حازم صلاح الدين

اللى ما يتفرج على التليفزيون يقرأ عنه

الأحد، 26 مايو 2019 08:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كتابه "التليفزيون والكتابة الدرامية"، الصادر عن منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب في العام 2018، يرصد الكاتب السوري عماد نداف بتوثيق دقيق بداية الكتابة الدرامية التلفزيونية في مجتمعه مع ظهور التلفزيون في الستينيات من القرن الماضي وحتى العام 2010، وهو الكتاب الذي استأنست به بعيداً عن "الهرى" الدائر حول الدراما التليفزيونية المعروضة حالياً على الشاشات في الشهر الكريم، وبعيداً عن الفرجة التلفزيونية التى تُورط في الحديث عن دراما تخلو من الخيال الإبداعى وتبتعد عن واقعها، ما بين كوميديا ثقيلة الظل ونقل "مسطرة" عن دراما أجنبية في مجتمعات أخرى، فإنه بسبب كل هذا "الهرى" بما فيه الكلام المعتاد عن الإعلانات وكثرتها ومستواها الفني الأفضل من مستوى المسلسلات، فقد فضلت الابتعاد عن الشاشة والاحتماء بقراءة كتاب وإن كان يحكى عن التلفزيون.
 
الكتاب هو بحث مميز يتوغل في التنقيب عن تطور النص الدرامي التلفزيوني في سوريا تاريخياً وفنياً، ويتضح من خلال تفاصيله مدى الجهد الذي بذله الكاتب لتحقيق مراده على مدار عشرة أعوام تقريباً ليقدم شيئاً جديداً على هذا الصعيد، مستشهداَ بنصوص ومشاهد وآراء لكتاب ونقاد ومجموعة مميزة من أهل المهنة، ومقدماً أوراقه عبر عدة خطوات حددها "نداف" ومنها: البحث عن النصوص المكتوبة عن الأعمال الدرامية التلفزيونية، تسجيلات العروض الأولى المتوفرة، إجراء مقابلات تجيب عن بعض الأسئلة المهمة التي لم تتوفر وثائق عنها، وعلى أساس منهجه هذا قدم ثمانية فصول هي: ظهور التليفزيون، الدراما التلفزيونية والسيناريو، ظروف نشوء النص الدرامي، ظهور الكتابة التلفزيونية، تبلور صناعة الدراما التلفزيونية، كُتاب الإنتاج الدرامي في التسعينيات، الفورة الثانية في الإنتاج، ملاحظات على الفورة الإنتاجية.
 
 نخلص من الفصول كلها إلى وثيقة مهمة يمكن الرجوع إليها عند أي استفسار يخص الفرجة التلفزيونية وآلية العمل والكتابة في هذا المجال، يقول الكاتب في مقدمته:" لا يمكن الحديث عن ظهور التلفزيون في سوريا، وكأنه حكاية قديمة يرويها لنا الأجداد، فظهور التلفزيون بشكل واسع الانتشار وشعبي، لم يحصل إلا في أواخر ستينات وأوائل سبعينات القرن الماضي، وهذا يعني أن التليفزيون دخل منازلنا قبل أربعين أو خمسين سنة، أي أن هذه المحطة في تاريخ وسائل الاتصال الجماهيري هي قريبة وفاعلة في الذاكرة ويمكن الحديث عنها والنقاش حول تداعياتها دون صعوبة تذكر".
 
لا أعرف رأي الكاتب عماد نداف في الدراما السورية المعروضة مؤخراً، وهل لديه أية تحفظات عليها أو أنه حتى مثلي يفضل الابتعاد عن صخب الشاشة في هذه اللحظة الزمنية بما تحمله من ضجيج وجلبة، لكني ربما أتصيد مع كتابه القيّم بعض الحنين لأزمنة وإن لم نعشها فهي جزء من وجداننا وكان فيها الحلم كبيراً ، فمن المعروف أن التلفزيون السوري الذي يتمحور حوله الكتاب قد تأسس بالتزامن مع التلفزيون المصري، وانطلقا معاً في زمن الوحدة بين مصر وسوريا في يوليو عام 1960، ومن هنا وجدتنى ألجأ إلى قناة "ماسبيرو زمان" كنوع من الحماية والصد للفوضى والضوضاء المحيطة، ليس بمبدأ أن نترحم على أيام كانت جميلة بفنونها ونجومها وحتى حواديتها، وعلى الأقل يمكن أن تكتمل معها متعة الفرجة في رمضان بمسلسل قديم مثل "سفر الأحلام" (1986)-الذى انتهى عرضه منذ أيام-، تأليف وحيد حامد وإخراج سمير سيف، حين رحت أتابع محمود مرسي، الأستاذ، أحد أعظم الفنانين المصريين، وهو يؤدي دور الأستاذ أنيس الذي يحول شقته إلى بنسيون بعد خروجه على المعاش ليستأنس بالبشر، فيتماهى مع حكاياتهم وأحلامهم وأحزانهم وأفراحهم.. إن الفرجة هنا لها بهجة ما بعدها بهجة.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة