فى 20 أبريل 2011 رحل الدكتور مصطفى الشكعة، المولود سنة 1917، مخلفا وراءه عددا من الكتب المهة، لكن يظل على رأسها كتاب "إسلام بلا مذاهب"
الكتاب الذى صدرت له طبعات متعددة صدر للمرة الأولى 1971، ينطلق الكتاب، حسب "نيل وفرات" من فكرة أن المسلمين، ماضيهم مشرق مضىء، قوى عزيز، وحاضرهم حاب ضعيف مستذل، معتدى عليه. لذا يقف المسلم، متألماً من الواقع الذى صار إليه المسلمون، والمؤلف كواحد من المسلمين يحاول الوقوف فى هذا الكتاب على الأسباب التى أدت إلى هذه المفارقات الضخمة المؤسفة بين موقف المسلمين وحالهم فى أمسهم ويومهم، ولم يظل به التفكير، فسرعان ما اهتدى إلى أن ضعف المسلمين جاء من تفرق كلمتهم وشتات شملهم نتيجة لتفرق المذهب والعقيدة، فمذاهب المسلمين المختلفة كانت الباب الذى دخل منه الخلاف، واستغل الاستعمار هذه الثغرة فوسعها، وباركها كما يبارك الشيطان فعل الكبائر: هذا إمامي، وذاك زيدي، ومنهم من غلا فى مذهبه علواً كبيراً: فهذا إسماعيلي، وذاك درزي، والآخر علوي، ثم يلتفت مرة أخرى فيجد أيضاً بعض رجال السنة يختلفون، ويجد أيضاً بأن هذا أباضياً وهذا يميل إلى الاعتزال، والإسماعيلية نفسها فيها النزارية الآغاخانية، والمستعلية البهرة ثم فى الهند بعيداً جماعة الأحمدية أو القاديانية، وهى تنسب نفسها إلى الإسلام، ويصلح فريق منها ويضل فريق مذاهب مختلفة وعقائد متعددة فى ظل دين واحد، ورسول واحد، يستغلها ذوو النيات السيئة وأصحاب المقاصد الدنيئة فى حزب المسلمين بعضهم ببعض، فوق المؤلف من هذه المذاهب جميعاً، ما درس منها وما بقى، موقف الدارس المستأني، وقدمها إلى القارئ فى يسر وبساطة ولين، وعرض لها عرضاً لها تاريخياً وأدبياً وعقائدياً، ناظراً نظرة علمية سمحة، مستهدفاً الإنصاف ما وسعه إلى ذلك سبيلاً، حتى يتعرف المسلمون على اختلاف مذاهبهم وفرقهم وطوائفهم الموقف الذى ينبغى أن يكونوا فيه.
وقد قدم للكتاب فصلاً عن ماهية الإسلام وعظمته وما ضم من تشريعات سماوية دونها أية تشريعات سابقة أو لاحقة، وما حوى من نظم مثالية، وتكامل اجتماعى عادل، وشورى، وحرب على التميز العنصري، ولما كان بعض أعداد الإسلام قد اتخذوا من بعض الأمور، عن جهل وتصوره ذرائع لمهاجمة هذا الدين، فقد كتب المؤلف عدة موضوعات تتناول موقف الإسلام من حكمة تعدد الزوجات، ومن خرافة انتشاره بالسيف ومن الرُق، كل ذلك تناوله المؤلف، بأسلوب مبسط، ضارباً الأمثلة، ومتمثلاً الأحكام التى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، حيث جاء هذا الفصل التعريفى فى مقدمة الكتاب.
الكتاب مكون من 6 أقسام الأول بعنوان "ماهية الإسلام"، وفيه يعرف الشكعة الإسلام من خلال تناول لبعض خصائصه مثل كونه "دين فطرة" يتلاءم مع الطبيعة البشرية، ويقر بوجود إله واحد، موضحاً سماحة الشريعة الإسلامية ومرونتها من خلال تناول بعض المبادئ التى أقرها الدين الإسلامى مثل التكافل الاجتماعى، الشورى، المساواة، كما تناول موقف الإسلام من بعض القضايا مثل الرق ومكانة المرأة.
يأتى القسم الثانى من الكتاب، بعنوان "انقسام الإسلام إلى مذاهب وفرق"، تحدث فيه عن بداية انقسام المسلمين بعد موت الرسول بهدف الوصول إلى السلطة، متناولاً بعض الفرق التى انقسمت وهى "الخوارج، الإباضية، الشيعة، الأمامية، الزيدية"، متناولاً نشأة وعقيدة ورموز كل فرقة منهم.
"غلاة الشيعة" هو عنوان القسم الثالث الذى يتناول فرق "الإسماعيلية، الدروز، والعلويون".
أما المعتزلة فهى الفرقة التى تناولها الشكعة فى القسم الرابع، والخامس أتى بعنوان "أهل السنة"، وتناول فيه أهل الحديث والرأى وأئمة أهل السنة، متناولاً حياة كل من الأئمة الأربعة "أبو حنيفة، مالك، الشافعى، أحمد أبن حنبل"، كما تناول القسم كلاً من الأشاعرة والمتصوفة.
وتتوالى أقسام الكتاب حتى القسم السادس والأخير "حروب وقتال بسبب المذاهب"، والذى يتناول أهم الحروب التى حدثت بين المسلمين وأنفسهم صراعاً على السلطة تحت اسم "المذاهب"، وكيف أضعفت تلك الحروب الأمة الإسلامية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة