يتعامل الناس مع الكيف بوصفه حالة مزاجية خاصة بمجموعة من الأفراد، ولا يعرف الكثيرون أنه أكثر من ذلك وأنه عبر التاريخ أشعل حروبا وأقام إمبراطوريات وأسقط أخرى.
الحشاشين تاريخ إسلامي دموي
ولد الحسن بن الصباح، فى الرى عام 430هـ وقد نشأ متبعا المذهب الشيعى واتخذ الطريقة الإسماعيلية الفاطمية وعمره 17 سنة، وفى عام 471هـ/1078م ذهب إلى إمامه المستنصر بالله حاجًّا، وعاد بعد ذلك لينشر الدعوة فى فارس، وقد احتل عدداً من القلاع أهمها قلعة آلموت 483هـ التى اتخذها عاصمة لدولته.
وكانت لـ الحسن الصباح طريقة غريبة فى تجنيد أتباعه إذ كان يأخذ الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والعشرين لينشئهم تنشئة عجيبة تعتمد على تخديرهم بمخدر خاص يقال إنه الحشيش، وبعد ذلك يعمد إلى إدخالهم بعد أن تأخذهم السكرة إلى حدائق خاصة أنشأها لهذا الغرض تحتوى على ما لذ وطاب من المأكولات والجوار الحسان، ويخلى بينهم وبينها للاستمتاع فيها، ثم بعد ذلك يعمد إلى إيفاقهم من سكرتهم وإعادتهم إلى حضرته ليطلب منهم بعد ذلك إن أرادوا خلوداً فى الجنة التى أذاقهم جزءاً من نعيمها أن ينفذوا ما يطلبه منهم شيخ الجبل، وهذا هو لقبه الخاص دون استفسار أو تردد، ومن أبرز تلك الأعمال الاغتيالات المنظمة للشخصيات التى كان يحددها لهم سلفاً والتضحية بالنفس فى سبيل ذلك أو فى سبيل ألا يفشى سراً من أى نوع كان، ومن ثم فهم ينشأون على تنفيذ أوامره وأوامر القيادات الأخرى فوراً بدون إدراك أو تساؤل عن عواقبها باعتبارها واجباً جهادياً لا يعذر الفرد منهم بالتساؤل عن جدواه فضلاً عن وجوب تنفيذه.
الشاي يصنع ثورة فى أمريكا
لم ينتشر الشاي ويصبح معروفاً في العالم إلا في القرن السابع عشر وما بعده، وقد كانت أول شحنة من الشاي قد وصلت أوروبا في عام 1610 عندما أحضر الهولنديون الشاي الأخضر لأول مرة، وكان الشاي يعتبر في ذاك الوقت من المواد الغذائية الباهظة فكان دواءً مهماً يقتصر بيعه على الأماكن المخصصة لبيع العقاقير، ومع الوقت توسع نطاق استخدام الشاي. ولم يعد دواءً فحسب بل تحول إلى شراب يعتمده المترفون مع بدء استيراد الشاي الأسود وهكذا انضم الشاي إلى مجموعة المشروبات الباهظة مع القهوة والشيكولاتة.
ولم تمض سبعون عاماً حتى يقرر الإنجليز تأسيس شركة الهند الشرقية (East India Company) فتكون الرائدة في تجارة الشاي، ومن خلالها يتم احتلال معظم دول العالم خاصة الهند وأفريقيا، ولفترة طويلة من الزمن اشتهر الشاي الأسود المستورد من آسيا باسم "الشاي الروسى", إذ كانت القوافل تنقله من روسيا إلى أوروبا.
وتحسنت صناعة الشاي فشهدت ازدهاراً مهماً في القرن التاسع عشر مع مصنع الشاي الإنجليزي المعروف توماس ليبتون الذي تفنن في مزج أنواع الشاي وطرحه في الأسواق في علب موضبة جاهزة.
واستغرق الأمر أكثر من مئة عام حتى أصبح متوفراً لعامة الناس بسعر معقول في أسواق المدن الأوروبية.ومن ثم أصبح تناوله إحدى العادات الاجتماعية فيها وفي أنحاء متفرقة من العالم.
وكان للشاى دور كبير فى استقلال أمريكا عن بريطانيا فعندما أقدمت فئة أمريكية مُعتَرِضة على النظام الضريبي الذي فرضته الحكومة البريطانية بإتلاف شحنة كاملة من الشاي المستورد عام 1773، زادت حدّة التشنجات وأدى إلى اشتعال حرب الاستقلال الأمريكي.
أوروبا تقهر الصين فى حرب الأفيون
هل سمعت من قبل عن "حرب الأفيون"، وهل اهتممت بمعرفة أطرافها؟ لقد وقعت فعلا حرب بهذا الاسم بينما يطلق عليها آخرون اسم الحرب الأنجلو صينية الثانية، أو الأنجلو فرنسية على الصين، وهى حرب بين الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الفرنسية ضد حكومة تشينج الصينية، فى الفترة من 1856 حتى 1860.
وبحسب كتاب "حرب الأفيون" الصادر عن سلسلة تاريخ الصين، عن دار الشعب الصينية، فإن حروب الأفيون، بدأت مع عام 1840، وكان السبب فى اندلاع الحرب، هو أحلام الرأسماليين الإنجليز، بفتح أسواق تجارية فى الصين، لكن دائمًا ما كانت تحقق تلك التجارة خسائر، خاصة فى المنتجات القطنية والمنسوجات، وهو ما أقلق رجال التجارة البريطانيين، واعتبروا ذلك نتيجة سياسة الباب المغلق التى تسلكها حكومة تشينج الصينية فى ذلك الوقت، فحاولوا إغراء الحكومة بأى وسيلة لفتح المؤانئ، لكن الصين رفضت.
ومع حلول النصف الثانى، من القرن الثامن عشر، وجد البريطانيون ضالتهم فى تجارة الأفيون، والتى كان لها رواج بين الطبقات الارستقراطية وملاك الأراضى، لوضع قدمهم داخل السوق الصينى، والتى جلبت لهم هناك أرباحًا هائلة، ونظرًا لاتساع حركة تلك التجارة، وزيادة عدد متناولى الأفيون، حاولت الحكومة منعه عدة مرات، لكنها فشلت، لكن مع الإجراءات الحازمة التى اتخذت عام 1821، أصبح التهريب الحل الوحيد لهذه التجارة، الأمر الذى قابله الامبراطور الصينى بقرار آخر بحظر استيراد الأفيون إلى الامبراطورية الصينية، بل وذهبت الامبراطورية إلى أبعد من ذلك عندما ذهب ممثل الإمبراطور إلى مركز تجارة الأفيون وأجبر التجار البريطانيين والأمريكيين على تسليم ما لديهم من الأفيون الذى بلغ ألف طن وقام بإحراقه فى احتفالية كبيرة شهدها المناوئون لهذا المخدر.
وعند ذلك قررت بريطانيا التى كانت فى أوج قوتها العسكرية، إعلان الحرب على الصين لفتح الأبواب من جديد أمام تجارة الأفيون للعودة، والتى استمرت عامين، واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين احتلال مدينة "دينغ هاى" فى مقاطعة شين جيانج واقترب الأسطول البريطانى من البوابة البحرية لبكين، ودفع ذلك الإمبراطور الصينى للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية "فان جنج" فى أغسطس 1842.
لم تحقق معاهدة "فان جنج" أهداف البريطانيين، فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون، واستمر حظر استيراد الأفيون، كما كان يرفض البلاط الإمبراطورى التعامل مباشرة معهم لذلك قدموا مذكرة بمراجعة الاتفاقات القائمة التى رفضها الإمبراطور، لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخرى ضد الصين وواتتهم الفرصة عند قيام السلطات الصينية فى "جوانج شو" بتفتيش سفينة تحمل العلم البريطانى واعتقال بحاريها وإنزال العلم ومقتل مبشر فرنسى، لشن حرب جديدة على الصين، عرفت بحرب الأفيون الثانية، والتى انطلقت 3 مارس 1857.
وبسبب هذه الحرب اضطر الإمبراطور للرضوخ للمطالب ووقع اتفاقيات "تيان جن" مع كل من فرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا والولايات المتحدة التى منحت امتيازات أكثر أهمها فتح المزيد من الموانئ، وارتفع عدد المدمنين فى الصين من مليونى مدمن عام 1850م ليصل إلى 120 مليونًا سنة 1878م، لكن حروب الأفيون لم تنته نهائياً إلا باتفاقية 8 مايو 1911.
أمريكا وكولوميا.. حروب مريرة
لم ينته تاريخ سيطرة الكيف على صناعة أحداث العالم، ولعل العلاقة بين أمريكا وكولومبيا تكشف الكثير مما حدث فى نهايات القرن العشرين خاصة قصة "اسكوبار".
فرغم أن تعاطي المخدرات بأنواعها المختلفة كان منتشراً في الولايات المتحدة منذ نشأتها تقريبا، إلا أنه مع تطور أنواع المخدرات بدأت المطالبات بالتصدي لها، وتعتبر البداية في ظهور مصطلح الحرب على المخدرات في أواخر ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي، في عهد نيكسون، فهو أول مَن أطلق المصطلح بشكل رسمي في مؤتمر صحفي، أعلن خلاله أن المخدرات هي "عدو الشعب رقم واحد" بالنسبة للإدارة الأمريكية.
طبقاً لتقارير إدارة مكافحة المخدرات وغيرها من تقارير المنظمات الدولية في هذا الشأن، كانت كولومبيا هي المصدر الرئيسي للمخدرات ليس فقط في أمريكا ولكن حول العالم، حيث كانت أكثر من 90% من المخدرات في الأسواق الأمريكية مصدرها كولومبيا، فكان من الطبيعي أن تتجه أنظار الإدارة الأمريكية إلى المصدر لمكافحة المشكلة.
وفي عام 1975، قامت عصابات المخدرات في مديين بكولومبيا بقتل 40 شخصاً في يومين بعد أن قامت الشرطة بضبط 600 كجم من الكوكايين في أول عملية ضبط ضخمة من نوعها.
شهدت الفترة من 1975 وحتى 1981 تناقضات كثيرة، حيث زاد التعاون بين إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية والحكومة الكولومبية، وتم توقيع اتفاقية ترحيل تجار المخدرات ليحاكَموا ويقضوا عقوباتهم في السجون الأمريكية، وأدى ذلك لعمليات كثيرة ومتلاحقة تم خلالها ضبط كميات ضخمة من المخدرات وخصوصا الكوكايين وأعداداً كبيرة من رجال عصابات الاتجار والتهريب.
لكن في الوقت نفسه، شهدت عمليات زراعة وتصنيع وتهريب المخدرات في مديين وكالي وغيرها من المدن الكولومبية نمواً وتنظيماً غير مسبوقين.
وفي عام 1981 قام أحد أشهر بارونات المخدرات في كولومبيا والعالم بابلو إسكوبار بتوحيد ودمج عصابات المخدرات في مديين وأسس كارتل مديين (والكارتل كلمة تعني منظمة مسؤولة عن الإشراف على ما يرتبط بتجارة المخدرات من زراعة ومعامل تصنيع وتغليف وتهريب وغسيل الأموال الطائلة الناتجة عن تلك التجارة عن طريق إدخال تلك الأموال في مشاريع قانونية).
وبدأ كارتل مديين في تهريب أطنان من الكوكايين إلى ميامي عبر البحر الكاريبي
وفي عام 1982 فاز إسكوبار بمقعد في الكونغرس الكولومبي تتويجاً لصورة «روبين هود» التي نجح في وضع نفسه فيها، من خلال بناء البيوت لفقراء مديين وبناء مدارس ومستشفيات وغيرها من المشاريع الخدمية، لكن بقاءه كعضو في البرلمان لم يدم طويلاً.
وفي عام 1984 قامت عصابات المخدرات باغتيال وزير العدل الكولومبي وتمت إدانة إسكوبار فهرب إلى بنما. في ذلك العام اكتشف رجال إدارة مكافحة المخدرات والشرطة الكولومبية واحداً من أكبر معامل إنتاج المخدرات داخل الغابات في مديين.
وفي 1985، بعد نجاح قوات الأمن الأمريكية في كشف وتدمير أسطول القوارب والغواصات المستخدم في التهريب عبر الكاريبي، تحولت مسارات التهريب إلى المسار البري عبر المكسيك.
وفي عام 1993 تمكنت الشرطة الكولومبية بمساعدة الولايات المتحدة من تعقب وقتل إسكوبار، مما أدى لتفكيك كارتيل مديين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة