من الأحاديث الشريفة التى يرويها الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا ) فكلما قرأت هذا الحديث الشريف تذكرت على الفور فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى ، هذا العالم الجليل الذى يستحق وبلا ادنى شك أن يكون هو هذا المجدد للدين فى هذا الزمان الذى أشار اليه رسول الله .
فالإمام الشعراوى ظهر فى وقت كنا فى أشد الحاجة فيه لمن يبسط لنا أمور الدين ويقربه الى القلوب وسط اجواء وظروف متباينة ومتفاوته لذا فإنه حينما ظهر على هذا النحو الذى رأيناه عليه فإنه لم يختلف عليه اثنان خاصة فى ورعه وزهده وتقواه وعلمه الواسع وخشيته من الخالق جل شأنه فى كل كلمة كان يقولها وفى كل تصرف كان يصدر عنه .. وهو ما جعله يستحق كل هذا الحب الذى أحاطه به الناس على اختلاف عقائدهم وتوجهاتهم سواء فى حياته او حتى بعد أن لقى وجه ربه الكريم .
انا شخصياً وبلا أى مبالغة وصل حبى لفضيلة الإمام محمد متولى الشعرارى ليس الى درجة العشق وحسب بل وصل الى درجة الولع الشديد بحلو حديثه وطيبته والتعلق بما كان يقول فى لقاءاته الدينية التى كانت تذاع عبر القناة الأولى فى التليفزيون المصرى ، تلك الاحاديث الشيقة التى كنا ننتظرها بشغف وبلهفة للاستزادة من علمه الغزير والاستناره من تفسيره العصرى المبسط للقرآن الكريم هذا التفسير الذى اهداه للمكتبة الاسلامية والذى يعد من أعظم التفسيرات التى قدمها علماء الأمة منذ ظهور الاسلام وحتى وقتنا الحالى.. لدرجة أننا فى كثير من الأحيان نكون قد قرأنا الآية الكريمة مرات عديدة ولكن حينما نسمعها من فضيلة الشيخ الشعراوى وهو يقرأها ويفسرها بكلماته المبسطة وحكاياته الشيقة وتعبيراته الخفيفة التى تدخل القلوب بسلاسة وتتوغل فى الوجدان وتجرى فى شرايننا مجرى الدم فإننا نشعر وكأننا نقرأ او نسمع هذه الآية لأول مرة وذلك من فرط الاحساس بمعناها العميق الذى يوضحه لنا الشعراوى والذى ربما لم يكن يخطر على بال أحدنا من قبل .. ولكن الشعراوى بذكائه وقدرته الفائقة على الإقناع فإنه كان يزيل عنها الغموض بتفسير يتناسب مع معطيات العصر الحديث ايماناً منه بأن كتاب الله صالح لكل زمان ومكان وبالتالى فكل زمان له مفرداته وله طريقة تفكيره وهنا فى تقديرى الشخصى يكمن سر نجاح الشيخ الشعراوى فى الاقتراب من الناس سواء البسطاء أو كبار القوم على حد سواء فلكل فئة طريقة تفكير واسلوب مختلف فى شتى مجالات الحياة ولكن فى مسألة الدين فإن الكل سواء والكل ينجذب الى ما يراه يتماشى مع طبيعته لأن الله جل شأنه انزل هذا القرآن للناس أجمعين وجعله دستورا للجميع فقد قال جلَّ جلاله مخاطباً الرسول﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
والحق يقال فإننى تعلقت طوال السنوات الماضية بأحاديث فضيلة الشيخ الشعراوى رحمه الله لدرجة أننى ابحث عنها الأن على "اليوتيوب" وذلك كلما شعرت بحالة ضيق وكلما شعرت بضغوط الحياة من حولى فما أن استمع اليه وهو يفسر لنا الآيات التى تدعوا الى التفاؤل حتى أشعر وكأنه يفتح أبواب السعادة بمفاتيح الرضا التى يمتلكها والتى استطاع من خلالها أن يحفر اسمه بحروف من نور فى سجل العلماء الأفاضل ومجددى الدين فى هذه الأمة.
رحم الله فضيلة الشيخ الشعراوى برحمته الواسعة وادخله فسيح جناته ومنحه خير الجزاء عما قدمه من خير للمسلمين والإسلام فى حياته وحتى بعد أن فارقنا بجسده وذهبت روحه الى بارئها .. فهو ما يزال يعيش بيننا بما تركه من علم ينتفع به .. تصديقاً لقول المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام (إِذَا مَاتَ إبن آدم انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له.)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة