"يحمل اسماَ حركياَ "خلف الدهشوري"، تلك الملحوظة الأبرز التى تضمنها البيان الصادر من وزارة الداخلية،حول عنصر إرهابى، عقب تبادل إطلاق الرصاص بين الشرطة وإرهابيين، أثناء مداهمة وكرين للإرهابيين بمدينتى العبور و15 مايو.
قيادى حركة لواء الثورة يدعى "محمود غريب قاسم محمود قاسم"، ويحمل اسما حركيا "خلف الدهشورى"، وتورط فى حادثى اغتيال العميد قوات مسلحة عادل رجائى، واستهداف كمين شرطة العجيزى بالمنوفية، وغيرها من العمليات الإرهابية.
وتلجأ الجماعات الإرهابية للأسماء الحركية فى محاولات لتضليل الأجهزة الأمنية والمختصة والانسلاخ من الماضى الذين كان مليئاَ بحياة "الكفر" – على حد زعمهم – وقطع صلة الفرد وعلاقته بالعالم السابق الذى كان يعيش فيه وهويته الأصلية، وإيذاناَ بميلاد جديد له فى "حياة" التنظيم، بهوية جديدة واسم جديد وأخوة جدد أيضاَ.
ومن أبرز الأسماء الحركية التى عرفتها الجماعات الإرهابية مؤخراَ – على سبيل المثال لا الحصر :محمد الأمير عوض، الاسم الحركى "عطا الأمير"، وهو أحد أبرز الذين شاركوا فى عمليات الحادى عشر من سبتمبر، وثامر بن صالح السويلم العرينى، الاسم الحركى "خطاب" وهو أحد الذين شاركوا فى العمليات الإرهابية ضد الروس فى الشيشان، وطايل، وفونيا، وأبو الوليد، وسلطان البحر، وعصفورة، وتايجر، والمسحراتى، وشيبسى، وبالوظه"، وغيرها من الأسماء.
وهناك حزمة من الدوافع لاستخدام الجماعات الإرهابية والمتطرفة للألقاب والكُنى وغيرها من "الأسماء الحركية" حتى باتت من التقاليد الثابتة لأى جماعة مرتبطة بـ"العمل السرى"، فقد نشأت تلك الألقاب والكُنى على يد جماعة الإخوان الإرهابية، فهم أول من ابتدعوها، حيث كشفت العديد من مراسلات التنظيم الدولى للإخوان قائمة من الأسماء الحركية لقيادات الجماعة فكان مصطفى مشهور، مرشد الجماعة الأسبق يحمل اسم "أبو هانى"، وعمر التلمسانى يحمل اسم "ابو عابد".
كما كانت جماعة الإخوان الإرهابية تلجأ بشكل كامل منذ نشأتها لاستخدام الأرقام فى عهد "النظام الخاص"، فقد كان يحمل قائد التنظيم عبد الرحمن السندى اسم رقم "1"، ثم يليه أحمد زكى رقم "2" حيث أن الأوامر والتكليفات التنظيمية الموجهة لأعضاء التنظيم عادة ما تحمل توقيعات بهذه الأرقام فقط، فى محاولة للهروب عن أعين الأمن وتضليلهم، وذلك تنفيذاَ لنظرية الخلايا العنقودية التى نشأت عليها الجماعة.
وفى وسط هذا الصخب من الأسماء الحركية يظل "ظافر" بمثابة الاسم الحركى الأبرز والأشهر فى تاريخ التنظيمات الإرهابية، وقد تكنى به خالد الاسلامبولى أثناء التخطيط لعملية اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات، كما أطلق التنظيم عليه أيضاَ اسما حركيا آخر أثناء العملية وهو "فرعون"، فيما استخدم محمد شوقى الاسلامبولى أيضاً الاسم الحركى "أبوخالد"، كما عُرف مصطفى حمزة مهندس عملية محاولة اغتيال الرئيس الأسبق مبارك، بالاسم الحركى "أبوحازم".
الأسماء الحركية فى تنظيم القاعدة
تنظيم القاعدة الإرهابية كان له نصيب من الأسماء الحركية، فقد حمل أسامة بن لادن مؤسس التنظيم الاسم الحركى "أبو عبد الله"، فيما لقب أيمن الظواهرى، "عبد المعز"، بينما كان منظر تنظيم القاعدة الدكتور سيد إمام عبد العزيز ملقبا بالاسم الحركى "الدكتور فضل"، كما عُرف قيادى القاعدة مصطفى أبواليزيد المعروف بالاسم الحركى "سعيد المصرى".
الأسماء الحركية فى داعش
تنظيم داعش أحد أبرز التنظيمات الإرهابية المنبثقة عن تنظيم القاعدة هو الآخر منذ تأسيسه فى "العراق" حينما كان يُطلق عليه تنظيم "التوحيد والجهاد"، فقد تبنى مسألة استخدام الأسماء الحركية أو الكُنى بداية من المؤسس الأردنى أحمد فاضل نزال الخلايلة، والذى حمل الأسم الحركى "أبو مصعب الزرقاوى"، ثم خليفته أمير القاعدة فى العراق أبو حمزة المهاجر، وكذلك أبو عمر البغدادى واسمه الحقيقى حامد داود محمد خليل الزاوى، وصولاً إلى أبوبكر البغدادى الزعيم الحالى لتنظيم "داعش" واسمه الحقيقى إبراهيم عواد إبراهيم على البدرى السامرائى.
الأسماء الحركية للإرهابيين تجاوزت كونها مجرد ملحوظة خلال مباشرة التحقيقات فى قضايا الإرهاب باعتبارها "شفرة" تعتمد عليها الجماعات الإرهابية للتغطية الأمنية اللازمة والضرورية لفرد التنظيم، الذى يكفل له التمويه اللازم للحركة والتخطيط والتنفيذ أثناء العمليات بعيداً عن عيون أجهزة الأمن، فقد أصبحت محط أنظار الخبراء الاستراتيجيين والدراسات المتخصصة فى شئون الجماعات المسلحة خاصة بعد ارتكاب العديد من العمليات الإرهابية على يد عناصر حركية خلال السنوات الماضية.
الاسم الحركى بالدولة أو القبيلة
وفى هذا السياق، يقول اللواء مجدى البسيوني، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن الاسم الحقيقى لعضو التنظيم الإرهابى يكون بمثابة المعلومة السرية حتى بين أعضاء الخلية العنقودية الواحدة بحيث لم تم إلقاء القبض على أحد أعضاء الخلية لا يستطيع الإبلاغ عن العناصر الأخرى، وذلك تحقيقاَ لمبدأ "الأمان" حيث تلجأ تلك التنظيمات المتطرفة إلى اختيار الأسماء الحركية لعناصرها بالأخص القيادات منهم، إلى استخدام "كنى" بأسماء القيادات العسكرية فى حروب المسلمين فى صدر الإسلام، فتجد منهم "أبو ذر" و "أبو حفص" و "أبا عبيدة".
ووفقا لـ"البسيونى" فى تصريح لـ"اليوم السابع" – فإن معظم الجماعات الإرهابية تعتمد فى الأسماء الحركية أو "الكُنى" لعناصرها إما لجنسيته الأصلية، كالعراقى أو السورى أو المصرى، وفى أحيان أخرى ينسب العنصر إلى قبيلته التى ينتمى إليها، كالتميمى أو الهاشمى، كنوع من أنواع التمويه أو كمخطط لإخفاء الأسماء الحقيقية لأعضاء التنظيم عن الأمن، حتى لا تُصاب خلايا التنظيم بضرر بالغ، نتيجة معرفة أسمائهم الحقيقية وتعرضها لضربات أمنية.
الأسماء الحركية نتيجة تخوين أعضاء التنظيم لبعضهم
فيما أكد الخبير القانونى والمحامى محمود البدوى – أن عملية لجوء التنظيمات والجماعات الإرهابية إلى الأسماء الحركية ليست بالأمر المستجد حيث أن تلك البدعة بدأت على يد جماعة الإخوان الإرهابية منذ التأسيس وبالأخص فترة "النظام الخاص" بقيادة عبد الرحمن السندى، كما أن من أبرز من استخدم "الكُنى" فى فترة السبعينيات من القرن المنصرم الإرهابى الشهير "شكرى مصطفى".
استخدام الكُنية والأسماء الحركية – بحسب "البدوى" فى تصريحات خاصة – جاءت فى بداية الأمر نتيجة حالة التخوين وعدم الثقة المستمرة بين أعضاء التنظيمات تجاه بعضهم البعض وتجاه العناصر والأفراد الداخليين، لذلك يلجأون إلى هذه الأسماء لتشتيت الأجهزة الأمنية عنهم، وتصعيب الأمر على الأمن حال القبض على أحد أفراد خلاياهم العنقودية، حيث أن هذه الأسماء الحركية تتغير بشكل دائم بتغير المكان، فلا يتم نهائياَ طبقاَ للتعليمات فيما بينهم استخدام الكنية نفسها للشخص نفسه فى بلدان مختلفة، بل يتم بشكل تلقائى تغيير الكُنى، وهذا النظام والأسلوب معمول به داخل جميع التنظيمات الإرهابية.
ويرى اللواء علاء الدين عبد المجيد الخبير الأمني، أن الاسم الحركى والكنية تغيرت بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية، من "أبو حفص وعبد الله" لأسماء درامية مثل "خلف الدهشورى خلف" و"اللمبي" وغيرها من الكنيات.
وشدد الخبير الأمني، إلى أن هناك عمليات تخوين بين العناصر المتطرفة تجعلهم يلجأون باستمرار لاستخدام الكنيات والأسماء الحركية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة