ناقش، أمس، الكاتب اللبنانى محمد طرزى روايته "رسالة النور.. رواية من زمان ابن المقفع"، وذلك فى أتيليه القاهرة، وسط حضور عدد من المثقفين.
وشارك فى مناقشة الرواية كل من الدكتور أحمد درويش، أستاذ البلاغة والنقد المقارن بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة، والدكتور محمد متولى، وأدارها الدكتور أحمد الجنايني.
فى البداية قال الدكتور محمد طرزى إن رسالة النور رواية تاريخية عمل على كتابتها خلال العامين 2014 و2015، خاصة أن الفترة الراهنة فى العالم العربي تتشابه كثيرا مع الفترة التى دارت فيها الرواية فى نهاية العصر الأموى وبداية العصر العباسى.
وأضاف "طرزى": فى الرواية نجد نمطين من المثقفين، الأول يمثله عبد الحميد الكاتب، الذى تماهى مع الخليفة، وعبد الله بن المقفع، الذى اختلف مع السلطة وانتقدها، ومن هنا فإن الرواية محورها الرئيسى هو الحديث عن أزمة المثقف مع السلطة ومع المجتمع.
ومن جانبه قال الدكتور أحمد درويش، فى مناقشة الرواية، إنها عمل نادر يحقق المتعة والفائدة، ويعيد الرواية إلى الأدب، ويهرب بها من الحكواتى الصرف ومن وصرامة السرد الصرف أيضا.
وتابع أحمد درويش: هذه الرواية كانت مكتوبة فى ذهن الكاتب من وحى وثائق ومن ورائها فلسفة، هذه الفلسفة اتضحت كم خلال الحوار بين خيارين هما المستبد العادل الذى مثله الخليفة المنصور والمفكر المعارض الذى مثله عبد الله بن المقفع.
وأضاف "درويش" أن البعد الثانى الذى أعلت الرواية من قيمته هو "الكتابة" بعيدا عن تشكلها أو انتمائها، لكن الكتابة من حيث كونها عملا فذا فى حد ذاته، لذا نجد الكتابة من أجل السلام، وهو ما فعله عبد الحميد الكاتب فى رسالته إلى أبو مسلم الخرساني، والتى أدرك قيمتها ابن المقفع كما أدرك قيمتها أيضا "الخرسانى" نفسه فأمر بحرقها قبل أن يقرأها.
وتابع "درويش" وفى كتلة الكتابة أيضا التى احتفت بها الرواية رسائل إخوان الصفا، حيث يذهب محمد طرزى إلى أن المجهول الذى كتبها إنما هما عبد الحميد الكاتب وعبد الله بن المقفع.
وأنهى الدكتور أحمد درويش كلامه بأن هذه المقولات الفلسفية نجحت لأنها جاءت فى قد كبير كبير من التخيل الذى حفظ لها روحها، كما احتفظ "طرزى" بروح عصر الكتابة بداية من كلمة رسالة، وبجعل النور مفتاحا للجزء الناقص الذى يحتاج إلى استكمال، كما وجه نقدا للرواية يرتبط بالتواريخ الميلادية المستخدمة طالبا أن تستخدم التواريخ الهجرية لأنها الأكثر دلالة على الأحداث.
بينما انطلق الدكتور محمد متولى، فى مداخلته من سؤال: هل نحن فى حاجة إلى كتابة رواية تاريخية عن فترة ابن المقفع؟ وأجاب بأن الرواية التاريخية نوعان تسجيلية أو تعبيرية، فما فعله جورج زيدان من قبل فى رواياته التاريخية المعروفة كان تسجيليا، بينما ما قدمه محمد طرزى فى "رسالة النور" فهو تاريخى تعبيرى بما يتوافق مع الظروف المعاصرة للكاتب.
وأضاف متولى، أن محمد طرزى فى الرواية وظف الشخصيات التاريخية للتعبير عما يؤمن به الكاتب، طارحا طرح قضية الصراع بين المثقف والسلطة على اتساعها.
"رسالة النور" رواية عن زمان ابن المقفّع يقدمها الكاتب محمد طرزى فى إطار روائى فنّى يدور بين الماضى (القرنين السابع والثامن للهجرة) وبين الحاضر (القرن الواحد والعشرين)، حيث تدور أحداث الرواية - مكانياً - بين دمشق والعراق وخراسان وتركيا (العثمانية) وتركيا (اليوم)، فكان الاختيار للأماكن والوقائع والأحداث مرتباً بعناية، وكذلك الشخصيات التى شاركت فى هذه الاحداث، وإذ نحن أمام شخصيات قرأنا عنها وعرفناها، تقولها الرواية عبر فضاء متخيّل له جذوره الواقعية الصادقة، وقد راعى خلالها الكاتب الأمانتين التاريخية والروائية، فأخلص للتاريخ وللفن الروائي، ووازن بينهما فى الوقت نفسه.
والكاتب محمد طرزى صدر له العديدُ من الرّوايات منها "النبوءة" (2010)،"جزر القرنفل – حكاية الحُلم الأفريقي" التى فازتْ بجائزة غسان كنفانى (2017) فى عمّان، "رسالة النور – رواية عن زمان ابن المقفّع" (2016)، "أفريقيا – أناس ليسوا مثلنا" (2018)، "نستالجيا" التى فازتْ بجائزة توفيق بكّار للرّواية (2018) فى تونس و"ماليندى ــ حكاية الحلم الأفريقى 2019.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة