للأسف، كثيرا ما نتعامى عن الحقائق ونحن نعرف أنها حقائق، كما نعرف أننا نتعامى.
من بين كل العلاقات تبقى علاقتك بعائلتك هى الأروع، ومن بين كل الضحكات تبقى ضحكتك وسط إخوتك وأهلك وناسك هى الضحكة الأنقى، فلماذا نتجاهل دائما الأورع والأنقى لنقف فى طابور من المواعيد المؤجلة والانشغالات المعطلة والحجج التافهة، مانعين أنفسنا من التمتع بروح الحياة وسحرها، حارمين أنفسنا من البهجة الممتدة، والسعادة الراضية؟
طلع العيد علينا، وفى السابق كان الجميع يتسابق من أجل الظفر بترتيب رحلة عائلية أو زيارة للأهل، بينما الآن لا يفكر أحد إلا فى محيطه الضيق، غير مدركين أن السعادة «استثمار»، ضع سعادتك اليوم هنا وستحصل على أضعافها غدا، ضع وقت اليوم هنا وستحصل على أوقات من تحب فى الغد، ضع اهتمامك هنا وأنت قادر على توزيع الاهتمام، وفى الغد ستحصل على اهتمام مضاعف فى وقت لن تكون قادرا فيه على أى شىء.
فى اجتماعك بعائلتك ما يغنيك عن غيره من اجتماعات، فيه الدفء الذى لا تجده فى مكان آخر، وفيه الحب الذى لا تستطيع أن تزنه أو تقدره بالمقادير المتعارف عليها، وفيه البراءة من كل غرض والبعد عن كل رياء، وبحسبك تصير عائلتك، كيفما تنظر إليها تنظر إليك، إن قدمت الخير كان لك خيرا، وإن قدمت الشر والنميمة وتتبع عورات المريض نلت ما قدمت ولو بعد حين، غير أن ما يميز تلك العلاقة أن أساسها أروع من أسس العلاقات الأخرى، علاقة تأسست على الدم المشترك، على الروابط الواحدة، على الاهتمامات الواحدة، على الذكريات التى لا تعوض.
ربما تكون قد ضحكت للمرة الأولى هنا فى بيت خالك، ربما تكون قد مشيت للمرة الأولى هنا فى بيت عمك، ربما تكون قد غيرت ملابسك للمرة الأولى هنا بين يدى خالتك، وربما يكون قلبك قد خفق للمرة الأولى هنا أمام عينى إحدى قريباتك، وكم منزلا فى الأرض يسكنه الفتى وحنينه دوما لأول منزل!
تحيا العائلة، بكل مفرداتها، بكل ذكرياتها، بكل أحزانها، تعيش هذه الكتف التى حملت معك أبوك، وتعيش تلك العين التى دمعت من أجل أمك، وتعيش تلك الحالة التى لن تقدر على تعويضها مهما تفرقت بك سبل الحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة