يتحرك الحوت المعروف بضخامة جسده إلى الشاطئ، بإرادته أو غصبا عنه، ويستلقى هناك منتظرا الموت، كم مرة قرأنا ذلك وكم مرة شاهدناه على القنوات، وكم مرة رأينا الناس يحاولون مساعدة الحيتان فى العودة إلى الماء مرة أخرى.
دائما ما يشغلنى سؤال: لماذا تفعل الحيتان ذلك، ما الذى جرى لها فى عالم البحار دفعها لارتكاب فعل الانتحار وتفضيل الموت؟ العلم له رؤيته، هناك من يفسر الأمر بأنه "جنوح" غير مقصود، أو قراءة خاطئة لطبيعة الماء، أو بحثا عن طعام، أو مطاردة لفريسة، لكن هناك من يذهب إلى أنه يفعل ذلك بطريقة مقصودة وبكامل إرادته، وهنا يكمن الخطر.
وفى رأيي أن هناك أشياء تتجاوز التفسير العلمى دائما، مثل أن تجد إنسانا حزينا فى الشارع وعندما تسأله عن السبب ويخبرك تقول فى نفسك: سبب لا يستحق كل هذا الحزن.
هذا تسرع منك فى الحكم على ذلك الإنسان الحزين، بالطبع سببه يستحق حتى لو لم تفهمه أنت، هذا ما يحدث مع الحيتان فى المحيطات الشاسعة، هناك ما يدفعها لفعل الموت، وليس أمامنا سوى التأمل.
والتأمل يدفعنا للخيال، يدفعنا لتصور يوم فى حياة "الحوت" ما الذي أرق مزاجه، هل ضاق رزقه، أم غادره أبناؤه، أم أصابه الملل، أم طاردته الشيخوخة، أم حدث كل ما سبق مرة واحدة فوجد نفسه فى قمة الضياع، وبدَّل مساره من الذهاب إلى قلب المحيط للخروج إلى عراء اليابسة.
هذا التخيل يجعلنا نقر باعترافنا أننا عاجزون عن فهم كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى، ومن هنا يزيد احترامنا لكل ما يحيط بنا من مخلوقات.
بقى أن أتحدث عن الناس الذين يحاولون إنقاذ الحيتان، هؤلاء يقومون بفعل عظيم، خاصة لو أن هذه الحيتان جنحت وخرجت إلى الشاطئ غصبا عنها، وطالما لم نفهم دوافعها بعد وجب علينا مساعدتها قدر ما نستطيع، ربما يفيدنا هذا فى حياتنا البشرية، عندما نجد إنسانا ظروفه ليست جيدة علينا مساعدته قدر استطاعتنا بدفعه للحياة مرة أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة