إدارة أى ملف تحتاج إلى خبرة وعلم ومهارة أمام أى جهة وهو ما يُطلق عليه بـ«فن الإدارة»، ولكى تكتسب هذه الملكة لابد من كثرة الإطلاع والقراءة فى جميع العلوم لتكوين ثقافة عامة، هذا إلى جانب ضرورة الاستشارة لتكملة ما نقص لديك من حقوق أو للوصول إلى درجة اليقين فى إدراكك للوقائع والنصوص القانونية واجبة التطبيق.
وبإنزال ما سبق على موضوعنا «اليوم السابع» يلقى الضوء على أهم الملفات الشائكة وهو فن إدارة الملف أمام «مكافحة التهرب الضريبى» من الناحية القانونية حيث أنه لابد لمن يدير هذا الملف أن يكون على إدراك ووعى كامل لموضوع الملف الذى يتبنى إدارته كى يستطع الوقوف على القوانين التى يتحاكم هذا الملف إليه، سواء من الناحية الإجرائية والشكلية أو من الناحية الموضوعية – بحسب خبير الضرائب والمحامى بالنقض جمال الجنزورى .
عملية إدارة ملف «مكافحة التهرب الضريبي» يتطلب ضرورة الوقوف على:
1-القوانين الحاكمة فى مجال التهرب الضريبى يمكن حصرها فى الأتي:
أولا: القانون الضريبى المقدم بموجبة سواء قانون دخل مضافة عقارى أو أى قانون ضريبى يحتكم الملف إليه إلى جانب جميع القرارات المرتبطة والكتب الدورية والتعليمات التى تتحدث عن موضوع الملف والتى تعتبر حجه لك وليست عليك إذا خالفت قانون أو لائحة .
ثانيا: قانونية الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 وجميع التعديلات التى وردت عليه كى تقف دور موظف المكافحة الذى منحه القانون سلطة الضبطية القضائية وأصبح من مأمورى الضبط الذى تتقيد سلطاته واختصاصاته طبقا للوارد بقانون الإجراءات الجناية فى كل ما يتخذ من إجراء لمعرفة مدى صحته من بطلانه ومشروعيته وعدم مشروعيته واختصاصه فى القيام بهذا الإجراء من عدمه وهل يستخدم أساليب ترهيب ووعيد أم انه يلتزم القانون ويوفر الحماية للمتهم الذى لم يوجه إليه اتهام بعد .
ثالثا: الوقوف على التعليمات القضائية الصادرة من النائب العام إلى النيابات بشأن التصرف فى وجه نظر المحقق أن هو تجاوز القانون والإجراءات .
رابعا: قانون الإثبات فى المواد التجارية والمدنية رقم 25 لسنة 1968 وإن كان هذا القانون ليس حجة فى المجال الجنائى الذى لم يضع له المشرع قانونا حتى الآن، إلا انه فى الجرائم الضريبة هو القانون الذى يثبت الواقعة أو ينفيها إذ يتقلص دور اقتناع القاضى أو عدم اقتناعه بوقوع أو عدم وقوع الجريمة على عكس الجرائم الجنائية الأخرى .
خامسا: قانون رقــم 96 لسنة 1952 بتنظيم أعمال الخبرة أمام جهات التقاضى حتى تقف على حقوق وواجبات الخبير المنتدب وهل يصلح للمباشرة المهمة من عدمه من خلال تصرفاته حال مباشرة المأمورية الموكلة إليه، وهل يطلب رده آو استبداله وإذا ما صدر تقريره هل يتم قبوله آو الطعن عليه؟ وما هى مواطن الطعن وهل تعود إلى الخبير الذى باشر المأمورية أم تعود إلى أسلوب المباشرة نفسه أو النتيجة التى توصل إليها؟
2- دور مفتش أو مدير أو فحص الإدارة المركزية للتهرب الضريبى :
تهدف التشريعات الضريبة من وراء فرض الضريبة إلى تحقيق العدالة والاستقرار بين الإفراد من ناحية، وبين الأفراد والدولة من ناحية أخرى بخصوص الضريبة لتمويل النفقات العامة وسد عجز الموازنة، هذا الهدف يقف أمامه دوما مشكلة محاولة بعض الأفراد التهرب من كل آو بعض الضريبة المفروضة والمستحقة وهذا يعود لعوامل كثيرة منها ما يتعلق بالمكلف أو المسجل ومنها ما يعود إلى النظام الضريبى فى ذاته.
ولكن وفى النهاية فإن هذه المشكلة تؤثر على الأداء الاقتصادى للدولة لذا لجأت الدول إلى تشديد وتغليظ العقوبات من أجل الحد من جرائم التهرب الضريبي، هذه النصوص العقابية لم تستطع بمفردها القضاء على جرائم التهرب آو اللحد منها إذ يجب إلى جوار تلك النصوص العقابية أن يكون هناك :
أ-تبسيط للتشريعات الضريبة وتوحيدها كى يسهل على الممول آو المكلف البسيط فهمها واستيعابها .
ب-عدالة الالتزامات الضريبة بين الممولين وتبسيط وتيسير هذه الالتزامات بصورة يسهل معها الالتزام بها .
ج-شعور المواطن بالعائد من وراء فرض وتحصيل الضريبة فى الخدمات والمرافق العامة التى تقدمها الدولة .
د-خفض الشرائح الضريبة إلى الحد المقبول والمعقول سواء كانت ضريبة مباشرة آو غير مباشرة .
ويجب فى هذا الإطار – توضيح أن هناك أشخاص وجهات مرتبطة بالجريمة الضريبة حسب الدور الذى تقوم به كالتالي:
أولا: الموظف الفنى أو الباحث الفنى أو القانونى سواء كان مدير أو مراجع آو مدير أو مدير عام أو رئيس مأمورية أو رئيس منطقه أو مدير عام إدارة مركزية أو مدير التوجيه والرقابة إلى أعلى الدرجات الوظيفية هم جميعهم من موظفى المصلحة الذين تثبت لهم صفة الضبط القضائي، وبالتالى يقومون بكل ما يقوم به مأمور الضبط القضائي، ويلتزمون بما يلتزم به من إجراءات ومناقشات ومعاينات واستيفاء والقيام بالتحريات وجمع المعلومات وتلقى البلاغات وتحرير المحاضر وكتابة المذكرات، وإجراء المخاطبات وكل ما يسبق عملية التحقيق ولا يتعلق بأجراء من إجراءات التحقيق والتى تملكها سلطات التحقيق وحدها ممثلة فى النيابة العامة وقاضى التحقيق والمحكمة، لذا سوف يعرف هنا بمأمور الضبط القضائى.
ثانيا: هناك المتهم أو المتهرب، والإدارة الضريبية المعنية بمكافحة التهرب الضريبي، إلى جانب سلطات التحقيق، والمحاكمة ولكل منهم حقوق وواجبات تمثل الضمانات والضوابط التى يكفلها قانون الإجراءات الجنائية والقوانين الضريبية المختلفة للمتهم فى الجريمة الضريبية، وإدخال الطمأنينة إلى نفسه فى أن ما يتخذ من إجراءات سواء كانت فى مرحلة جمع الاستدلالات أو التحريات وما يليها من مراحل أخرى يحيط بها سياج المشروعية وتخضع جميع الأعمال والتصرفات التى يقوم بها مأمور الضبط القضائى الضريبى «إدارة المكافحة» للبطلان أن هى تجاوزت هذا المبدأ.
ثالثا: نص قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 فى الفصل الأول من الباب الثانى للقانون، فى المادة 21 منه على: «أن يقوم مأمورو الضبط القضائى بالبحث عن الجرائم، ومرتكبيها، وجمع الاستدلالات التى تلزم للتحقيق فى الدعوى، ويكون مأمورو الضبط القضائى تابعين للنائب العام وخاضعين لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظيفتهم».
هذا النص حدد دور مأمورى الضبط القضائى ومن بينهم موظفى مكافحة التهرب الضريبى والذى يبدأ من البحث عن الجريمة بكافة وسائل البحث المشروعة والمتاحة بما فيها من التحرى والاعتماد على مصادره السرية وجمع المعلومات والبيانات والمستندات وإجراء المناقشات والتحريات والانتقال الى الجهات وقبول البلاغات وكل ما هو مشروع ومتاح فى سبيل البحث عن الجريمة والقضاء عليها، وهى ما يطلق عليها فى قانون الإجراءات الجنائية مرحلة الاستدلال.
وبالتالى ليس من اختصاصه ولا دوره القيام بأى عمل من أعمال التحقيق كالاستجواب والمواجهة لان هذه الأعمال تتدخل فى اختصاص سلطات التحقيق وإن كان يجوز له القيام ببعض أعمال التحقيق عن طريق إذن من جهات التحقيق وبدون هذا الإذن يقتصر دوره على كل ما يدخل فى مرحلة الاستدلال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة