كثيرا من الناس لا تعرف معنى كلمة «العربون» من الناحية القانونية غير أنه مبلغ مالي يدفعه المشتري إلى البائع أو المالك بغرض ضمان الجدية في إتمام عملية البيع وشراء الشيء المبيع، وفي حالة العدول عن البيع سواء من البائع أو المشترى يقوم البائع برد قيمة العربون المدفوع فقط للمشتري.
وهذا الفهم المتعلق بـ«العربون» خاطئ من الناحية العملية حيث أن الفهم الصحيح للمصطلح هو أن «العربون» في القوانين المدنية له من الوظائف الكثيرة والمتعددة والمتنوعة، فقد يتم دفعه إثباتا لإبرام العقد، وقد يكون مدفوعا كجزء أو قسط من ثمن المبيع وتارة يدفع بغرض إعطاء الحق في العدول لكلا المتعاقدين أو لأحدهما.
في التقرير التالي «اليوم السابع» ألقى الضوء على ماهية «العربون» من الناحية القانونية، مع اقتراب عيد الأضحى المبارك وتزايد حركة البيع والشراء وكيف تصدت محكمة النقض المصرية للأزمة بين البائع والمشترى، وعلاقة القانون المدني بالعربون وقت إبرام العقد، فضلاَ عن الصورة العملية للبيع بالعربون – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض محمود البدوى.
ماذا يفيد دفع العربون وقت إبرام العقد؟
فيما تنص المادة 103 مدني على الآتي: «1- دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك، 2-فإذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه رد ضعفه، هذا ولو لم يترتب على العدول أي ضرر».
ويتبين من هذا النص أنه إذا دفع عربون وقت إبرام العقد، ولم يتفق المتعاقدان صراحة أو ضمناً على أنه إنما دفع لتأكيد البتات في التعاقد، كان دفعه دليلا على أن المتعاقدين أرادا أن يكون لكل منهما الحق في العدول عن العقد، يستوى في ذلك البيع والإيجار وأي عقد آخر، فإذا لم يعدل أحد منهما عن العقد في خلال المدة التي يجوز له فيها العدول، أصبح العقد باتاً، واعتبر العربون تنفيذاً جزئياً له، ووجب استكمال التنفيذ – الكلام لـ«البدوى» .
رد العربون ضعفين
أما إذا عدل أحد المتعاقدين عنه في المدة التي يجوز له فيها ذلك، وجب على من عدل أن يدفع للطرف الآخر قدر العربون جزاء العدول، فإذا كان هو الذي دفع العربون فإنه يفقده، ويصبح العربون حقاً لمن قبضه، أما إذا كان الطرف الذي عدل هو الذي قبض العربون، فإنه يرده ويرد مثله، أي يرد ضعفيه، للطرف الآخر، حتى يكون بذلك قد دفع قيمة العربون جزاء عدوله عن العقد .
ويلاحظ أن النص يرتب التزاماً بدفع قيمة العربون في ذمة الطرف الذي عدل عن العقد، لا تعويضاً عن الضرر الذي أصاب الطرف الآخر من جراء العدول، فإن الالتزام موجود حتى لو لم يترتب على العدول أي ضرر كما هو صريح النص، بل تفسيراً لنية المتعاقدين، فقد فرض المشرع أن المتعاقدين أرادا إثبات حق العدول لكل منهما في نظير الالتزام بدفع قدر العربون فجعلا العربون مقابلا لحق العدول – هكذا يقول «البدوى» .
الفرق بين العربون والشرط الجزائى
وفي هذا يختلف العربون عن الشرط الجزائي، فإن هذا الشرط تقدير اتفق عليه المتعاقدان لقيمة التعويض عن الضرر الذي ينشأ عن الإخلال بالعقد، ومن ثم جاز للقاضي تخفيض هذا التقدير إذا كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، بل جاز له إلا يحكم به أصلاً إذا لم يلحق الدائن أي ضرر .
أما إذا اتفق المتعاقدان صراحة أو ضمناً على أن دفع العربون إنما كان لتأكيد العقد لا لإثبات حق العدول، وجبت مراعاة ما اتفقا عليه، فلا يجوز لأحد منهما العدول عن العقد، ولكل منهما مطالبة الآخر بتنفيذه، ويعتبر العربون تنفيذا جزئياً يجب استكماله .
وتجري على العقد الذي أبرم القواعد العامة التي تجري على سائر العقود من جواز المطالبة بالتنفيذ العيني أو بالتعويض أو بالفسخ، وإذا فسخ العقد وترتب على الفسخ تعويض، فليس من الضروري أن يقدر التعويض بقدر العربون، فقد يكون أكثر أو أقل.
الصورة العملية للبيع بالعربون :
أكثر ما يقع الاتفاق على العربون في البيع الابتدائي في الصورة التي بسطنا أحكامها فيما تقدم، فيبرم المتعاقدان بيعاً ابتدائياً، ويحددان ميعاداً لإبرام البيع النهائي، ويتفقان في البيع الابتدائي على عربون يدفعه المشتري للبائع، فإذا امتنع المشتري عن إبرام البيع النهائي في الميعاد المحدد، خسر العربون الذي دفعه للبائع، وسقط البيع الابتدائي .
وإذا كان الذي امتنع عن إبرام البيع النهائي هو البائع، ترتب على امتناعه نفس الجزاء المتقدم، فيسقط البيع الابتدائي، ويخسر البائع قيمة العربون بأن يرد للمشتري العربون الذي أخذه منه ومعه مثله .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة