بيشوى رمزى

خطاب ماكرون يكشف "خطايا" بوش وأوباما

الخميس، 22 أكتوبر 2020 02:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تبدو فرنسا على موعد من معركة جديدة، ضد الجماعات المتطرفة، التي باتت تمثل تهديدا صريحا للأمن في العديد من الدول الأوروبية، والتي تقاعست معظمها عن اتخاذ إجراء حاسم، رغم تزايد العمليات الإرهابية، التي ضربت العديد من المدن والعواصم الأوروبية، من بينها باريس وستراسبورج، مرورا بالعاصمة البريطانية لندن، وحتى العاصمة برلين، بينما تنوعت الأساليب بين التفجيرات وإطلاق النار على الأبرياء، والطعن، وانتهاءً بالذبح على غرار ما حدث مع معلم التاريخ الفرنسي، والذى كان بمثابة القشة التي ربما تنهى الدور المشبوه الذى تلعبه تلك التنظيمات في أوروبا تحت غطاء الدين، عبر خطاباتها المتطرفة.
 
ولعل الخطاب الذى تبناه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تجاه تلك التنظيمات الإرهابية، قد أثار قدرا كبيرا من الجدل، في ظل محاولات التيارات المتطرفة خلق حالة من العداء بين النظام الفرنسي والدين الإسلامي، عبر منصاتهم الإعلامية، ومواقع التواصل الاجتماعى، في انعكاس صريح لدعمهم للعمليات الإرهابية، التي من شأنها الإساءة للدين الإسلامي، وتأجيج ما يسمى بـ"الإسلاموفوبيا"، والتي وضعت مسلمى الغرب في عزلة حقيقية داخل مجتمعاتهم، منذ أحداث 11 سبتمبر، والتي ساهمت بصورة كبيرة في تشويه صورتهم، بالإضافة إلى الخطاب الإعلامى الأمريكي، في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش، والذى وظف آلته الإعلامية لتشويه الإسلام في إطار محاولاته لـ"شرعنة" ما أسماه "الحرب المقدسة" ضد الإرهاب.
 
وهنا تظهر عبقرية ماكرون، في تفادى أخطاء بوش، والذى سعى إلى خلق حالة من العداء تجاه الإسلام، دفعت نحو حالة من الاستقطاب المجتمعى، حيث كان الرئيس الفرنسي أكثر دقة في تحديد "العدو" الحقيقى، للمجتمع الفرنسي بأسره، وفى القلب منه المسلمين أنفسهم، وهو ما يتجلى بوضوح في حديثه الصريح، والذى لا يقبل التأويل، حول أهمية حماية "مواطنينا" المسلمين من المتطرفين، وهو التصريح الذى ربما أخرس هواة الصيد في الماء العكر، لإجهاض حربا تبدو ضرورية لحماية فرنسا، ربما يتسع نطاقها، قريبا في ظل تهديدات أكثر شمولا تستهدف القارة العجوز بأكملها.
 
خطاب ماكرون يقدم الحماية للمجتمع الفرنسي، على مسارين متوازيين، أولهما عبر القضاء على الجماعات المتطرفة التي تسعى لتعزيز وجودها عبر بعض المنابر تارة، أو من خلال مواقع الانترنت تارة أخرى، لتأجيج العنف، بينما قام المسار الثانى على الاحتفاظ بتعزيز التماسك المجتمعى، بحيث لا يفتح الباب أمام فوضى قد تشعلها التيارات المحافظة في الداخل الفرنسي، لاستهداف المسلمين، على غرار حالة الاحتقان التي تلت أحداث 11 سبتمبر، والتي لم تقتصر على الولايات المتحدة، وإنما امتدت إلى العديد من دول المعسكر الغربى.
 
خطيئة بوش تكررت في عهد أوباما، والذى آثر طريق المصالحة مع العالم الإسلامي، فور تنصيبه بالبيت الأبيض في عام 2009، لامتصاص حالة الغضب هيمنت على مسلمى العالم جراء سياسات سلفه، فذهب هو الأخر نحو تعزيز مكانة نفس الجماعات الإرهابية المتطرفة، التي سبق وأن حاربها بوش، في انعكاس صريح لتطابق الرؤى بينهما، والتي دارت حول إلصاق العنف والتطرف بالدين، رغم اختلاف النهج الذى تبناه كلا منهما.
 
الموقف الفرنسي يمثل نهجا غربيا جديدا، يبدو أكثر اعتدالا، إذا ما قورنت بالسياسات السابقة التي تبناها الغرب، في التعامل مع الجماعات المتطرفة، حيث تمثل انعكاسا صريحا لوضوح رؤية ماكرون للإسلام من جانب، وللجماعات المتطرفة من جانب أخر، ليصبح الفرق واضحا بينهما، وهو ما يساهم في إظهار العدو الحقيقى الذى ينبغي محاربته، وهو الإرهاب، وليس الدين، بينما يعمل في الوقت نفسه على تعزيز تماسك المجتمع، وفى القلب منه المسلمين المعتدلين أنفسهم.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة