تشتهر مدينة طنطا بمحافظة الغربية، بالعديد من الصناعات الحرفية القديمة، والتى بدأت منذ عشرات السنين، وما زالت مستمرة حتى الآن، لعل أبرزها حرفة تشكيل المعادن خاصة النحاس والألومنيوم.
داخل حارة ضيقة بجوار مسجد العارف بالله سيدى أحمد البدوى بطنطا، وتحديدا شارع السمكرية، يجلس عدد كبير من الصنايعية وأمامهم مجسمات من الألومنيوم والنحاس، يشكلونها لتصبح أشكالا مختلفة منها مآذن المساجد، والحلل الألومنيوم، وقدرة الفول، ومستلزمات المطاعم والمقاهى.
ورغم أن هذه الحرفة من أقدم الحرف بمدينة طنطا، إلا أنها تصارع الاندثار، وأصبح هناك ورشتان فقط بجوار مسجد السيد البدوى، بعد أن كان هناك الكثير منها.
وقال وليد النحاس، أحد حرفى تشكيل النحاس والألومنيوم، إن حرفة تشكيل النحاس موجودة منذ عشرات السنين، بمدينة طنطا، وتوارثتها الأجيال، وما زلنا نعمل فى هذه الحرفة التى أوشكت على الاندثار.
وأضاف "النحاس"، أن هذه الحرفة توارثها العائلة حتى وصلت إليه وأصبحوا يصارعون للحفاظ على هذه المهنة، ومتمسكين بهذه الصنعة، مشيرا إلى أن منطقة السمكرية بطنطا كانت تكتظ بعشرات ورش النحاسين والآن لم يتبق منها سوى ورشتين فقط، وأنه يعمل فى المهنة منذ أكثر من 12 عامًا.
وأشار "النحاس" إلى أنهم يشترون الألومنيوم والنحاس من المصانع بميت غمر بشكل معين، وبعد ذلك يقومون بتطريقها لإكسابها المتانة وزيادة الشكل الجمالى لها، ثم يتم الفك والتركيب لتصنيع المآذن بشكلها النهائى، إلى جانب تصنيع حلل مصنع الحلاوة من النحاس، وقدر الفول، ومستلزمات المطاعم والمقاهى.
وأضاف "النحاس" أنهم يقومون بتصنيع حلل الألومنيوم ولها زبائنها يأتون لشرائها، رغم ظهور الأوانى الاستلس، إلا أن هناك فئة من المواطنين يرغبون فى استخدام الأوانى الألومنيوم فى الطهى.
وتابع "النحاس" أنهم واجهوا العديد من المشاكل منها الركود فى السوق، وارتفاع أسعار الخامات، وارتفاع الأجور، ولكن يسعون للتغلب على هذه المشاكل للحفاظ على المهنة.
وأوضح "النحاس"، أن عملهم قائم على التوزيع بمحافظات الجمهورية، ومنها محافظات الصعيد، الذين يحضرون لمدينة طنطا، لشراء مآذن المساجد، والأوانى النحاسية، فضلا عن تجهيز المطاعم والمقاهى، وحتى الآن لم يخططوا للتصدير إلى الخارج.
وأشار النحاس، إلى أن جميع الحرف أوشكت على الانقراض، وأصبحت الورش خاوية من الصنايعية بعد أن كانت تعج بهم، وبعد ارتفاع الأسعار اختفت العديد من الحرف، وهرب الصنايعية إلى إيجاد بديل، بالعمل على التكاتك أو شراء تروسيكل والعمل به، وفى حالة عدم الحفاظ على المهنة سوف تنقرض الحرف.
وطالب "النحاس" الدولة بمساعدة الحرفيين ومنحهم تسهيلات، للنهوض بهذه الحرف، حفاظا عليها من الاندثار، ومساعدتهم فى إنهاء كافة الأوراق المطلوبة بالمصالح الحكومية، للحفاظ على الحرفيين المتبقيين فى الحرف المختلفة.
من جانبه قال عبد الله النحاس، إنه يعمل فى تشكيل النحاس والألومنيوم منذ 6 سنوات، ويقوم بتشكيل الألومنيوم الخام وتحويله إلى الشكل النهائى لمآذن المساجد، مطالبا بالحفاظ على المهنة من الاندثار، وتشجيع الحرفيين على الاستمرار فى فيها، حتى تستمر المهنة بدلا من اندثارها.
أما حسين حسن محمد طه، فيعمل فى تشكيل النحاس منذ 50 عاما قائل: إن تشكيل النحاس يختلف فى الماضى عن الوقت الحالى، وكانت فى أزهى عصورها فى الماضى، مشيرا إلى أنهم كانوا يصنعون أباريق وزهريات نحاسية، وتصنيع طلبيات لمحلات خان الخليلى لبيعها للسياح، ولكن الآن أصبحت المهنة تعانى كثيرا وأوشكت على الاندثار.
وأضاف "حسين"، أنهم الآن يقومون بتصنيع الحلل لمصانع حلوى المولد، حيث يشترون النحاس الخام وتشكيله وتصنيع الحلل للمصانع بأحجام مختلفة حسب الطلبية.
وأشار "حسين" إلى أن ارتفاع الأسعار أثرت عليهم بصورة كبيرة، مشيرا إلى أنه حال تنشيط السياحة سوف يزيد إنتاجهم من الأوانى النحاسية والأباريق، والتى تلقى رواجا وإقبالا من السياح، مضيفا أن منتجاتهم كانت تصدر لأمريكا منذ سنوات، والأن أصبحت مقتصرة على السوق المحلى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة