لم يكن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يتوقع أن تأتيه هدية سياسية كبيرة فى مقل هذا الوقت الذى يستعد فيه لتدسين حملة إعادة انتخابه، لكن المحقق الخاص روبرت مولر، الذى طالما تعامل معه ترامب كعدو يسعى لندميره واتهمه مرارا بالاضطهاد، فاجأ ترامب والأمريكيين على اختلاف أطيافهم بنتائج تقريره الخاص بتحقيقات التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، بعد أن خلص إلى عدوم وجود بين ترامب والروس، أو عرقلة لسير العدالة من قبل الرئيس الأمريكى.
وقد وصفت وسائل الإعلام الأمريكية هذه التطورات بأنها انتصار سياسى كبير ونادر لترامب، بل غن شبكة سى إن إن ذهبت إلى القول بأنه عند هذه المرحلة تدخل رئاسة ترامب عصر جديد يصبح فيه الرئيس أكثر قوة. فالآن، وكما تقول الشبكة الأمريكية، أصبح لدى ترامب فرصة لإعادة صياغة قصة رئاسته.
ومثلما فعل فى ليلة الانتخاب فى 2016، حقق الرئيس انتصارا على الحكمة التقليدية لمنتقديه، لكن هذه المرة بعدما وجد المحقق الخاص روبرت مولر أنه لا يوجد دليل على أن ترامب قد تآمر مع دولة أجنبية معادية وهى روسيا، لكسب السلطة.
هذه النتيجة التى تم تقديمها فى ملخص لتقرير مولر من قبل المدعى العام (وزير العدل) ويليام بار، يعنى أن ترامب يمكنه أخيرا تخطى المكيدة التى خنقت رئاسته من البداية. فقد قدم التقرير تبرئة لترامب، وإل جانب ذلك سلاح سياسى جديد ليطلق منه النيران على خصومه فى الحزب الديمقراطى والإعلام فى بداية حملة إعادة انتخابه.
لكن المكاسب التى حققها الديمقراطيون فى الانتخابات النصفية فى نوفمبر الماضى ستضمن ألا يكون لتقرير مولر الكلمة الأخيرة، مثلما كان من الممكن أن يكون الحال لو كان الحزب الجمهورى مسيطرا.
فالقادة الديمقراطيون يطالون بالفعل الكشف الكامل عن التقرير، ويتحدون تفسير وزير العدل لنتائج مولر. وعلى الرغم من أن الملخص الذى عرضه بار يشير إلى أن تقرير مولر لا يبرئ ترامب تماما فى مسألة عرقلة سير العدالة، فإن الرمزية السياسية لا يمكن إنكارها. فتفتقر النتائج بشكل واضح للقنبلة التى يمكن أن تحول المشاعر العامة الفاترة إزاء احتمال عزل ترامب، وبالتالى سيكون لها تأثير عميق على رئاسته.
ويشعر منتقدو ترامب أن المحقق الخاص قد منح ترامب هدية سياسية كبرى لترامب، وهى بالفعل كذلك. إلا أن تفسيرا آخرا للتقرير هو أنه لو لم يكن الرئيس مذنبا بجريمة واجه اتهامات بارتكابها، فإن حكم المحقق الخاص سيكون بمثابة حصول ترامب على حقه بعد عملية قانونية.
من ناحية أخرى، قالت "سى إن إن" إن نتائج تحقيق مولر تمثل لحظة من الارتياح الهائل على الصعيد الوطنى. لأن التقييم المعاكس هو أن الرئيس الحالى قد خان بلاده مع قوى أجنبية معادية لتخريب الديمقراطية الأمريكية.
ومن ثم، فإن أمريكا نجت من كابوس سياسى طويل كان سيختبر نظامها الدستورى وفاقم من حدة التوتر الحالى فى السياسة الذى يبدو أحيانا أنه يمزق البلاد.
كما أن الوضوح التام لرسالة "عدم التواطؤ" لرامب، والتى حرص على تأكيدها بشكل شبه يومى على تويتر خلال العامين الماضيين، يجعل التأثير السياسى لنتائج اكتشافات مولر أكثر فاعلية. لكن بينما فاز ترامب فى المعركة الأولية حول التقرير، فإن حرب واشنطن حول آثارها ليس سوى مجرد البداية، حيث يطالب الديمقراطيون فى الكونجرس بنشر التقرير بالكامل ويعدون بزيادة وتيرة تحقيقاتهم الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة