أزمات مفتوحة، وطبيعة لا ترحم .. ربما هذه العبارة هى أول ما يدور بذهنك حينما تسمع اسم الهند، فما بين أزمة إقليم كشمير الممتدة منذ عقود مع دول الجوار، والفيضانات التى أرهقت البنية التحتية فى ذلك البلد الآسيوى عانت الهند من الكثير، ولا تزال.. إلا أن تلك المعاناة لم تكن حائلاً دون أن تخطو نيودلهى خطوات ثابتة وطموحة نحو تجديد الخطاب الدينى وحماية حقوق المواطنين والإقدام على تعديلات لقوانينها الحاكمة لتواكب العصر، ومن بين تلك القوانين والأحكام الطلاق الشفهى لأكثر من مرة مجتمعة، الذى أقدم البرلمان على إلغاءه فى جلسة تاريخية أقرت بأن ما يعرف بـ"الطلاق بالتلاتة" خطأ تاريخى بحق المسلمات.
وبإقرار مجلس الشيوخ، باتت الخطوة فى حاجة إلى تصديق الرئيس وهو ما يعتبر مجرد خطوة شكلية.
وعلقت العديد من وسائل الإعلام العالمية على القرار، حيث قالت صحيفة "جارديان" البريطانية إن الهند شهدت "يوم تاريخى" بعد تجريم الطلاق الشفهى الثلاثى، مشيرة إلى أن البرلمان الهندى وافق على مشروع قانون يحظر حق الرجل المسلم منذ قرون فى طلاق زوجته على الفور، وهو ما اعتبرته الصحيفة قرارا ربما يمثل بالنسبة للبعض تدخلا حكوميا فى مسألة مجتمعية.
وتسعى إدارة ناريندرا مودى الوطنية الهندوسية لتجريم "الطلاق بالثلاثة" أو الطلاق الشفهى، فى الهند التى يبلغ عدد المسلمين فيها 180 مليون نسمة والذى بموجبه يستطيع الرجل الطلاق من خلال نطق كلمة "أنتِ طالق"، ثلاث مرات فى وجود زوجته.
وبعد الجلسة التى انتهت مساء الثلاثاء، قال مودى فى تغريدة أن "ممارسة من العصور الوسطى عفا عليها الزمن قد ألقى بها في مزبلة التاريخ.. البرلمان قد ألغى الطلاق بـ3 وصحح خطأ تاريخيا بحق المسلمات. إنه انتصار للعدالة بين الجنسين سيعزز المساواة في المجتمع. الهند تبتهج اليوم".
وطالما دعا حزب مودي إلى اعتماد قانون موحّد للأحوال الشخصية بشأن مسائل الزواج والطلاق والملكية، علما بأن الدستور الهندي يجيز لأتباع الديانات المختلفة اللجوء إلى محاكمهم الروحية للفصل في قضايا الأحوال الشخصية والإرث.
وأيد مجلس النواب مشروع القانون، الذى سيجعل أى شخص يمارس الطلاق الفورى عرضة للمقاضاة، الأسبوع الماضي، قبل أن يقدم مجلس الشيوخ على القرار نفسه. وأوضحت الصحيفة التى نقلت فى تقريرها عن وكالة "رويترز" للأنباء، أن الهند واحدة من الدول القليلة التى كانت تطبق هذه الممارسة بموجب القانون. ولكن تم إعلانها "غير دستورية" من قبل المحكمة العليا قبل عامين.
وقال وزير القانون رافى شانكار براساد فى دلهى "هذا يوم تاريخى، الظلم الذى كان يحدث مع النساء المسلمات، لقد منحهم البرلمان الهندى العدالة".
وقالت بعض الجماعات الإسلامية الهندية أن الطلاق الثلاثى خطأ، لكنهم يعتقدون أن الممارسة يجب أن تتم مراجعتها من قبل قادة المجتمع بدلًا من الحكومة. وفى المقابل قال أسد الدين عويسى، وهو نائب من حزب "مجلس عموم الهند" الإسلامى المعارض، أن حزب بهاراتيا جاناتا فشل فى إصلاح المجتمع الهندوسى وكان يستهدف المسلمين بدلًا من ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة