نواصل اليوم الأحد الواحد والعشرون من شهر رمضان المعظم سلسلة آية و5 تفسيرات ونتوقف عند سورة العنكبوت وقول الله تعالى فى الآية رقم 56 " يَا عِبَادِى الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ فَإِيَّاى فَاعْبُدُونِ".
تفسير الطبرى
القول فى تأويل قوله تعالى: يَا عِبَادِى الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ فَإِيَّاى فَاعْبُدُونِ (56)
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من عباده: يا عبادى الذين وحَّدوني، وآمنوا بي، وبرسولى محمد صلى الله عليه وسلم (إنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ).
واختلف أهل التأويل فى المعنى الذى أريد من الخبر عن سعة الأرض، فقال بعضهم: أريد بذلك أنها لم تضق عليكم فتقيموا بموضع منها لا يحلّ لكم المُقام فيه، ولكن إذا عمل بمكان منها بمعاصى الله، فلم تقدروا على تغييره، فاهرُبوا منه.
تفسير القرطبى
قوله تعالى: يا عبادى الذين آمنوا إن أرضى واسعة هذه الآية نزلت فى تحريض المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة - فى قول مقاتل والكلبى - فأخبرهم الله تعالى بسعة أرضه وأن البقاء فى بقعة على أذى الكفار ليس بصواب. بل الصواب أن يتلمس عبادة الله فى أرضه مع صالحى عباده، أى إن كنتم فى ضيق من إظهار الإيمان بها فهاجروا إلى المدينة فإنها واسعة، لإظهار التوحيد بها. وقال ابن جبير وعطاء: إن الأرض التى فيها الظلم والمنكر تترتب فيها هذه الآية وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق. وقاله مالك. وقال مجاهد: إن أرضى واسعة فهاجروا وجاهدوا وقال مطرف بن الشخير: المعنى: إن رحمتى واسعة. وعنه أيضا: إن رزقى لكم واسع فابتغوه فى الأرض قال سفيان الثوري: إذا كنت بأرض غالية فانتقل إلى غيرها تملأ فيها جرابك خبزا بدرهم. وقيل: المعنى: إن أرضى التى هى أرض الجنة واسعة فاعبدون حتى أورثكموها. فإياى فاعبدون (إياى) منصوب بفعل مضمر، أى فاعبدوا، إياى فاعبدون، فاستغنى بأحد الفعلين عن الثاني. والفاء فى قوله: (فإياي) بمعنى الشرط أى إن ضاق بكم موضع فإياى فاعبدونى فى غيره، لأن أرضى واسعة.
تفسير ابن كثير
هذا أمر من الله لعباده المؤمنين بالهجرة من البلد الذى لا يقدرون فيه على إقامة الدين، إلى أرض الله الواسعة، حيث يمكن إقامة الدين، بأن يوحدوا الله ويعبدوه كما أمرهم، ولهذا قال: (ياعبادى الذين آمنوا إن أرضى واسعة فإياى فاعبدون) .
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا بقية بن الوليد، حدثنى جبير بن عمرو القرشى، حدثنى أبو سعد الأنصارى، عن أبى يحيى مولى الزبير بن العوام قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " البلاد بلاد الله، والعباد عباد الله، فحيثما أصبت خيرا فأقم ".
ولهذا لما ضاق على المستضعفين بمكة مقامهم بها، خرجوا مهاجرين إلى أرض الحبشة، ليأمنوا على دينهم هناك، فوجدوا هناك خير المنزلين، أصحمة النجاشى ملك الحبشة، رحمه الله، آواهم وأيدهم بنصره، وجعلهم سيوما ببلاده. ثم بعد ذلك هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الباقون إلى المدينة النبوية يثرب المطهرة.
تفسير البغوى
(يا عبادى الذين آمنوا إن أرضى واسعة فإياى فاعبدون) قال مقاتل والكلبي: نزلت فى ضعفاء مسلمى مكة، يقول: إن كنتم فى ضيق بمكة من إظهار الإيمان فاخرجوا منها إلى أرض المدينة، إن أرضى - يعنى المدينة - واسعة آمنة. قال مجاهد: إن أرضى المدينة واسعة فهاجروا وجاهدوا فيها. وقال سعيد بن جبير: إذا عمل فى أرض بالمعاصى فاخرجوا منها فإن أرضى واسعة. وقال عطاء: إذا أمرتم بالمعاصى فاهربوا فإن أرضى واسعة. وكذلك يجب على كل من كان فى بلد يعمل فيها بالمعاصى ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى حيث يتهيأ له العبادة. وقيل: نزلت فى قوم تخلفوا عن الهجرة بمكة، وقالوا: نخشى، إن هاجرنا، من الجوع وضيق المعيشة، فأنزل الله هذه الآية ولم يعذرهم بترك الخروج. وقال مطرف بن عبد الله: " أرضى واسعة " أي: رزقى لكم واسع فاخرجوا.تفسير السعدى
يقول تعالى: {يَا عِبَادِى الَّذِينَ آمَنُوا} بى وصدقوا رسولى {إِنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ فَإِيَّاى فَاعْبُدُونِ} فإذا تعذرت عليكم عبادة ربكم فى أرض، فارتحلوا منها إلى أرض أخرى، حيث كانت العبادة للّه وحده، فأماكن العبادة ومواضعها، واسعة، والمعبود واحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة