآيات القرآنية-الخطابة وهو ما يتناسب وطبيعة العصر
أما الفصل الثانى من الكتاب فتناول الروافد الشعبية والغربية التى استمد منها رمزى فى مسرحياته التاريخية،
حيث اغترف رمزى من بنع التراث الشعبى فى بنية مسرحياته التاريخية، كما استمد منها بعض شخصيات مسرحياته التاريخية الثانوية.
كما تأثر رمزى بالموروث المسرحى العربي، ومن ذلك تأثره بمسرحية "السلطان صلاح الدين ومملكة أورشليم" لفرح أنطون فى مسرحيته "أبطال المنصورة".
أما الباب الثانى فتناول فى الفصل الأول فيه الليبرتو أى النص المكتوب خصيصًا للغناء والموسيقى تناولاً تحليلاً نقديًا موضحة سمات الليبرتو بصفة عامة من قصر، واختصار الأحداث، واختيار الأحداث، واختيار موضوع معروف مثل "على بابا" يسهل على الكاتب اختصاره.
حيث كتب رمزى ثلاث ليبرتوات "شمشون ودليلة – الدرة اليتيمة – الهواري"، وقد استمد رمزى ليبرتو "شمشون ودليلة" من التوراة، وأوضحت كيف تناول رمزى هذه الأسطورة؟
درس الفصل الثانى مسرحيات رمزى الاجتماعية، وانقسم إلى:
مسرحيات اجتماعية ميلودرامية: وقد أوضح الكتاب كيف عالج رمزى المسرحية الاجتماعية الميلودرامية باعتبارها مجالاً خصبًا ومغريًا لإثارة قضايا اجتماعية متنوعة، وذلك مثل مسرحية "الفجر الصادق" التى تناقش مشكلة الزواج، والتى قدم لها رمزى بمقدمة يعرض فيها أفكاره الخاصة بالتعليم والصحافة والموسيقى والزواج، وبعد هذه المقدمة تبدأ أحداث المسرحية فى تتابع متوتر تتنوع عليه المفاجآت المأساوية حتى تنتهى نهاية مفجعة.
ومسرحيات اجتماعية هزلية: كتب رمزى مسرحيات "دخول الحمام مش زى خروجه" و"عقبال الحبايب" و"أبا خوندة" و"حنجل بوبو" لمناقشة قضايا اجتماعية مصرية، وهذا ما فعله عندما ناقش من خلال مسرحيتيه "دخول الحمام.." وعقبال الحبايب" قضايا اجتماعية جادة مثل وضعية المحاكم الشرعية، وأحكام الطلاق المزورة والشهادة الزور، وقضية الفقر الاجتماعي، والصراع بين مجتمع القرية ومجتمع المدينة، حيث يصطدم العمدة القروى عند انتقاله إلى المدينة بأحابيل هذا المجتمع الحضرى وأكاذيبه ورغم ذلك يتمسك العمدة بقيمة والعادات من غير طرح جدلى .
كما تأثر رمزى بالتراثى الشعبى فى مسرحياته الاجتماعية المتمثلة فى السير الشعبية، وحكايات ألف ليلة، وبابه طيف الخيال أو الأمير وصال لابن دانيال، كذلك استوعب فاصلاً كوميديًا من تأليف الفنان الشعبى عبدالقادر سليمان، مثلما تأثر بالأراجوز.
ومثالاً على ذلك استمد شخصية العمدة من الفاصل الكوميدى الشعبى الذى ألف عبدالقادر سليمان، والذى دار حول شخصية العمدة "عاشور" كذلك استعان بشخصية الدلالة "فاطمة" حيث كانت تدعى "أم رشيد" فى بابه طيف الخيال.
ورسم رمزى شخصية الفقيه المعمم طبقا لما رأه فى فن الأراجوز كما تأثر رمزى بالمسرح الغربى فى مسرحيتيه "صرخة الطفل" و"الفجر الصادق" بمسرحية بيت الدمية Adoll's Houseلهنريك إبسن، ومسرحية (الزواج) Getting Married لبرناردشو.
وقد تأثر بالأولى فى رسم معظم الشخصيات، وتأثر بالثانية فى كونها مسرحية أفكار، واستمد منها الموضوع التى تدور حوله، وهو ضرورة التناسب فى عمر الزوجين.
وأخيرًا ضم الكتاب البيلوجرافيا الوصفية لأعمال رمزى فى المجالات المختلفة (علم الأخلاق – الزراعة والاقتصاد – الفلسفة – المسرح – الرواية – القصة القصيرة – الرواية السينمائية) كما نشرت المؤلفة عدد من النصوص المسرحية فى الكتاب لنطلع على بعض من انتاج رمزى المسرحى حيث نشرت شمشون ودليلة والهوارى وعبقال الحبايب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة