سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 نوفمبر 1848.. عباس باشا «حفيد محمد على» واليا على مصر بفرمان عثمانى بعد وفاة عمه «إبراهيم»

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 نوفمبر 1848.. عباس باشا «حفيد محمد على» واليا على مصر بفرمان عثمانى بعد وفاة عمه «إبراهيم» عباس باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذهب عباس باشا إلى سراى شبرا، ليقبل يد جده محمد على باشا والى مصر، فقال له الجد: «لعنت إبراهيم، لأنه حبسنى، ولذا قبض الله روحه فلا تتصرف نحوى مثله إذا كنت تريد ألا ألعنك أنت أيضا»، فطمأنه عباس وقال له وهو يقبل يده مرة أخرى: «أنت سيدنا، وستظل كذلك دائما»، حسب «نوبار باشا» فى مذكراته.
 
يذكر «نوبار» هذه القصة كشاهد، حيث كان سكرتيرا ومترجما لمحمد على، والتحق بخدمة ابنه إبراهيم، وبقى فى خدمة الوالى عباس، ثم الوالى سعيد، فالخديو إسماعيل، ثم الخديو توفيق، وأخيرا الخديو عباس حلمى الثانى، وتدرج معهم حتى أصبح وزيرا ورئيسا للوزراء.  
 
تمت مقابلة الجد والحفيد، بعد وفاة إبراهيم فى حياة والده محمد علي، يوم 10 نوفمبر 1848، كما كانت قبل أن يتوجه «الحفيد» إلى القسطنطينية لمقابلة السلطان العثمانى لمنحه فرمان تولية الحكم، خلفا لإبراهيم «طبقا لفرمان 1841»، والذى ينص على أن يتولى الحكم أكبر الذكور الأحياء من نسل الوالى من الأولاد والأحفاد، وطبقا لذلك فإن المنصب كان يؤول فى حالة وفاة إبراهيم إلى عباس بن طوسون، باعتباره الأكبر بين أولاد وأحفاد محمد على.
 
يذكر «نوبار» أن سوء الحالة الصحية لمحمد على، أدى إلى عقد اجتماع خاص لمجلس الوالى لتعيين من يتولى إدارة البلاد، فقرر إسناد المهمة إلى إبراهيم باسم والده فى إبريل 1848، وأصدر السلطان العثمانى فرمانا بذلك، وبوفاة إبراهيم قبل أبيه تولى عباس الحكم يوم 24 نوفمبر، مثل هذا اليوم، عام 1848، وفقا للدكتور زين العابدين شمس الدين نجم، فى كتابه «مصر فى عهدى عباس وسعيد».
 
ويذكر «نوبار» ردود الفعل الخارجية والداخلية على تولى عباس الحكم، قائلا: «تضاربت الآراء حوله فى مصر، كان الأوربيون يعتبرونه رجلا متعصبا ورجعيا، أما فى أوساط الموظفين فكان بالنسبة لهم شخصا لا يجيد فن التعامل مع الأزمات، وشبهوه بشخص لا يعرف كيف يتراجع فى الوقت المناسب عن ارتكاب الجريمة».
 
ويضيف نوبار، أن الموظفين كانوا يعرفون أنه ينهمك جدا فى الأمور الإدارية، لكنه كان يحب العزلة ولا يشعر بالسرور إلا فى محيط أسرته، ويستطرد: «كان معروفا بين الكبار بأنه كسول كما وصفه أمامى جده، ولذلك كانوا يجدون صعوبة فى التأقلم مع فكرة أنه أصبح سيدا عليهم بعد أن عرفوه طفلا ثم مراهقا، وكثيرا ما كان يتلقى منهم الأوامر الصادرة من جده وتوبيخه له فى أحيان كثيرة، فكان يلجأ إلى مكاتبهم».
 
شغل «عباس» الحكم وعمره 35 عاما، فهو مولود فى القاهرة عام 1813 أثناء غياب والده «أحمد طوسون باشا» فى شبه الجزيرة العربية، وتوفى فيها عام 1816 أى بعد ولادة ابنه بثلاث سنوات، فعنى الجد بتربيته.. يذكر «نجم»: «حبا محمد على حفيده عباس بعناية، وبذل فى تربيته الوقت والجهد لتنشئته تنشئة حسنة، وألحقه بمدرسة الخانكة ليكون متصفا بالعلم والمعرفة، ولكنه ما لبث أن خيّب آمال جده، فقد أعرض عن تلقى العلوم، خاصة اللغات الأجنبية، ورفض أسلوب التربية الأوروبية، ومن ثم استعاض محمد على عن تعليمه بإسناد المناصب الإدارية إليه وتولى إعداده لولاية مصر فى المستقبل باعتباره أكبر الأبناء الأسرة سنا، وأحقهم بولاية الحكم بعد عمه إبراهيم باشا».
 
 يذكر «نجم»، أن حكم عباس استند إلى عنصرين أساسيين هما الجمود والرهبة، وبدأه بمعزل عن الناس متهاونا فى شؤون الحكم..يضيف: «ما زاد من عزلته أنه كان يرى المحيطين به إما قطعا من الذئاب الغريبة، وإما طائفة من الموظفين المتملقين الذين لا هم لهم إلا جمع الثروة.. ولم يكتف بالاحتجاب عن الناس داخل سراى الخرنفش وسراى الحلمية بالقاهرة، بل بالغ فى مجافاتهم، حيث بنى قصرا فخما فى الريدانية «العباسية»، وكانت منطقة صحراوية منقطعة عن العمران وبعيدة عن العاصمة، وبلغ عدد نوافذه 2000 نافذة، ولم يكد يفرغ من إنشائه حتى راح ينشئ قصرا ثانيا، واختار له بقعة موحشة على الطريق بين القاهرة والسويس، وشيد بها قصرا عرف باسم «الدار البيضاء»، كما أنشأ قصرا آخر فى جهة العطف، وقصرا فى بنها اختار له موقعا بعيدا عن المدينة».
 
ويؤكد «نجم»: «كان من أثر حبه للعزلة إكثاره من ركوب الخيل والهجن والتوغل بها فى جوف الصحراء، حتى قيل عنه أنه كان محبا لركوبها ومولعا باقتنائها إلى الحد الذى لم يعرف اقتصادا فى سبيل اقتنائه لها، وقام ببناء الاسطبلات لها، كما كان محبا لاقتناء الكلاب وكذلك العبيد، وقبل وفاته كان يملك 500 من العبيد». 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة