قرأت لك.. "١١٧٧ق.م: عام انهيار الحضارة" كيف سقطت الحضارات القديمة؟

الجمعة، 16 أكتوبر 2020 07:00 ص
قرأت لك.. "١١٧٧ق.م: عام انهيار الحضارة" كيف سقطت الحضارات القديمة؟ غلاف الكتاب
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عام ١١٧٧ق.م، غزت مصر جماعات مغيرة، عرفت باسم "شعوب البحر"، تمكن جيش الفرعون وأسطوله البحرى من دحرهم، ولكن النصر أضعفَ مصر حتى إنها سرعان ما أخذت فى الاضمحلال، كحال معظم الحضارات المحيطة بها، وهذا ما يسرده كتاب "١١٧٧ق.م: عام انهيار الحضارة".
 
ويوضح الكتاب، أنه بعد قرون من الازدهار، حلَت نهاية مفاجئة وكارثية على عالم العصر البرونزى المتمدن، سقطت الممالك كقِطع الدومينو فى فترة لا تتجاوز بضعة عقود من الزمان، مُحيت من الوجود حضاراتُ المينويِين والميسينيِين، ولم يبق أثر للحيثيِين، ولا البابليِين، وفجأة لم يعد للاقتصاد المزدهر وجود فى أواخر الألفية الثانية قبل الميلاد، واندثرت الحضارات التى كانت يومًا ما تمتد من اليونان إلى مصر وبلاد الرافدين، وزالت معها نُظُم الكتابة، والتكنولوجيا، والعمارة، ولكن لا يمكن أن تكون "شعوب البحر" وحدها هى المسئولة عن ذلك الانهيار الواسع المدى، فكيف حدث ذلك إذن؟
 
١١٧٧ق.م عام انهيار الحضارة
١١٧٧ق.م عام انهيار الحضارة
 
فى هذا السرد الجديد للأسباب التى أدت إلى «العصور المظلمة الأولى»، يحكى «إريك كلاين» القصةَ التى تسلب الألباب؛ قصةَ النهاية التى نتجت عن إخفاقات متعددة متداخلة، من غزو وتمرد إلى زلازل وجفاف، وقطع لطرق التجارة الدولية، يرسم «كلاين» صورة بانورامية أخَّاذة لإمبراطوريات العصر البرونزى المتأخر وشعوبه، ويُلقى ضوءًا جديدًا على الصلات المعقدة التى بزغت منها تلك الحضارات، والتى كانت هى نفسها من أسباب تدميرها فى نهاية المطاف ومجيء عصرٍ مظلم دام لقرون.‎
 
يبدأ كتاب «١١٧٧ق.م: عام انهيار الحضارة» بحدثِ غزو شعوبِ البحر لمصر سنة ١١٧٧ وينتقل من تلك النقطة إلى أماكن أخرى وسنوات سابقة. فيأخذنا إلى العصر البرونزى المتأخر فى الأيام المجيدة للقرن الخامس عشر قبل الميلاد، ويَستعرض مجموعة مختلفة من الحضارات من بلاد الرافدين إلى اليونان، ومن إسرائيل إلى الحيثيين، وبعد ذلك ينطلق عبر القرون إلى الطرائق، والشخصيات، والأحداث التى قوضت عالما، ثمة براعة فى تحرى الأدلة تظهر فى سائر الكتاب، وتتسم التفاصيل المعروضة بالضخامة كما فى التفاصيل الواردة عن خراب مدينة الميناء السورية أوغاريت حوالى ١١٩٠ق.م، وبالتعمق كما فى ذكر تفصيلة تصوير جمجمة الملك توت عنخ آمون باستخدام الأشعة المقطعية والعدوى التى أصابته، بعد كسر ساقه، والتى من المحتمَل أن تكون هى ما أدت إلى وفاته.
 
يستكشف إريك كلاين، بجرأة وذكاء وحس درامى، الأصداء ما بين العصر البرونزى المتأخر وزمننا، بدءًا من أزمة اقتصادية وتغير مُناخى إلى حرب فى الشرق الأوسط. قد لا يكون عام ١١٧٧ق.م معروفًا للكثير من الناس، لكنه يستحق أن يكون كذلك.
 
على الرغم من أن هذا الكتاب يعنى فى المقام الأول بانهيار حضارات العصر البرونزى والعوامل التى أدّت إلى ذلك الانهيار منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة مضت، فإنه قد يتضمن دروسًا يمكن أن تستفيد منها مجتمعاتنا المعاصرة ذات الطابع العالمى والمتجاوزة للحدود الوطنية، قد يخال للبعض أنه لا يُمكن أن تكون هناك مقارنة بين عالم العصر البرونزى المتأخر وثقافتنا الحالية المعتمدة على التكنولوجيا. ومع ذلك، فثمة ما يكفى من أوجه التشابه بين الاثنين -التى تشمل البعثات الدبلوماسية وحظر التبادل التجارى الاقتصادي؛ وعمليات الخطف والفدية، وعمليات القتل والاغتيالات الملكية؛ والأعراس الفخمة وحالات الطلاق غير السارة؛ والمؤامَرات الدولية والتضليل العسكرى المتعمَّد؛ والتغير المُناخى والجفاف؛ وحتى تحطم سفينة أو اثنتين- ما يجعل من النظر بمزيد من التدقيق فى أحداث، وأشخاص، وأماكن حقبة ما كانت موجودة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام؛ أمرًا يزيد عن كونه مجرد عملية أكاديمية متعلقة بدراسة التاريخ القديم.1 فى الاقتصاد العالمى المعاصر، وفى عالمٍ عصَفَت به مؤخرًا الزلازل وأمواج تسونامى فى اليابان وثورات «الربيع العربي» الديمقراطية فى مصر، وتونس، وليبيا، وسوريا، واليمن، تتشابك ثروات واستثمارات الولايات المتحدة وأوروبا تشابكًا لا انفصام له فى إطار نظامٍ عالَمى يشمل أيضًا شرق آسيا ودول الشرق الأوسط المنتجة للنفط؛ ومن ثَمَّ، فإن من المحتمل وجودَ الكثير من الدروس التى يمكن استخلاصها من فحص البقايا المتناثرة لحضارات كانت هى الأخرى متداخلة وانهارت منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة