"البصة فى عيونهم بالعمر كله" هو ملخص الأمومة والمشاعر الجميلة التى تجمع بين الأم وأبنائها، لكن فى عالم ملىء بالظلام الخارجى يكون القلب هو منبع النور والحب والأمومة، فالأم الضريرة يكفيها حضن واحد من أبنائها وسماع صوتهم وملامسة ملامحهم وتفاصيلها.. فالحب هنا بالقلب فقط.
الحاجة منال واحدة من الأمهات المثاليات من ذوى القدرات الخاصة "فاقدى البصر"، أثبتت أن الأمومة والإرادة لن تحتاج للبصر، لكنها نابعة من القلب، لن تشعر للحظة واحدة أنها مختلفة عن الآخرين فتزوجت من رجل كفيف أيضا وعاشت معه حياة هادئة ومليئة بالحب وأنجبت منه أربعة أبناء مبصرين ليكونوا عوض ربنا وسند لها بعد وفاة الزوج.
تخرجت الحاجة منال فى كلية آداب جامعة عين شمس، وعملت بجامعة القاهرة، وتعلمت فى المدارس الداخلية للمكفوفين، ما جعلها تعتمد على نفسها بشكل كبير، وهى واحدة من الأمهات المثاليات اللاتى حاورهن اليوم السابع لتروى قصة كفاحها مع أبنائها بعد وفاة الزوج.
قالت الحاجة منال "لدى أربعة أبناء فى مراحل تعليمية مختلفة وهم خلود ومنة وعمر ومحمد، كانت طفولتى فى مدارس المكفوفين التى ساعدتنا على التدريب والتأهيل والتعامل بشكل طبيعى مع الآخرين، ثم التحقت بجامعة عين شمس كلية الآداب، أنهيت المرحلة التعليمية ثم تعرفت على زوجى وكان كفيفا أيضا، وعشنا سويا حياة هادئة، لكن واجهتنا صعوبات فى بداية الإنجاب، فالأطفال يحتاجون لرعاية كبيرة لمعرفة سبب بكائهم ومرضهم أو لتغيير الملابس، وفى ذلك الوقت كنت أنا وزوجى نعيش بعيدا عن الأهل، لكن كان الجيران يساعدونا فى التنقل والذهاب للطبيب، حتى تأقلمت مع الوضع.
كانت صدمة كبيرة عندما توفى زوج الحاجة منال وترك لها أربعة أطفال، لكنها أثبتت للجميع أن الأم الضريرة لها قدرة كبيرة على رعاية أبنائها وتعليمهم دون الحاجة لمساعدة أحد، حيث قالت الحاجة منال "على الرغم من أننى ضريرة لكنى تحملت مسئولية أبنائى وحدى وكنت لهم أبا وأما، والحمد لله ابنتى الكبيرة فى الصف الثالث الثانوى وسأكمل معهم رحلة كفاحى حتى أوصلهم لأعلى المراكز".
وتابعت أحرص دائما على شراء كتب برايل للمراحل التعليمية التى بها أبنائى لأساعدهم على المذاكرة وأمارس حياتى بشكل طبيعى، ومثل أى أم مبصرة أقوم بواجباتى المنزلية فى ترتيب المنزل وإعداد الطعام والحديث معهم وحل مشاكلهم.
وأضافت: الكثيرون يعتقدون أن الأمهات فاقدى البصر لديهن إعاقة كبيرة ولا يستطعن العيش بشكل طبيعى مع أولادهن وينظرون إلينا بشفقة، لكن من وجهة نظرى الأم الضريرة لديها قدرة كبيرة جدا على عمل أى شىء، على عكس الأم المبصرة، فربنا سبحانه وتعالى عوضنا بنعمة السمع والإحساس بالآخرين بدرجة أعلى من المبصرة، فالحب والأمومة نابعين من القلب وليست بالنظرات والعيون، فبحضن واحد من أولادى أعرف من خلاله حالتهم النفسية ومشاكلهم، وليس بالضرورة أن أراهم فيكيفنى حضن واحد منهم، فالضريرة تستطيع أن تتزوج وتربى أولادها ومفيش مستحيل.
وتابعت: أبنائى هم سر سعادتى فى الحياة، ولا أريد غيرهم وأشعر بحنيتهم دائما، فهم يفاجئونى فى عيد الأم بالهدايا الجميلة التى يشترونها من مصروفهم الخاص، ويقولون لى دائما إننى الأم المثالية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة