عندما تسير بين جنبات شارع المعز حيث أصل وأساس مدينة القاهرة تشعر وكأنك تستنشق تاريخ مصر خلال العصر الإسلامي، أما عندما تنظر للآثار التى تعج بها القصبة العظمى على جانبيها تجد نفسك دون أن تشعر وكأنك تقيم حواراً مطولاً مع الأجداد.
لم يكن يعلم جوهر الصقلى قائد جيوش الخليفة المعز لدين الله الفاطمى رابع الخلفاء الفاطميين الذى استطاع أن يحقق حلم اجداده فى دخول مصر.. أن يتحقق الحلم بعد العديد من المحاولات الفاشلة وكان ذلك فى ١٧شعبان ٩٦٩م.
انطلاقاً من هذا التاريخ نستطيع القول بأن المعز وأمير جيوشه استطاعا أن يسطرا تاريخ مصر بشكل ومذاق مختلف، فقد أصبحت مصر هى مقر الحكم للدولة بعد أن كانت قبل ذلك مجرد ولاية تابعة للحكم العباسى وللخليفة ببغداد، حيث انتقل المعز وأسرته ورجال دولته، بل ورفات أجداده التى دفنت بتربة الزعفران إلى مصر، ليقول للعالم أجمع أن مصر هى مقر الخلافة الفاطمية .
كما ظل اسم القاهرة والذى أطلق عليها قبل الألف عام.. هو الاسم الذى استمر يطلق عليها إلى يومنا هذا ولم يتغير رغم اتساع رقعة المدينة الفاطمية النشأة والاسم
كما تسارع أغلب من حكم مصر على مر عصورها القديمة أن يشيدوا منشأت لهم فى الشارع الأعظم أو شارع القصبة العظمى وهو ما نطلق عليه اليوم شارع المعز لدين الله، والممتد من بوابة الفتوح شمالا إلى بوابة زويلة جنوبا.
ليس هذا فحسب فقد تنوعت هذه المنشآت ما بين العمارة الحربية متمثلة فى أسوار وبوابات مدينة القاهرة والتى ترجع للعصر الفاطمي، والجوامع والمساجد حيث جامع الأزهر وجامع الحاكم بأمر الله ومسجد الأقمر ومسجد الأفخر (الفكهاني) ويرجع تاريخ أنشأهم جميعاً للعصر الفاطمى ومسجد السلطان المؤيد شيخ المحمودى ويرجع للعصر المملوكى الجركسى ومسجد الشيخ على المطهر وهو يعود للعصر العثمانى والمدارس حيث المدرسة الكاملية والمدارس الصالحية وكلاهما يعود للعصر الأيوبى ومدرسة السلطان الناصر محمد بن قلاوون وتعود للعصر المملوكى البحرى فضلاً عن المجموعات المعمارية والتى اشتهرت بها دولة المماليك مثل مجموعة السلطان المنصور قلاوون وهى تشتمل على مدرسة وسكن للطلبة وقبة دفن وسبيل وحوض سقى دواب وبيمارستان (مستشفى) وتعود للعصر المملوكى البحري، ومجموعة السلطان قانصوه الغورى وهى عبارة عن مجموعة منشآت اصطفت على جانبى الشارع بينهما ممر يعلوه سقف خشبى وهذه المنشآت هى مسجد ومدرسة وقبة دفن وسبيل وكتاب ومنزل ومقعد وهى تعود للعصر المملوكى الجركسي، نسبة إلى هذه المجموعة وصاحبها أطلق على المنطقة الغورية، والمنشآت الخيرية كالأسبلة فنجد سبيل وكتاب خسرو باشا وأيضاً سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا، وكلاهما يعود للعصر العثمانى وشيدا على الطراز المصرى المحلي، وأيضاً سبيل محمد على بالنحاسين والآن به متحف النسيج، وكان أيضاً مقر مدرسة النحاسين الأميرية والتى درس بها أديب نوبل نجيب محفوظ رحمة الله عليه وكذلك سبيل محمد على بالعقادين وكلاهما يعود لعصر محمد على باشا واتخذوا الطراز العثمانى الوافد وهو النمط المعمارى الذى قدم إلى مصر من تركيا مقر الخلافة انذاك ومنشآت التصوف كالزوايا والخانقاوات حيث زاوية أبو الخير الكليباتى ومدرسة وخانقاة السلطان الظاهر برقوق تعود للعصر المملوكى الجركسى ومنشآت الرعاية الإجتماعية كالحمامات العامة حيث، حمام السلطان إينال ويعود للعصر المملوكى الجركسى وقباب الدفن مثل قبة السلطان الصالح نجم الدين أيوب وهى تعود للعصر الأيوبى والقصور مثل قصر الأمير بشتاك ويرجع للعصر المملوكى البحري، والمنشآت التجارية حيث وكالة الست نفيسة البيضاء .
نظراً لذلك نطلق على شارع المعز اسم المتحف المفتوح حيث تنوع وظيفة ومسميات المنشآت الموجودة به، وكذلك أنها تعود لمختلف العصور الإسلامية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة