محاولات مستمرة تقدم عليها الحكومة الفرنسية للسيطرة على مراكز الفكر المتطرف والمنظمات التي تتخذ من العمل الخيري ستاراً لها لنشر أفكار ومعتقدات داعمة للإرهاب ومحرضة على العنف، في معركة تقترب من دخول شهرها الثاني، بعد تعرض باريس لعملتي طعن إرهابيتين.
وبالتزامن مع تأكيدات المسئولين الفرنسيين المتتالية بعدم وجود استهداف للدين الإسلامي أو المسلمين داخل فرنسا، وإنما مواجهة لدعاة الفكر المتطرف، تقترب باريس من إعادة هيكلة شاملة للمؤسسات التي تمثل الدين الإسلامي في البلاد، حيث ينتهي بحلول 9 ديسمبر ما يعرف بـ"ميثاق الجمهورية"، والذي دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اجتماع عقد قبل أسبوع مع ممثلي الديانة الإسلامية في البلاد.
وفى وقت سابق قال ماكرون إنه بحث مع مسؤولي الديانة الإسلامية في فرنسا داخل الإليزيه الخطوط العريضة لتشكيل مجلس وطني للأئمة، يكون مسؤولا عن إصدار الاعتمادات لرجال الدين المسلمين في البلاد وسحبها منهم عند الضرورة.
وطلب ماكرون من محاوريه أن يضعوا في غضون 15 يوما "ميثاقا للقيم الجمهورية" يتعين على المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والاتحادات التسعة التي يتألف منها الالتزام به، على أن يتضمن الميثاق تأكيدا على الاعتراف بقيم الجمهورية، وأن يحدد أن الإسلام في فرنسا هو دين وليس حركة سياسية، وأن ينص على إنهاء التدخل أو الانتماء لدول أجنبية.
وشارك في الاجتماع رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد موسوي وعميد مسجد باريس شمس الدين حافظ بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحادات التسعة التي يتشكل منها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
وقال الرئيس الفرنسي لممثلي الاتحادات التسعة إنه يعلم أن عددا منها لديه مواقف غامضة من هذه الموضوعات، مشددا على أنه من الضروري "الخروج من هذا الالتباس". ووفقا للإليزيه هناك ثلاثة اتحادات لا تعتمد "رؤية جمهورية".
وقبل أيام من انتهاء المهلة التي حددها ماكرون للانتهاء من "ميثاق الجمهورية"، قال عميد جامع باريس الكبير، شمس الدين حافظ، إن مهام "مجلس الأئمة" الذى يعملون على إنشائه ستكون واسعة ولن تشمل فقط منح الاعتماد للأئمة والخطباء والدعاة.
وأضاف حافظ، "من المهام الأخرى تدريب الأئمة وفقا لمناهج إسلامية تتوافق مع واقع المسلمين في البيئة الفرنسية، واحترام قوانين الدولة، وكذلك مساعدة الأئمة المعتمدين في سياق برنامج متكامل لمنع التطرف، ووضع توصيات لتنسيق الممارسات الدينية في جميع أنحاء التراب الفرنسي، إلى جانب تعزيز التماسك الاجتماعي بين المسلمين وغيرهم من المواطنين واحترام التعددية".
وأشار إلى أنه من المقرر أن تتطور تركيبة المجلس الوطني للأئمة من أجل السماح للمرأة بأن تكون جزءا منه، معتبرا أن هذا سيؤدي إلى إصدار الموافقات والاعتمادات اللازمة للنساء المسؤولات عن التعليم الديني في أماكن العبادة.
بدوره ، أكد رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد الموسوي أنه "يتشارك تماما أهداف" الوثيقة، ومنها مكافحة "من يوظفون الديانة الإسلامية لغايات سياسية" لكنه حذر كذلك من وقوع "أضرار جانبية" مستقبلية.
خطة الرئيس الفرنسي تحدثت عن ملامحها قبل أيام صحيفة "لو جورنال دو ديمونش"، مشيرة إلى أنه سيتضمن أن يؤسس خلال ستة أشهر مسار "تأهيل تدريب الأئمة" وتنظيم "شهادات" اعتماد لهم ووضع "ميثاق يؤدي عدم احترامه إلى العزل".
ويهدف هذا المشروع إلى تحقيق رغبة السلطات في إنهاء نشاط 300 إمام في فرنسا "مبتعثين" من تركيا ودولاً أخري.
ويهدف التحرك الجديد إلى الحفاظ على معايير وقيم العلمانية الفرنسية، كما يتضمن 4 محاور تشرف وزارة الداخلية الفرنسية على تنفيذها بشكل كامل ـ بحسب الصحيفة ـ حيث أكد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مرارا سعيه لإعادة تنظيم وهيكلة منظومة الإسلام فى فرنسا لإدماجه فى الجمهورية الفرنسية ومكافحة الأصولية والفكر المتطرف بشكل فعال.
وبحسب بيانات وإحصائيات وزارة الداخلية الفرنسية، تضم فرنسا 4.5 مليون مسلم مسجلين لدى الحكومة، فى وقت تؤكد فيه تقارير شبه رسمية أن العدد يصل إلى ما يتراوح بين 5 لـ 6 ملايين مسلم، حيث أن غالبية المسلمين المتواجدين داخل فرنسا غير مسجلين فى الأوراق الرسمية.
وبموجب القوانين العلمانية داخل فرنسا، يحظر ممارسة الشعائر الدينية فى الأماكن العامة أو المفتوحة، كما يحظر ارتداء الرموز الدينية مثل الصليب أو غطاء الرأس اليهودى أو الزى الإسلامى بما فى ذلك النقاب والحجاب، وغير ذلك من الرموز.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، اكتوت فرنسا بنيران العمليات الإرهابية التى راح ضحيتها مئات ما بين قتيل وجريح فى اختراقات أمنية متتالية كان لها دور بالغ فى عدم تفكير الرئيس الفرنسى السابق فرانسوا هولاند خوض السباق الانتخابى مرة أخرى، والاكتفاء بولاية رئاسية واحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة