أن تصل متأخراً، خيرا من ألا تصل أبدًا.. وبالمنطق ذاته، فإن مبادرة المجلس الأعلى للإعلام، بنبذ التعصب الرياضى بشكل عام، وفى ملاعب كرة القدم بشكل خاص، والتى تعلن رسميا اليوم الأربعاء، بحضور وزير الشباب والرياضة، ونجوم الكرة والنقاد، ومشاهير الفن، أمرا مهما، ويجب على الجميع التكاتف، لخلع ما تم نثره من بذور التعصب، طوال الفترة الماضية.
الحقيقة، ومع الاعتراف الكامل، ودون مجاملات أو طبطبة فى غير محلها، فإن برامج "التوك شو" الرياضية تساهم بنصيب الأسد فى تأجيج نار التعصب، بل يمكن القول، أن برامج التوك شو الرياضية، ساهمت في مد السوشيال ميديا، بكل السوءات المساهمة في إشعال الفتنة بين الأندية بعضها وبعض، بشكل عام، وبين قطبى الكرة المصرية بشكل خاص.
معظم مقدمو برامج التوك شو الرياضى، وياللأسف، يفتقدون القدرة على التقييم، وقراءة المشهد العام، وأن تصريحاتهم التي يدلون بها أمام الكاميرات، وإثارة قضايا تؤجج الفتن، وتؤثر في زيادة حالات الانشقاقات والكراهية بين جماهير الأندية العريضة، بجان استضافتهم لنجوم الفرز الثالث، ومن تركوا الملاعب وأصابهم الصدأ، الذين يحاولون لفت الأنظار وركوب "التريند" بتصريحات غير منطقية، تثير السخط الجماهيرى العريض، إذا ما علمنا أن الملايين يشجعون قطبى الكرة المصرية، وأن المشهد العام، وتأثيرات ما يدور في الإقليم، والأوضاع المشتعلة على كافة المحاور الاستراتيجية، لا يتحمل فتنة "كروية".. وما أسوأ أن تتحول "لعبة" للهو والتسلية، كنا نأمل أن تكون "صناعة" تتيح مئات فرص العمل، إلى كراهية ودعوات للتخريب، يوظفها أعداء الوطن في الداخل والخارج.
ووسط هذا المشهد الكروى الملبد بالفتن والتعصب، تستعد مصر لحدث كروى فريد، يقع لأول مرة في القارة السمراء، نهائي رابطة الأبطال الإفريقية، بين قطبى الكرة المصرية، الأهلى والزمالك، فى 27 الشهر الجارى، وبجانب أن الكأس، صارت مصرية، فإن التاريخ سيسجل هذا الحدث النادر، والأول من نوعه، بأحرف من نور، ويصير حديث القارة وأيضا المنطقة العربية، واهتمام الصحف العالمية، الأمر الذى يصدر صورة مبهجة للرياضة المصرية.
المعلوم بالضرورة، أن الرياضة بشكل عام، وكرة القدم على وجه التحديد، تمثل القوة الناعمة لمصر، وترسخ صورة ذهنية مبهجة، يمكن توظيفها سياحيا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا أيضا، فهل يدرك هؤلاء الذى يطلون علينا من أمام كاميرات القنوات الفضائية، والجالسون خلف "الكيبورد" يلقون بتفاهاتهم على السوشيال ميديا، هذه الحقائق..؟! وهل لديهم القدرة على التقييم والفرز وقراءة المشهد واستيعاب مخاطر ما يدلون به من تصريحات "خزعبلية لوذعية" على المشهد العام..؟!
الإجابة يقينا، لا، لأن السادة مقدمى البرامج، وضيوفهم، صاروا أسرى السوشيال ميديا، وانحرفوا عن مسار التوعية والتنوير، إلى إشعال نار الفتن، ونثر بذور التعصب المقيتة، دون إدراك أو وعى حقيقى، أن اللهث وراء السوشيال ميديا، ينتقص بقوة مفرطة، من دورهم، ويسلمون مفاتيح الريادة الإعلامية لعالم افتراضى، وهنا مكمن الخطر.
إذن المطلوب، الآن، وحتى 27 الشهر الجالى، أن وزارة الشباب والرياضة، والمجلس الأعلى للإعلام، والجهات المعنية، دورا رقابيا قويا، ولا يُسمح لأى شخص، مهما كان وضعه ونجوميته، أن يدلى بتصريحات تشعل الفتن، وتعمق التعصب، ومحاسبة من يخالف هذا التوجه، حسابا قويا، بالقانون، فالوطن لا يتحمل أن تتسبب "لعبة" في إثارة الفتن والتعصب والكراهية، بين ملايين المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة