نجح المواطنون المصريون بجدارة كظهير إعلامي شعبي في التصدي لشائعات جماعة الإخوان الإرهابية، وقوى الشر (قطر - تركيا - بريطانيا) وغيرهم، وذلك على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية وقد دعمهم في ذلك بعض الأخوة العرب في منطقة الخليج تحديدا، ومنهم شباب سعودى وإماراتي، حينما نزلوا إلى الشوارع والميادين، خصوصاً ميدان التحرير، ونقلوا مشاهد حية، تؤكد أن الشوارع هادئة والسيارات قليلة، والحياة تسير بشكل طبيعي، فلا مظاهرات ولا إضرابات ولا مسيرات، كما ادعت بعض القنوات المعادية، والتي تسعى للنيل من مصر، وذلك بضرب "إسفين" بين الجيش والشرطة من ناحية ، والشعب من ناحية أخرى.
ولعله يبدو ملحوظا كيف تجلى الإعلام الشعبي في صناعة بطولة خاصة من خلال فائض الوطنية الذي عبر عن عبر رصيد لايستهان به لدي الشعب المصري يظهر وقت الأزمات، وذلك بطريقة عفوية ، من خلال مداخلات لبرامج تلك القنوات المشبوهة، وجرجرة هؤلاء الإعلاميين المأجورين وأبواق الجماعة ومناقشتهم بحرفية عالية وتفنيد الحجج التي من شأنها الدفاع عن مقدرات أمة في خطر.
وهو ما يعكس معدن المصريين "أولاد البلد الحقيقيين" في التصدي لأقوال إعلامي الجماعة الإرهابية في هدوء، والرد بقوة على مزاعمهم وتعريتهم أمام الرأي العام، ليؤكد هؤلاء أنهم مَن يدركون تمامًا مخاطر الوقوع مرة أخرى فى فخ التظاهرات والاضطرابات.. ولقد أثبت هؤلاء أيضا أنهم مَن يستطيعون التعبير وبدقة عن الوضع الحالى ويصفونه دون تجميل أو تحميل للأمور بغير ما تحتمل.
كانت تلك القنوات المعادية قد استعادت أنفاسها على صخرة شائعات "الخمورجي والحشاش وإعلامي الغبرة"، في محاولاتهم المستميتة وبطريقة هيسترية تنم عن فوران الخيانة التي تسري في دمائهم واهتزاز واضح في المنطق دون أي مبرر أخلاقي، حين استهدفوا وطنهم مصر بالأساس، لكن الناس العاديين والغيورين على بلدهم "أم الدنيا" بأنفسهم قد صفعوهم على وجوههم صفعة قوية مازال يمتد أثرها حتى اليوم.
وهى ربما تكون أول مرة يبادر الإعلام الشعبى في سابقة من نوعها بالتصدى لهجمة بربرية حيوانية غادرة، وهم في ذلك يتصور بخيالهم المريض أن ماضيهم الأسود سوف يعود، لكن بفضل تلك الفئة من الجماهير التي ارتقت بعملها الإعلامي الشعبي و طورته علميا و ثقافيا، و بدأت ممارسته بشكل احترافي لدرجة أن بعضهم استطاع أن يصل الى مرحلة متطورة من التحليل و الرأي في الرد على كافة مزاعمهم.
لقد حشدت الجماهير المصرية في سابقة تاريخية المحبة لهذا الوطن على جناح "الإعلام الشعبي" على صفحات "الفيس بوك" وتويتر وغيرها، مؤكدين على معنى الحب والوفاء لمصر وتراب هذا الوطن الحر الأبي، وسجلوا عبر "بوستات" تتسم بالحيوية والفهم الدقيق وبعقلانية تعكس الخوف على البلد والدفاع عنها بالروح والدم والجسد، واعتمد المصريون "أولاد البلد" على أنفسهم فى خوض مسالك وطرق البحث بتأني على صفحات الانترنت والرد بمنطق لايقبل الشك بالفيديوهات المصورة التي تفضح مزاعمهم.
وهنا لابد لي أن أشيد بدور الإعلامي "عمرو أديب" في يقظة وحضور قوى يحسب له، أثناء الرد على المزاعم الإجرامية لقنوات الشيطان، وذلك دون إسراف أو إسفاف أو تطويل، بل عمد إلى وضع الحدث فى حجمه الطبيعي، حيث ابتعد تماما عن الرد بشكل مباشر، منتهجا أسلوبا آخر أكثر قوة وأبلغ تأثيرا، وذلك بعرض المعلومات الدقيقة حول استراحة المعمورة التي تبدو للعيان عبارة عن "فيلا" صغيرة لايمكن أن تبتلع 250 مليون، ، وكذلك استعراض اعترافات أعضاء تابعين للجماعة الإرهابية من الذين خططوا لاغتيال الرئيس السيسي أواستهدفوا مصر بالترويج للشائعات.
لقد انتفضت الخلايا النائمة للجماعة الإرهابية من رقدتها جراء محاولة للحد من فشل تلو الآخر، وذهبوا في غيهم نحو الترويج لفيديوهات قديمة تؤكد حقيقة دأبهم على أسلوب التزييف، تماما كما اشترو "300 ألف حساب" على الفيس بوك، وغيرها أكثر من "900 ألف تويتة" مزورة على "تويتر" وذلك في إطار خطة الخداع، وتصدير الإحساس بالصدمة، والرغبة فى إحداث الفوضى التي ماتزال حلما يراود البعض منهم، حتى ولو بطريقة الاختلاق والتزييف والتشكيك فى حالة الهدوء والأمن التي تنعم بها مصر حاليا، عبر محاولات حثيثة لإضفاء مصداقية مزيفة على تلك الفيديوهات، في ظل التحديات الصعبة التي تواجهها الدولة في حربها ضد الإرهاب، فضلا عن مؤامرات دول الشر التي تريد أن تلحق بنا الأذى.
ومن هنا جاء دور "الإعلام الشعبى" الذي صنعته الجماهير المصرية من "ولاد البلد" المعروف عنهم الشهامة والرجولة، بحيث صنعوا نوعا من التآلف والترابط والفاعلية المفترضة بين الجموع، وعبر حشد غير منظم استطاعوا تجنب وجود نوع من التباين والاختلافات والخلافات في الثقافات المعرفية والعقلية لمروجي تلك الشائعات والأخبار الكاذبة في وسائل إعلامهم المزيفة؛ وربما كان دافعهم في ذلك انعدام الثقة في صحة ومصداقية تلك البيانات والأخبار المتداولة من جانب الجماعة الإرهابية على تلك المواقع والقنوات التي لاتكف عن بث سمومها ليل نهار، بهدف ضرب التآلف والترابط المجتمعي المصري المرجو في مقتل، خاصة تلك العلاقة الوثيقة بين الجيش والشرطة والشعب.
لقد بدا لي خلال الأسابيع الماضية قوة وتأثير "الإعلام الشعبي" في تحوله لأول مرة إلى مرحلة جديدة من التفاعل تجاه ردود الأفعال بين الأطراف الشريرة المتناحرة حول المستقبل في مصر، والدخول في حوارات جانبية، تتوه معها القضية الرئيسة محل النقاش، ومن ثم تتحول تلك الحوارات بالضرورة إلى جدلٍ عقيم واختلاق خصومة وهمية مع أطراف تتسم بالوطنية، في إطار من المزايدة عليهم وكيل الاتهامات لهم بالعِمَالة والخيانة والتبعية.. إلخ تلك العبارات التي تلقى على عواهنها دون التثبت والتحقق من آثارها السلبية بعيدة المدى، ويبقى أخطرها وأهمها هو عملية التضارب والتشويش والضبابية المتعمدة من جانب أهل الشر، والتي من شأنها أن تحول دون استبيان الحقيقة المجردة لدى البسطاء من أبناء هذا الوطن.
إن شباب مصر ياسادة في حاجة ماسة - الآن وقبل أي وقت مضى - إلى التوجيه والرعاية الفكرية لمعتقداته السياسية والثقافية والاجتماعية؛ والابتعاد به عن الخطط الممنهجة باستهدافه للذوبان في المجتمعات الأخرى، وذلك على جناح محاولة تهميش الهوية والانتماء لتراب هذا الوطن، ولابد لنا أن نجهد أنفسنا أكثر بالعمل على إيجاد تعريف علمي له صفة الثبات لهذا الإعلام الجديد؛ وكذلك تحديد الأُطُر التي يجب أن يلتزم بها في مناحي الحياة كافة، وذلك شريطة منح الشباب الحرية الكاملة للاطلاع على الوسائل الحديثة في التعامل التكنولوجي الإيجابي والخلاق.
فهم بلاشك الأمل الوحيد الباقي لإعادة صياغة وتشكيل الرأي العام في كل القضايا التي تمس الوطن وتوجهاته، ولابد لنا في هذا الصدد أيضا الاهتمام بمتابعة قياس الرأي العام والإحساس الجمعي وردود الأفعال لكل مايعتري الوطن من نجاحات أو إخفاقات أولا بأول ودون تباطؤ مقصود أو غير مقصود.
فضلا عن ماسبق يبقى هنالك دور منوط برجال الدين الإسلامي والمسيحي، ولابد لي هنا من الإشادة بما قاله الدكتور "سعد الدين الهلالي" في حواره الاثنين الماضي مع "عمرو أديب" بشأن الأخلاق التي نفتقدها الآن وينبغي أن يتمتع بها كل مسلم ومسيحي على أرض مصر تجاه وطنه وأهله وقيادة بلاده، خاصة في وقت الأزمات، ومن ثم أشار إلى ضرورة توجيه الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي فور عودته جراء ما بذله من جهد في سبيل بلاده، ولقد ضرب المصريون في أمريكا أروع الأمثلة عندما خرجوا فى وقت متأخر من الليل لاستقبال رئيسهم بالأعلام والأغانى الوطنية، ولا وجه للمقارنة هنا بالأشرار الذين كانوا يحملون رايات سوداء للهجوم على بلدهم ورئيسهم، فالخيانة ليست وجهة نظر، بل إنها عار يلاحق أصحابها، خاصة في اللحظات العصيبة التي تحيط بوطننا حاليا.
أيضا يتطلب الأمر عقد مؤتمر للحوار الوطني تشترك فيه كل فئات الشعب لمناقشة المشكلات العالقة بالاقتصاد ومراعاة البعد الاجتماعي، مع وجود دور حقيقي لنواب الشعب والخروج من صمتهم المريب وانشغالهم فقط بالانتخابات البرلمانية مطلع العام القادم .. حما الله مصر من كل شر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة