تاريخ طويل من الدموية والتآمر والعنف ضد الدولة المصرية انتهجته الجماعة الإرهابية منذ نشأتها، وكللت بما شهده عهد المعزول محمد مرسى العديد من الفتن السياسية داخل الدولة المصرية، والتى أسفرت عن وقوع العديد من الضحايا والشهداء، ومن أبرز الفتن التي وقعت في العام الأسود لحكم المعزول، حيث يمكننا البدء من أحداث الإتحادية، فقد كان الإعلان الدستورى والذى أصدره محمد مرسى العياط، وحصن أعماله وكان يساعد على أخونة الدولة، شعلة لاندلاع الاحتجاجات بالشارع المصرى، ففى الرابع من ديسمبر عام 2012، قام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسی، بالاعتداء على المتظاهرين السلميين المعتصمين أمام قصر الاتحادية، احتجاجا على إصداره الإعلان الدستورى الذى يمنحه سلطات موسعة.
وشهدت الأيام التالية اعتداءات من قبل الداخلية وأنصار مرسى من جماعة الإخوان على المعتصمين والمتظاهرين، عرفت فيما بعد بأحداث الاتحادية، وكانت تلك الأحداث بمثابة المسمار الأول فى نعش نظام الإخوان، وكشف للوجه الحقيقى للجماعة، الذى يميل للعنف وقمع معارضيها، حيث عززت تلك الأحداث انفصال القوى الثورية والسياسية عن الإخوان، التى أثبتت أنها لا تختلف كثيرا عن نظام مبارك.
إصدار مرسى لإعلانه الدستورى، الذى يمنحه تعديا واضحا على مؤسسات الدولة، قوبل بالرفض الشديد من قبل قطاع كبير من القوى السياسية والثورية، وتزامن ذلك مع قراره بطرح مشروع دستور 2012 للاستفتاء، برغم عدم التوافق الذى صاحب کتابته ومواده، وقرر عدد من شباب القوى السياسية والثورية إعلان الاعتصام في محيط قصر الاتحادية في الخامس من ديسمبر 2012، لذى راح ضحيتها العشرات ما بين مصابين وقتلى، وأبرزهم استشهاد الصحفى الشاب الحسينى أبو ضيف.
وبعد ذلك أعلنت جماعة الإخوان والذراع السياسى لها حزب الحرية والعدالة، اعتزامها تنظيم مسيرات من بعض المساجد لقصر الاتحادية، لتنظيم تظاهرة مؤيدة للرئيس وقراراته فى نفس المكان، وذكرت تقارير حقوقية صدرت عقب تلك الأحداث، أن مؤيدى الرئيس كانوا مسلحين بعصى كهربائية وحجارة وجنازير حديدية، وهم يرددون هتافات مثل: "الشعب يؤيد قرارات الرئيس"، "الشعب يريد تطبيق شرع الله"، بالإضافة إلى هتافات أخرى كانت تسب رموز القوى المدنية وتوصمهم بالكفر، وسعت وسائل الإعلام الإخوانية لتشويه صور المعارضين، وتصوير كميات من المخدرات وزجاجات الخمر، ادعت تواجدها بخيم المعتصمين.
وبرغم أن المعتصمين التزموا السلمية، إلا أن جماعة الإخوان وأنصار مرسى، اندفعوا تجاه المعتصمين لفض اعتصامهم بالقوة، وتحطيم خيامهم بهدف حماية رئيسهم، خوفا من اقتحام المعتصمين القصر، الأمر الذى لم يكن فى مخطط المعتصمين من الأساس ، فشهدت الأيام الأربعة التالية اشتباكات بين المتظاهرين وأنصار مرسي ، وشهد ميدان التحرير صباح يوم الخميس السادس من ديسمبر توافد آلاف المتظاهرين احتجاجا على فض اعتصام المعارضين للقرارات الأخيرة للرئيس.
ولم يتخذ مرسى أى قرارات تحول دون منع الاحتكاك والاشتباك بين مؤيديه ومعارضيه، على الرغم أنهم كانوا على بعد أمتار قليلة من مقر عمله بالقصر .
وتم إفساح المجال للعنف الممنهج من قبل المؤيدين، وازدادت وتيرة العنف مع إقامة مؤیدی مرسى مخيمات، بالقرب من إحدى بوابات قصر الاتحادية حولوه لمركز اعتقال وتعذيب واستجواب للمتظاهرين، الذين اعتبروهم متآمرين على الرئيس الشرعى، ويرغبون بإسقاطه بمعاونة عملاء الداخل ( قيادات المعارضة التي أسست جبهة الإنقاذ الوطنى).
كان أنصار مرسي يختطفون المعتصمين والمتظاهرين بطريقة عشوائية من محيط الاعتصام ويحتجزونهم بذلك المخيم، ويعتدون عليهم بالضرب والإهانة والتعذيب وتجريدهم من ملابسهم، لاستجوابهم من أجل كشف ما كانوا يؤمنون بأنه مؤامرة عليهم وعلى رئيسهم، ولم يفرقوا في ذلك بين الرجال والنساء والأطفال.
وتم احتجاز الناشطة علا شهبة التى تعرضت للضرب والاعتداء الشديد، حتى تورمت عيناها وأصيبت بكدمات وسحجات بأنحاء جسدها ووجهها.
نفس المعاملة المهينة تلقاها الدبلوماسي السابق يحيى نجم، والمهندس بشركة أورانج العالمية للاتصالات مینا فیلیب، وغيرهم من المتظاهرين، كما تم التحفظ على بعض المعتصمين المعارضين كرهائن لعدة ساعات بعد تعرضهم للضرب المبرح، وتم الإفراج عنهم لاحقا بعد ضغوط كبيرة وتسليمهم للشرطة على أنهم "بلطجية".
ولعل ما أثار حنق المتظاهرين والمعتصمين، هو أن تلك الاستجوابات كانت تتم على مقربة من مرسى، بل تمادی بعقد مؤتمر صحفى داخل القصر الرئاسى بحضور إعلامى كبير، تزامن مع وقت الهجوم على الاعتصام السلمى خارج أبواب القصر، فضلا عما بدا وقتها من تنسيق بين المشرفين من أنصاره على استجواب واحتجاز المعارضين له وبين مسئولين فى القصر الرئاسى من طاقم الرئيس المقرب الأمر الذى آثار الغضب بالشارع، فاندفع الآلاف إلى محيط قصر الاتحادية لرفض ذلك العنف وإدانته، كما حاصر الآلاف مقرات حزب الحرية والعدالة بالمحافظات غاضبين مما يحدث بالقاهرة وتم الاعتداء على عدد من تلك المقرات.
كما أسفرت تلك الأحداث عن مقتل عشرة أشخاص وإصابة 748 طبقا لوزارة الصحة، وأكدت تقارير الطب الشرعى أن الوفيات التى وقعت فى صفوف كل من المؤيدين والمعارضين، جاءت نتيجة الإصابات بالرصاص الحى والخرطوش، وقد كانت معظم ردود الفعل العالمية من تصريحات القادة والسياسيين تحذر من حدة الاستقطاب الذى يغذيه ممارسات نظام مرسى وجماعته على المجتمع فضلا عن لجوئهم لاستخدام العنف والشحن المضاد باستخدام الدين، محذرين من وقوع حرب أهلية.
وبعد 30 يونيو تم فتح قضية أحداث قصر الاتحادية وتوجيه الاتهام فيها إلى الرئيس المعزول محمد مرسى، و14 آخرين من قيادات الإخوان، حيث ضمت لائحة المتهمين كلا من: أسعد الشيحة ( نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق ) وأحمد عبد العاطي ( مدیر مکتب رئيس الجمهورية السابق ) وأيمن عبد الرؤوف هدهد ( المستشار الأمني لرئيس الجمهورية السابق ) وعلاء حمزة ( قائم بأعمال مفتش بإدارة الأحوال المدنية بالشرقية ) وأحمد المغير ( مخرج حر - هارب ) وعبد الرحمن عز الدين ( مراسل لقناة مصر 25 - هارب ) ومحمد البلتاجي ( طبیب ) وعصام العريان ( طبیب ) ووجدي غنيم ( داعية - هارب ) .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة