"على غرار الفن هناك حقب ومدارس للشاى، ونستطيع تقسيم تطوره إلى ثلاث مراحل أساسية: الشاى المغلى، والشاى المخفوق، والشاى المنقوع. وننتمى نحن أبناء هذا الزمن إلى المدرسة الأخيرة. وما هذه المنهج المتعددة فى تقدير الشاى إلا دلالة روحية على العصر الذى سادت فيه".. هذا ما يقوله كتاب الشاى لـ اليابانى أوكاكورا كاكوزو، لكن من الواضح أن الشاى فى العالم يتجاوز كل ذلك، فقد كان له دور أكثر تأثيرا مما يبدو.
وأول دليل على استهلاك الشاى يرجع إلى 200 عام قبل الميلاد فى الصين، عُثر فى مقابر يانج لينج فى وسط الصين على قرابين فى غرف الدفن، من بينها كعك مجفف من الأوراق، وبتحليل هذه الأوراق، عُثر على مواد الكافيين والثيانين، ما يثبت أنها أوراق شاى دُفنت مع الموتى لأخذها معهم إلى العالم الآخر، وأثبت هذا الاكتشاف أن تاريخ استهلاك الشاى يسبق التاريخ المعروف سابقاً بحوالى مائتى عام.
لكن التاريخ يقول إن الشاى جلب إلى اليابان من الصين على يد الكهنة والقوافل اليابانية فى حوالى القرن الميلادى السادس، وأصبح مشروب رجال الدين، وعلى مدار عقود أصبح الشاى الأخضر مشروبا أساسيا بين المثقفين وأفراد الطبقة العليا، وأخذ الرهبان البوذيون تناول الشاى من الصين فى القرن الخامس عشر الميلادى، لكن اليابانيين حولوه إلى شعيرة خاصة بهم، فأصبح تقليدا شبه دينى.
وقد شهد القرن السابع عشر قطيعة دبلوماسية بين الصين والإمبراطورية البريطانية، ما دفع بريطانيا للبحث عن مصدر بديل للشاى، ولجأت شركة الهند الشرقية، المتحكمة فى التجارة العالمية آنذاك، لعالم النباتات الاسكتلندى، روبرت فورتشن، المعروف باهتمامه بجمع أنواع البهارات النادرة وبيعها للطبقة الأرستقراطية، وكُلف فورتشن بالذهاب متخفيا إلى الصين، وتهريب نبات الشاى للهند، ونجح بالفعل فى تهريب 20 ألف من النباتات والبذور من الصين إلى دارجيلينج، لكنه فوجئ بالشاى ينمو بشكل برى هناك، ويرجع الفضل لهذه العملية السرية فى تحول الهند إلى معقل لانتاج الشاى لاحقا.
وفى عام 1773 كان سكان مدينة بوسطن الأمريكية فى حالة ثورة ضد الحكم البريطانى، وهنا ظهر حزب حفل الشاى فى بوسطن، الذى احتج على فرض الحكومة البريطانية ضريبة على الشاى، كما هجم ثوار أمريكيون على ثلاثة سفن بريطانية كانت فى مرسى ميناء بوسطن، وأغرقوا 342 حاوية شاى فى المياه، وكانت هذه الاحتجاجات خطوة نحو حرب الاستقلال الأمريكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة