حكايات ألف ليلة وليلة.. حكاية مزين بغداد (10)

الإثنين، 03 يونيو 2019 07:00 م
حكايات ألف ليلة وليلة.. حكاية مزين بغداد (10) ألف ليلة وليلة
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الليلة الماضية حكت شهرزاد قصة مزين بغداد و أشقائه، وكل واحد منه له حكاية عجيبة.
 
وفى الليلة الثانية والأربعين قالت: بلغنى أيها الملك السعيد أن أخا المزين الخامس قال: إنى آمر بعض الخدامين أن يرمى كيساً فيه خمسمائة دينار للمواشط فإذا أخذته آمرهن أن يدخلننى عليها لا أنظر إليها ولا أكلمها احتقاراً لها لأجل أن يقال أنى عزيز النفس حتى تجىء أمها وتقبل رأسى ويدى وتقول لى يا سيدى انظر جاريتك فإنها تشتهى قربك فأجبر خاطرها بكلمة فلم أرد عليها جواباً ولم تزل كذلك تستعطفنى حتى تقوم وتقبل يدى ورجلى مراراً، ثم تقول: يا سيدى إن بنتى صبية مليحة ما رأت رجلاً فإذا رأت منك الانقباض انكسر خاطرها فمل إليها وكلمها ثم إنها تقوم وتحضر لى قدحاً وفيه شراباً ثم إن ابنتها تأخذ القدح لتعطينى فإذا جاءتنى تركتها قائمة، بين يدى وأنا متكئ على مخدة مزركشة بالذهب لأنظر إليها من كبر نفسى وجلالة قدرى حتى تظن فى نفسها أنى سلطان عظيم الشأن فتقول يا سيدى بحق الله عليك، لا ترد القدح من يد جاريتك فلا أكلمها فتلح على وتقول: لا بد من شربه وتقدمه إلى فمى فأنفض يدى فى وجهها وأرفسها وأعمل هكذا ثم أرفس أخى برجله فجاءت فى قفص الزجاج وكان فى مكان مرتفع فنزل على الأرض فتكسر كل ما فيه. ثم قال أخى هذا كله من كبر نفسى ولو كان أمره إلى أمير المؤمنين لضربته ألف سوط وشهرته فى البلد ثم بعد ذلك صار أخى يلطم على وجهه ومزق ثيابه وجعل يبكى ويلطم على وجهه والناس ينظرون إليه وهم رائحون إلى صلاة الجمعة فمنهم من يرمقه ومنهم من لم يفكر فيه، وهو على تلك الحالة وراح منه رأس المال والربح ولم يزل جالساً يبكى وإذا بامرأة مقبلة إلى صلاة الجمعة وهى بديعة الجمال تفوح منها رائحة المسك، وتحتها بغلة بردعتها من الديباج مزركشة بالذهب ومعها عدد من الخدم فلما نظرت إلى الزجاج وحال أخى وبكائه أخذتها الشفقة عليه ورق قلبها له وسألت عن حاله فقيل لها: إنه كان معه طبق زجاج يتعيش منه فانكسر منه فأصابه ما تنظريه فنادت بعض الخدام وقالت له: ادفع الذى معك إلى هذا المسكين فدفع له صرة، فأخذها فلما فتحها وجد فيها خمسمائة دينار فكاد أن يموت من شدة الفرح، واقبل أخى بالدعاء لها ثم عاد إلى منزله غنياً وقعد متفكراً وإذا بدق يدق الباب فقام وفتح وإذا بعجوز لا يعرفها، فقالت له: يا ولدى اعلم أن الصلاة قد قرب زوال وقتها وأنا بغير وضوء وأطلب منك أن تدخلنى منزلك حتى أتوضأ فقال لها: سمعاً وطاعة. ثم دخل أخى وأذن لها بالدخول وهو طائر من الفرح بالدنانير فلما فرغت أقبلت إلى الموضع الذى هو جالس فيه وصلت هناك ركعتين ثم دعت لأخى دعاء حسناً نشرها على ذلك وأعطاها دينارين فلما رأت ذلك قالت: سبحان الله أنى أعجب ما أحبك وأنت بسمة الصعاليك فخذ مالك عنى وإن كنت غير محتاج إليه فأردده إلى التى أعطتك إياه لما انكسر الزجاج منك فقال لها أخي: يا أمى كيف الحيلة فى الوصول إليها؟ قالت: يا ولدى إنها تميل إليك لكنها زوجة رجل موسر فخذ جميع مالك معك فإذا اجتمعت بها فلا تترك شيئاً من الملاطفة والكلام الحسن إلا وتفعله معها فإنك تنال من جمالها ومن مالها، جميع ما تريد فأخذ أخى جميع الذهب وقام ومشى مع العجوز، وهو لا يصدق بذلك فلم تزل تمشى وراءها حتى وصلا إلى باب كبير فدقته فخرجت جارية رومية فتحت الباب، فدخلت العجوز وأمرت أخى بالدخول فدخل دار كبيرة فلما دخلها رأى فيها مجلساً كبيراً مفروشاً وسائد مسبلة. فجلس أخى ووضع الذهب بين يديه ووضع عمامته على ركبته فلم يشعر إلا وجارية أقبلت ما رأى مثلها الراؤون وهى لابسة أفخر القماش فقام أخى على قدميه فلما رأته ضحكت فى وجهه وفرحت به، ثم ذهبت إلى الباب وأغلقته ثم أقبلت على أخى وأخذت يده ومضيا جميعاً إلى أن أتيا إلى حجرة منفردة فدخلاها وإذا هى مفروشة بأنواع الديباج فجلس أخى وجلست بجانبه ولاعبته ساعة زمانية ثم قامت وقالت له: لا تبرح حتى أجيء إليك، وغابت عنه ساعة فبينما هو كذلك إذ دخل عليه عبد أسود عظيم الخلقة ومعه سيف مجرد يأخذ لمعانه بالبصر وقال لأخي: يا ويلك من جاء بك إلى هذا المكان يا أخس الإنس يا ابن الزنا وتربية الخنا فلم يقدر أخى أن يرد عليه جواباً بل انعقد لسانه فى تلك الساعة، فأخذه العبد وأعراه ولم يزل يضربه بالسيف صحفاً ضربات متعددة أكثر من ثمانين ضربة إلى أن سقط من طوله على الأرض فرجع العبد عنه واعتقد أنه مات وصاح صيحة عظيمة بحيث ارتجت الأرض من صوته ودوى له المكان وقال: أين الميلحة؟ فأقبلت إليه جارية فى يدها طبق مليح فيه ملح أبيض فصارت الجارية تأخذ من ذلك الملح وتحشر الجراحات التى فى جلد أخى حتى تهورت وأخى لا يتحرك خيفة أن يعلموا أنه حى فيقتلوه ثم مضت الجارية وصاح العبد صيحة مثل الأولى فجاءت العجوز إلى أخى وجرته من رجليه إلى سرداب طويل مظلم ورمته فيه على جماعة مقتولين فاستقر فى مكانه يومين كاملين، وكان الله سبحانه وتعالى جعل الملح سبباً لحياته لأنه قطع سيلان عروق الدم. فلما رأى أخى فى نفسه القوة على الحركة قام من السرداب وفتح طاقة فى الحائط وخرج من مكان القتلى وأعطاه الله عز وجل الستر فمشى فى الظلام واختفى فى هذا الدهليز إلى الصبح فلما كان وقت الصبح خرجت العجوز فى طلب سيد آخر فخرج أخى فى أثرها وهى لا تعلم به حتى أتى منزله ولم يزل يعالج نفسه حتى بريء ولم يزل يتعهد العجوز وينظر إليها كل وقت وهى تأخذ الناس واحد بعد واحد وتوصلهم إلى تلك الدار وأخى لا ينطق بشيء ثم لما رجعت إليه صحته وكملت قوته عمد إلى خرقة وعمل منها كيساً وملأه زجاجاً وشد فى وسطه وتنكر حتى لا يعرفه أحد ولبس ثياب العجم وأخذ سيفاً وجله تحت ثيابه فلما رأى العجوز قال لها بكلام العجم: يا عجوز هل عندك ميزان يسع تسعمائة دينار؟ فقالت العجوز: لى ولد صغير صيرفى عنده سائر الموازين فامض معى إليه قبل أن يخرج من مكانه حتى يزن لك ذهبك فقال أخي: امشى قدامى فسارت وسار أخى خلفها حتى أتت الباب فدقته فخرجت الجارية وضحكت فى وجهه. وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة