أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكما تاريخيا رادعا يعيد القيم الأخلاقية بالجامعات المصرية، حيث قضت برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وحسن محمود وأسامة حسنين نواب رئيس مجلس الدولة، بعزل أستاذ بإحدى الجامعات لاتهامه باغتصاب إحدى طالباته أثناء اعطائه دروس خصوصية لها فى شقته بعد أن أوهمها بحبه .
- مهمة الجامعات إعداد الإنسان بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة ليساهم فى بناء وتدعيم المجتمع
وأكدت المحكمة أنه يتعين على أساتذة الجامعات التحلى بالأخلاق الكريمة بما يتفق مع التقاليد الجامعية العريقة لكونهم قدوة لطلابهم يعلمونهم القيم والأخلاق وينهلون من علمهم ما ينفعهم وأن من يخرج من الأساتذة عن إطار تقاليد الوظيفة الجامعية ويأتى فعلاً مزريا بالشرف يتعين بتره من الجامعة ليبقى ثوبها أبيضاً ناصعا، كما أكدت أن مهمة الجامعات إعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة ليساهم في بناء وتدعيم المجتمع، ونبهت لخطورة التلاقى بين الأستاذ وطالبته في غير محرم يؤتى ثماره الآثمة فى ظل غواية من الشيطان بالاغتصاب وحملها منه سفاحاً واسقطت الجنين، وأن المحكمة لا تملك فى حدود ولايتها قصاصاً من الطاعن سوى عزله من الوظيفة الجامعية .
وكانت والدة الطالبة قد تقدمت بشكوى إلى رئيس إحدى الجامعات ذكرت فيها أن ابنتها كانت تأخذ دروس خصوصية فى منزل أستاذ بإحدى الكليات التابعة للجامعة بمسكنه، وخلال تلك المدة أوهم ابنتها بحبه رغم فارق السن بينهما وعرض عليها الزواج والسفر للخارج إلا أنه تعدى عليها واغتصبها وبعد أن تعدى جنسياً على ابنتها تبين أنها حامل وقام طبيب بإجهاضها وأنها ذهبت إلى المشكو فى حقه فى بيته وحصلت منه على إقرار بما فعل ووقع عليه وطلبت التحقيق فى تلك الشكوى واحيل للتحقيق ثم لمجلس التأديب بالجامعة الذى قرر عزله وأقام الأستاذ طعنه أمام الإدارية العليا على قرار مجلس التأديب بقصد عودته لعمله بالجامعة .
- من يخرج عن إطار تقاليد الوظيفة الجامعية ويأتى فعلاً مزريا بالشرف يتعين بتره من الجامعة ليبقى ثوبها أبيضاً ناصعا
وقالت المحكمة إن الجامعة تختص بكل ما يتعلق بالتعليم الجامعى والبحث العلمى الذى تقوم به كلياتها ومعاهدها في سبيل خدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً، متوخية فى ذلك المساهمة فى رقى الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية، وتزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء فى جميع المجالات وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة ليساهم في بناء وتدعيم المجتمع وصنع مستقبل الوطن وخدمة الإنسانية، بحسبان أن الجامعات بذلك معقلاً للفكر الإنساني في أرفع مستوياته، ومصدر الاستثمار وتنمية أهم ثروات المجتمع وأغلاها وهي الثروة البشرية، فإن من أهم عملها واختصاصاتها مراعاة المستوي الرفيع للتربية الخلقية , وهو ما يفرض على أساتذة الجامعات التحلى بالأخلاق الكريمة والسلوك القويم بما يتفق مع التقاليد الجامعية العريقة لكونهم قدوة لطلابهم يعلمونهم القيم والأخلاق وينهلون من علمهم ما ينفعهم , فإذا ما خرج أحدهم عن إطار تقاليد الوظيفة الجامعية وتنكب بمسلكه وأفعاله وتصرفاته الطريق القويم وأتى فعلاً مزريا بالشرف والاعتبار فقد الثقة والاعتبار ويتعين بتره من الجامعة ليبقى ثوبها أبيضاً ناصعا.
- التلاقى بين الأستاذ وطالبته فى غير محرم يؤتى ثماره الآثمة فى ظل غواية من الشيطان بالاغتصاب وحملها منه سفاحاً واسقطت الجنين
وذكرت المحكمة أنه يجب على عضو هيئة التدريس بالجامعة أن يحافظ على كرامة وظيفته وينأى عن ارتكاب أية أعمال تنال من هذه الكرامة فضلاً عن وجوب التزامه بالتمسك بالقيم والتقاليد الجامعية الأصلية وترسيخها في نفوس الطلاب، وأن يبتعد عن كل فعل يمس نزاهته أو كرامته أو كرامة وظيفته، أو يأتى بفعل يزرى بشرف عضو هيئة التدريس هو الفعل الذى يتصل الأمر فيه بالمقومات الأساسية للقيم العليا فى الإنسان كعرضه وأمانته.
وأضافت المحكمة أن الثابت بالأوراق وما تضمنته التحقيقات التى تمت معه بمعرفة الشرطة والنيابة العامة أن ثمة علاقة قامت بين الطاعن بصفته عضوا بهيئة التدريس بكلية إحدى الجامعات وبين طالبة حيث كان الطاعن يتولى تدريس بعض المواد لها وأن تلك العلاقة امتد آثارها وثمارها خارجها نطاق الكلية، وقالت الطالبة إنها كانت تتردد على الشقة التى يقيم بها استاذها لأخذ دروس خصوصية.
كما اعترف الطاعن صراحة أمام مجلس التأديب بالجامعة أن الطالبة المذكورة كانت تتردد عليه فى هذا المكان لأخذ أوراق محاضرات وكتب دراسية، وكانت تلك العلاقة حميمية والتى شهدت بأن تلك العلاقة حديث الطلبة بالكلية، وما كانت تلك العلاقة وذلك التلاقى ببعضهما فى غير محرم إلا أن يؤتى ثماره الآثمة فى ظل غواية من الشيطان وقد بلغت تلك العلاقة الآثمة إلى حد اغتصاب الشاكية وحملها منه سفاحاً وأنها قد أجهضت نفسها خشية الفضيحة معللة ذلك بوعده لها بأنه سوف يتزوجها.
وأشارت المحكمة أن اعتراف الطاعن كان بازغا بزوغ الحقيقة المؤلمة أمام النيابة، حيث تم مواجهته بالإقرار المقدم من والدة الشاكية والمنسوب صدوره إليه والذى يقر فيه ويعترف بأنه هتك عرض ابنتها الطالبة واعترف بأنه هو الذى قام بتحرير ذلك الإقرار ولكن تحت إكراه دون أن يحدده .
كما نطقت تحقيقات النيابة العامة بأبعاد تلك العلاقة الآثمة بين الطاعن والطالبة بما شهد به أحد أساتذة الكلية بالجامعة وزميل الطاعن من العلاقة الحميمة بين الطاعن والطالبة حيث كان دائم اللقاء معها وأنه تدخل بينهما وأن الطالبة كانت دائمة التردد على الطاعن بشقته لأنه كان يعطي فيها دروس خصوصية وأن الطاعن سبق وأن تعدى علي إحدى الطالبات في مكتبه ووضع يده علي صدرها فمنعته وتمزق قميصها من جراء ذلك وتقدمت تلك الطالبة بشكوى ضده، وأن الطاعن كان يقوم بتصوير الطالبات في أوضاع مخلة ويستغل ذلك ضدهن .
كما شهد دكتور أخر أستاذ متفرغ أمام النيابة العامة والذي يقيم بذات العقار الذى يقيم به الطاعن بأنه بعد خروجه من المسجد وجد سيدة تصرخ فى وجه الطاعن وتتهمه باغتصاب ابنتها ودخلوا فى مكان إقامة الطاعن وسأله الشاهد عن صحة ما تدعيه تلك السيدة فأخبره أن ذلك قد حصل وأنه اغتصب ابنتها وأنه على استعداد للزواج منها، كما أثبتت تحقيقات النيابة العامة ورود تقرير طبى من مستشفي تخصصي لأمراض النساء يفيد بأنه بتوقيع الكشف الطبى على الطالبة تبين أنها تعانى من نزيف رحمى وهى حامل فى الشهر الثانى وتم إجراء عملية تفريغ لها تحت مخدر عام بالمستشفى.
وأوضحت المحكمة أن ما كشفت عنه التحقيقات وتحريات الشرطة وشهادة الشهود الذين أجمعوا جميعاً على أن الطاعن اعترف بها وأمامهم بأنه تعدى جنسياً علي الطالبة وأنه سوف يتزوجها وكان ذلك السلوك الممقوت منه والذي يمثل اغتصاباً لها سعياً وراء إشباع رغبة جنسية محمومة لا يبصر عواقبها أدت به إلى هاوية الهلاك وسلك بمسلكه ذلك سلوكاً معيباً ينطوى على إخلال جسيم بكرامة الوظيفة الجامعية التى يتقلدها والقيم الرفيعة المأمولة منه علماً وتربية، جعلته عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ الوضيعة والوحل، ولا يستقيم مع ما تفرض تلك الوظيفة عليه من تعفف واستقامة وبعد عن مواطن الريبة والدنايا , ولا يدرأ عنه ذلك الإثم ما سطرته مذكرة دفاعه من دفاع جاء واهياً مرسلاً ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل مما يستقل به مجلس التأديب بغير معقب عليه.
- المحكمة لا تملك فى حدود ولايتها قصاصاً من الطاعن سوى عزله من الوظيفة الجامعية
وانتهت المحكمة إلى أنه إزاء ما ثبت وقر فى يقين المحكمة بحق وعدل ويقين في شأن الطاعن، فإن المحكمة لا تملك فى حدود ولايتها قصاصاً من الطاعن سوى عزله من الوظيفة إعمالاً لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 110 من قانون تنظيم الجامعات والتى تقضى بأن كل فعل يذري بشرف عضو هيئة التدريس أو من شأنه أن يمس نزاهته أو فيه مخالفة لنص المادة 103 يكون جزاءه العزل .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة