نعم مذبحة كبيرة يشرف عليها حى الدقى، للتخلص من الأشجار فى كل الشوارع الرئيسية والفرعية، بدأت من شارع إيران، حتى وصلت إلى شارع البطل أحمد عبد العزيز، تحت إدعاء أن هذه الأشجار تؤثر على كاميرات المراقبة فى الشوارع، وكذلك السيارات وحركة المرور فى الشوارع، خاصة أن الأشجار قديمة جدا وتحتل مساحات واسعة من الشارع.
الردود التى يسوقها حى الدقى ومحافظة الجيزة تبدو مقنعة ومنطقية، إلا أن طريقة التنفيذ تثبت العكس، وتشير إلى أنها مذبحة حقيقية ضد المساحات الخضراء، التى تساهم بصورة أو بأخرى فى تنقية الهواء فى ذلك الحى الراقى، الذى يمثل محور رئيسى داخل الجيزة تتوافر فيه البنوك والشركات الكبرى، والتوكيلات التجارية ومناطق التسوق، وعندما قررت المحافظة تنفيذ هذه المذبحة شرعت فى تقليم الأشجار بصورة غير علمية، حيث تم القضاء على " المجموع الخضرى" لها وتحويلها إلى "عصى" حمقاء لا ظل لها ولا فائدة منها، بالإضافة إلى المنظر القبيح الذى خلقته فى الشوارع.
محافظة الجيزة لم تستخدم الكفاءات الفنية والمهندسين الزراعيين فى تقليم الأشجار من الشوارع واتجهت إلى العمال، الذين يستخدمون المناشير الكهربائية، ويقطعون كل أخضر، فى حى الدقى دون رحمة أو مراعاة لأى منظر حضارى أو جمالى، وكأن هذه الأشجار يجب تدميرها والقضاء عليها، بل الأكثر من ذلك أن مخلفات هذه الأشجار تظل ملقاة فى الشوارع لأيام وأيام طمعا أن يتخلص منها الأهالى بأنفسهم، فيتم تحميل الأخشاب الصالحة التى يمكن بيعها أو الاستفادة منها، بينما يتم ترك الفروع والأوراق للمواطنين لتخلق مشهد قبيح يجذب معه كل أنواع الحشرات الزاحفة والطائرة وقل فى ذلك ماشئت.
نحن لسنا ضد تقليم الأشجار فى منطقة الدقى أو أى منطقة فى محافظة الجيزة، ولكن يجب أن تم هذا الأمر بصورة حضارية، وبطريقة علمية تحت إشراف المهندسين الزراعيين، حتى لا يتم تحويل هذه الأشجار إلى هياكل صماء لن تنبت مرة أخرى، خاصة أن عمليات التقليم الجائزة التى تمت تكشف حجم الاتلاف الذى تم لتلك الأشجار، الأمر الذى يدعو إلى تدخل وزارة البيئة وكل الجهات المعنية المسئولة عن مكافحة تلوث الهواء والحفاظ على المساحات الخضراء.
سبق وأن كتبت منذ عدة أسابيع عن أشجار الفيكس وأثرها على التربة وحجم المشكلات الخاصة بهذا النوع من الأشجار، ولكن ليس معنى هذا أن نحولها إلى مناظر قبيحة فى الشوارع دون أن نخلق بديل عملى وحقيقى، لا يمكن أن تكون الحلول بهذه الطريقة، ولا يجب أن نفرط فى المساحات الخضراء دون أن تكون لدينا بدائل حقيقية لها، خاصة فى ظل ارتفاع معدلات تلوث الهواء وزيادة انبعاثات ثانى أكسيد الكربون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة