بعد 7 سنوات من الرصد والأبحاث لفريق من الباحثين المصريون، لإثبات ظاهرة فلكية فريدة بتعامد الشمس على عدد من المعابد الفرعونية القديم، شهد معبد الملكة حتشبسوت بالبر الغربى فى محافظة الأقصر، اليوم الإثنين، ولأول مرة رصد واحدة من عجائب القدماء المصريين بتعامد الشمس على المقاصير المقدسة للمعبد بالدير البحري، وذلك فى عيد "حتحور" رمز الحب والجمال، أضاءت الشمس بأشعتها الأولى صباح اليوم مقصورات المعبد بمشهد مبهج للغاية، وهو ما سعى وخطط له المهندسون الفراعنة قديماً بأن يتحول الظلام إلى نور فى تجسيد لبدء الخلق حيث ينبثق النور فى مقصورات المعابد بعد الظلمة فى أول لحظات شروق الشمس.
الأجانب يشاهدون تعامد الشمس
وقد حضر رصد والإحتفال بظاهرة تعامد الشمس على مقصورات معبد الملكة حتشبسوت، العشرات من السائحين من جنسيات متعددة وخاصة أفواج من اليابانيين والأمريكان، حيث يقول الخبير السياحى أيمن أبوزيد رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية بمحافظة الأقصر، إن الحملة التى أطلقها للترويج لسياحة الفلك الأثرى بمعابد الأقصر وصعيد مصر، لاقت نجاحا وحضر بالفعل فعاليات التعامد فجر اليوم الإثنين، أفواج من الأجانب وسط أجواء مبهجة وسعادتهم بكونهم أول من حضر الفعاليات والرصد لتعامد الشمس على مقصورات الملكة حتشبسوت، حيث جاء ذلك ضمن سلسلة التعامد من الشمس التى يقوم فريق أثرى بمتابعتها حول معابد الأقصر وجنوب مصر.
السياح يتابعون تعامد الشمس
وأضاف الخبير السياحى أيمن أبوزيد فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، "أنه على الرغم من مرور آلاف السنين، إلا أنه مازالت أسرار علم الفلك فى مصر القديمة لم تكتشف حتى الآن بشكل كامل، حيث يأتى استغلال الأبحاث العلمية فى هذا المضمار من أهم أولويات الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية بالأقصر، وخاصة الأبحاث الفلكية للباحث المهندس أحمد عوض الذى لم يبخل بنشر هذا العلم والتعاون فى استغلاله لتأسيس نمط سياحى جدبد تحت مسمى سياحة الفلك الأثرى، قائلاً: "نظراً لإدراكنا إلى أهمية هذة الأحداث الفلكية للسياحة الثقافية فى مصر نقدم جهدنا المتواصل للتسويق لها لما فيه المصلحة العامة للسياحة فى مصر، وندعو جموع السائحين للتوجه يوم 6 يناير الجارى لمعبد الملكة حتشبسوت بالدير البحرى لمشاهدة الحدث مع شروق الشمس بالمعبد، ونتمنى أن يحضر المرشدين السياحيين مع ضيوفهم الأجانب لمشاهدة الحدث وليكون هذا اليوم بداية لتسويق الحدث عالمياً".
وقال أيمن أبو زيد الخبير السياحي، أن "سياحة الفلك الأثرى" من الأنماط التى يحرص عليها العديد من السياح حول العالم، ويجب التسويق لها بآليات مختلفة وبالتعاون والدعم من من جميع الجهات المسؤلة عن السياحة، حيث أن الجمعية من خلال مشروعها الطموح، وهو التوثيق السياحى للظواهر الفلكية فى المعابد المصرية القديمة، بالتعاون مع الدكتور المهندس والباحث أحمد عوض إستمر لمدة سبع سنوات من العمل ومازال الجهد المبذول لوضع هذة الأحداث على الخريطة السياحية المصرية قائماً حتى الآن، قائلاً: "إن فلسفة النور هى فلسفة دينية عميقة عند المصريين القدماء، ولذا قد حرص المصرى القديم فى بناياته الدينية على أن يكون توجهات معابدة تجاة النور المتمثل فى الشمس والقمر والنجوم، ولذلك تزخر الحضارة المصرية القديمة بالعديد من الظواهر الفلكية النادرة فى معابدها القديمة مما يدل على ريادة ونبوغ المصريين القدماء منذ أكثر من خمسة الاف عام فى علوم الفلك وربطة بالعمارة والهندسة"، ومعبد الملكة حتشبسوت نحت فى الصخر وشيد على محور شمسى ليستقبل شمس الشتاء، وأن تتعامد الشمس على مقاصيرة المقدسة يومى السادس من يناير وفى التاسع من ديسمبر، وذلك إحتفاءاً فى التاريخ الأول بعيد حاتحور وفى الثانى بعيد حورس رمز الشرعية الملكية والسمو والرفعة، وقد احتفل المصريين القدماء بهذين العيدين خلال فصل الشتاء فى المعبد وسط اجواء من البهجة واداء الطقوس الدينية المختلفة".
السياح يلتقطون الصور التذكارية لتعامد الشمس
وقال رئيس جمعية التنمية السياحية بالأقصر، إن دمج السياحة والآثار معاً خطوة إيجابية للاستفادة من خلق أنماط سياحية جديدة، والإستفادة من الأثر من كافة الجوانب لخدمة القطاع السياحى، موضحاً أن الوزير خالد العنانى والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور مصطفى وزيري، لهم من الفكر المستنير لدفع عجلة التنمية فى هاذين القطاعين الحيويين مما يصب فى المصلحة العامة للوطن، مشدداً على أن المجتمع المدنى دائماً شريك داعم وفاعل لا ينفصل عن المجتمع الذى هو جزء منة والتعاون بينهم قد يحقق كثير من النجاحات.
وخلال رصد فعاليات تعامد الشمس بمعبد الملكة حتشبسوت، قال المرشد السياحى ومنظم البرامج السياحية، صالح أمين، إنها المرة الأولى التى يشارك فيها فى الإحتفال بتعامد الشمس على معبد الملكة حتشبسوت، برفقة فوج سياحى يابانى قدم خصيصا لحضور تلك الظاهرة، مشيرا إلى أن السوق السياحى اليابنى يتشوق لمثل تلك الأحداث السياحية الفريدة.
السياح يلتقطون صور للمعبد
وأضاف المرشد السياحى صالح أمين لـ"اليوم السابع"، أن الفوج اليابانى كان فى حالة من الانبهار الشديد خلال رصد الظاهرة التى يشاهدونها لأول مرة فى حياتهم فى قلب المعبد التاريخى للملكة حتشبسوت.
أما الدكتور أحمد عوض، رئيس الفريق البحثى المصرى المتخصص فى رصد الظواهر الفلكية فى معابد ومقاصير قدماء المصريين، فقد أكد أن فريقه البحثى الذى عمل على رصد تلك الظواهر منذ 7 سنوات وحتى الآن، يضم كل من الطيب عبدالله المرشد السياحى الأقصري، وأيمن أبوزيد رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، وقد عملوا على رصد عشرت الظواهر حول مصر مؤخراً، مؤكداً على أنه سيتقدم بمشروع لوزير السياحة والآثار فى مصر، الدكتور خالد العنانى، لوضع ما بات يعرف بإسم "سياحة الفلك"، على الأجندة السياحية الرسمية لمصر خاصة وأن الحكومة بادرت مؤخرا بضم وزارة السياحة والآثار فى حقيبة وزارية واحدة، حيث أن المشروع الجديد لتثبيت الأحداث الفلكية بالمعابد والمقاصير المصرية القديمة، يمتد ليشمل محافظات الأقصر وقنا والوادى الجديد بجانب محافظة أسوان.
تعامد الشمس على المعبد
وأضاف الدكتور أحمد عوض، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن تعامد الشمس على قدس أقداس معبد الملكة حتشبسوت، هى ظاهرة من بين 19 ظاهرة فلكية رصدها ووثقها فريقه العالمى الذى يضم فى عضويته رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية أيمن أبوزيد، والباحث الأثرى المصرى الطيب عبدالله، مضيفاً أن فريقه تمكن منذ العام 2014 من رصد توثيق 6 ظواهر فلكية بمعابد هابو ودير شلويط وحتشبسوت فى محافظة الأقصر، و6 ظواهر فلكية بمعابد هيبس وقصر غويطة وير الحجر فى محافظة الواى الجديد، وخمس ظواهر بمعبد ادفو ومنطقتى جبل السلسلة وكلابشة فى محافظة اسوان، بجانب ظاهرتين فلكيتين فى معبد دندرة بمحافظة قنا، موضحاً أنه من المعروف بحسب كتب المصريات أن تعامد الشمس بالمعابد والمقاصير المصرية القديمة، هى واحدة من الظواهر التى تؤكد ريادة قدماء المصريين لعلوم الفلك قديما.
وأوضح رئيس الفريق البحثى المصرى، أنه رصد تلك الظاهرة منذ العام 2014 تم بموافقة من اللجنة الدائمة بالمجلس الأعلى للآثار المصرية، كما جرى مناقشتها والنشر العلمى فى المؤتمر الدولى الأول لكلية الآثار بجامعة القاهرة فى العام 2015، واستضاف متحف الأقصر ومتحف مكتبة الإسكندرية معرضين فوتوغرافيين يوثقان تسعة عشر ظاهرة لتعامد الشمس داخل إحدى عشر معبدا ومنطقة اثرية مصرية قديمة داخل اربع محافظات مصرية، مؤكداً أن عدد المعابد والمقاصير المصرية القديمة المسجلة أثرياً على مستوى جمهورية مصر العربية يقارب 330 معبدا ومقصورة، منهم فقط عدد 27 معبدا ومقصورة الذين تتوجه الزاوية الأفقية لمحاورهم الرئيسية نحو محور الشرق الحقيقى، وأغلب تلك المعابد والمقاصير اقترنت بالمجموعات الهرمية لملوك الدولة القديمة، مؤكداً أن جميعها بنيت بحسب نظرية ارتباط تعامد الشمس بحدوث الاعتدالين الربيعى والخريفى "21 مارس، 21 سبتمبر"، حيث صدر فى 2014 قرار من اللجنة الدائمة بالمجلس الأعلى للآثار والتى وافق أعضاؤها على عملية رصد وتوثيق ظاهرة تعامد أشعة شروق الشمس على عدد من المعابد، وذلك ضمن الإجراءات البحث العلمى المقدمة منه فى ذلك الصدد، حيث صدر قرار اللجنة الدائمة بتاريخ 31/12/2014 بالموافقة على عملية الرصد، وقد تمت عملية الرصد بالفعل بحضور مفتشى آثار كل معبد وتم عمل كافة الإجراءات الإدارية بشأن توثيق ذلك الرصد، وأنه سلم 10 نسخ من بحثه إلى اللجنة الدائمة بالمجلس الأعلى للآثار، وأن تقرير المكتب الفنى للسيد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بتاريخ 28/1/2016م بشأن عملية الرصد التى يقوم بها، جاء فيه نصاً أن "شيدت معظم المعابد المصرية وفقاً لتوجيهات النهر والطبوغرافيا، ومع ذلك اتجه المعبد نحو الشمس ويعتبر هذا أهم مبدأ مُعترف به فى توجيه المعبد، وبناء على ما سبق يمكن القول بأن هناك العشرات من ظاهرة تعامد الشمس على بعض المعابد المصرية خلاف المتعارف عليها إعلامياً".
تعامد الشمس على معبد حتشبسوت
جانب أخر من تعامد الشمس
جانب أخر من معبد حتشبسوت
جانب من تعامد الشمس
داخل معبد حتشبسوت
صور تذكارية للسياح
معبد حتشبسوت من الداخل
معبد حتشبسوت وتعامد الشمس عليه
معبد حتشبسوت
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة