حادث سقوط الطائرة الأوكرانية فى طهران بصاروخ أرض – جو كشف نقص خبرة الدفاع الجوى الإيرانى، وعدم قدرته على تمييز أبسط القواعد الخاصة بإطلاق هذه النوعية من الصواريخ، والصلاحيات الفنية التى يتم اعتمادها وتأكيدها قبل الإطلاق، بالإضافة إلى عدم القدرة على التمييز بين الطائرات المدنية والعسكرية، التى تتم بسهولة تامة من خلال شاشات أنظمة الرصد والإنذار المبكر الخاصة بالدفاعات الجوية، ويمكن لمن لديهم خبرة عسكرية محدودة أن يميزها، فالطائرات المدنية غالبا ما تحمل أرقاما تختلف تماما عن الطائرات العسكرية، وكذلك ألوانا مختلفة عبر شاشات الرادار، حتى يتم تمييزها بصورة تمنع إطلاق الصواريخ تجاهها، كما أن سرعة المقاتلات الحربية تختلف كليا عن الطائرات العادية، فالأولى أكثر سرعة ويمكن رصدها من خلال وحدات وأبراج المراقبة بالنظر، وغالبا ما تنفذ ضرباتها من ارتفاعات منخفضة.
الصاروخ الذى تم إطلاقه على الطائرة الأوكرانية، من طراز "تور إم" وهو قصير المدى، يتراوح ما بين 10 إلى 12 كيلومتر، وينتمي إلى عائلة الدفاع الجوى الروسية، وقد تم إطلاقه بعد دقيقتين من إقلاع الطائرة من مطار الخمينى الدولى فى طهران، فجر يوم الأربعاء الماضى 8 يناير، التى كانت على ارتفاع 9 آلاف قدم، وفى طريقها إلى مطار بوريسبيل فى العاصمة الأوكرانية كييف، لتكون وجهتها بعد ذلك إلى تورنتو فى كندا، وهو ما يفسر أن من بين الضحايا 63 كنديا، من أصل 176 شخصا، كانوا على متنها.
الطائرة الأوكرانية كانت تحمل 82 إيرانيا و11 أوكرانيا و10 سويديين، و7 أفغان و3 ألمان، بما يؤكد عمق الأزمة الإيرانية مع حكومات تلك الدول، التى قطعا ستطالب بتعويضات ضخمة، وستفرض عقوبات غير مسبوقة على إيران، باعتبارها تسببت فى كارثة إنسانية كبيرة، نتيجة خطأ بشرى لا يمكن أن يغتفر، بعدما أودى بحياة 176 شخصا أبرياء لا ذنب لهم.
الدرس الكبير المستفاد من الحادث أن الحرس الثورى الإيرانى لا يعتمد على عناصر فنية مدربة فى وحداته العسكرية كما يزعم ويتحدث، بل يظهر واضحا نقص الخبرة والمهارة لدى جنوده وضباطه على مختلف المستويات القيادية، فقد اعتمد على مبدأ " اطلق النار ثم اسأل " وهو أمر لا يمكن اتباعه، أو قبوله عند إطلاق صواريخ الدفاع الجوى، التى تحتاج إلى تحذيرات وموافقات من القيادات الأعلى وصلاحية بالرمى قبل إصابة الأهداف، بالإضافة إلى أن عدم التمييز بين الطائرات المدنية والعسكرية، وهذا أمر لا يمكن أن يمر على قوات نظامية محترفة، ولا يصدر إلا عن مليشيات أو جماعات مسلحة، لا جيوش نظامية وعناصر مدربة على التعامل مع أنظمة الدفاع الجوى ووحدات الإنذار المبكر، بما يشير إلى ضعف مستوى التدريب والتأهيل داخل وحدات الحرس الثورى الإيرانى، التى تعاملت مع المنطق بسذاجة منقطعة النظير، وورطت طهرات فى قضية كبيرة ستتحمل تبعاتها من اقتصادها، الذى لم يعد يتحمل المزيد من الضربات.
اعتراف إيران بإسقاط الطائرة الأوكرانية لن يعفيها من المسئولية الدولية، ولن يؤثر فى مواقف الدول التى سقط لها ضحايا، والأيام القليلة المقبلة، ستكشف عن العقوبات الدولية التى ستتعرض لها طهران، نتيجة ما قامت به من حماقات، كشفت أن قدرتها الحقيقية فى تحقيق الردع أو صد الهجمات أو الانتقام ما هى إلا تصريحات تليفزيونية، وأكاذيب يتم ترويجها على نحو يخالف الحقيقة، وأتصور أن الأمر لا يتوقف عند سلاح الدفاع الجوى فقط، بل يمتد إلى مختلف الأسلحة، فالصواريخ البالستية التى تم توجيهها للقواعد العسكرية الأمريكية فى العراق لم تخلف خسائر حقيقية، بل إن معظمها فقد أهدافه وسقطت فى مناطق خالية أو زراعية ولم تسفر عن ضحايا كما روج الإعلام الإيرانى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة