منذ 69 عامًا كانت البذرة الأولى لنشأة الاتحاد الأوروبى كما نعرفه الآن. مثّل إعلان شومان، الذى قدمه وزير الخارجية الفرنسى روبرت شومان فى 9 مايو 1950، عقب الحرب العالمية الثانية، نقطة تحول فى التاريخ الأوروبى. اقترح إعلان شومان إنشاء هيئة مشتركة للإشراف على الإنتاج الفرنسى والألمانى من الفحم والفولاذ بحيث يمكن للدول الأوروبية الأخرى الانضمام إليها، مُطلِقًا بذلك مشروعًا طموحًا بارزًا حدد مسار التاريخ الأوروبى وأعاد رسم مكانة أوروبا فى العالم.
ويمكننى القول إن إنشاء الاتحاد الأوروبى لم يجلب النفع لأوروبا وحدها، ولكن أيضًا لجيراننا الإقليميين والعالم. فعلى سبيل المثال، الاتحاد الأوروبى هو أكبر سوق عالمى والمستثمر الأجنبى الرائد فى معظم أنحاء العالم، بما فى ذلك مصر. لقد حققنا مكانة قوية من خلال توحيد صوتنا على الساحة العالمية تجاه مختلف القضايا، وبلعب دور رئيسى فى إزالة الحواجز أمام التجارة الدولية، وكذلك بإبرام اتفاقيات تجارية ثنائية مع العديد من الشركاء المهمين فى جميع أنحاء العالم، ومنهم مصر.
الاتحاد الأوروبى هو أكبر مانح مالى للمساعدات الإنمائية فى العالم. لقد لعبنا دورًا فعالًا فى التخطيط لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وننفذها بالفعل. كما أن الاتحاد الأوروبى ودوله الأعضاء هم أكبر مانح للإغاثة الإنسانية، ونلعب دورًا مهمًا فى دعم اللاجئين السوريين ومحاولة إيجاد حل للأزمة السورية وغيرها من الأزمات فى منطقة الشرق الأوسط وفى العالم ككل، مثل الوضع فى شبه جزيرة القرم، وقضية الروهينجا فى ميانمار.
وأود أن أشير هنا إلى الأهمية الكبيرة التى يوليها الاتحاد الأوروبى للتعاون مع مصر والدول العربية. ففى شهر فبراير من العام الجارى، استضافت مدينة شرم الشيخ قمة الاتحاد الأوروبى وجامعة الدول العربية الأولى من نوعها لتجمع معًا قادة 49 دولة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبى. وخلال مناقشاتهم، أكد المشاركون على أن تعزيز التعاون الإقليمى هو السبيل إلى إيجاد حلول مشتركة لمواجهة التحديات المشتركة. كما أعربوا عن التزامهم بخلق فرص جديدة باتباع نهج تعاونى يضع الأشخاص، لاسيما المرأة والشباب، فى جوهر العمل المشترك الجارى. وأنوّه هنا إلى أن المشاركين فى القمة لفتوا إلى الدور المحورى الذى يلعبه المجتمع المدنى فى هذا الشأن، واتفقوا على دفع التعاون الاقتصادى والالتزام بوضع جدول أعمال محدد خاصة فى مجالات التجارة، والطاقة، والعلوم، والبحوث، والتكنولوجيا، والسياحة، والزراعة، وغيرها من المجالات الأخرى ذات المنفعة المتبادلة.
إن المشروع الذى أطلقه روبرت شومان عام 1950 للسلام والشراكة والقيم المشتركة والتكافل لم ينته بعد. فى عالم اليوم أصبحت أهمية الاتحاد الأوروبى أكثر من أى وقت مضى، مما يزيد من المسؤولية تجاه العمل على تعزيز اتحادنا. وهذا المسار قائم بالفعل، فرئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر كان قد كشف فى عام 2017 عن خريطة طريق توضح الخطوات الرئيسية نحو اتحاد أوروبى أكثر ارتباطًا وأقوى وأكثر ديمقراطية. واتفق قادة الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى على أجندة القادة؛ وهى قائمة من أكثر القضايا والتحديات إلحاحًا التى يجب إيجاد حلول لها قبل الانتخابات الأوروبية فى أواخر شهر مايو الحالى.
ولذلك، يجتمع القادة فى رومانيا اليوم «9 مايو» لتتويج هذه العملية بالتزام متجدد تجاه اتحاد أوروبى يعمل على تحقيق نتائج تجاه القضايا التى تهم الناس بالفعل.
يمثل الاتحاد الأوروبى مشروعًا حيًا يتكيف مع ويقبل بالتحديات الجديدة. نحن عازمون على استمرار مشروعنا كقوة من أجل الخير والرخاء فى العالم، ونتطلع إلى العمل مع مصر وجميع شركائنا لهذه الغاية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة