أعلن منذ أيام عن خصخصة بورصة الكويت من خلال نقل ملكية نصف أسهمها إلى تحالف بقيادة شركة الاستثمارات الوطنية يضمن بورصة أثينا «%44» ومؤسسة التأمينات الاجتماعية «%6»، وعلى أن تطرح باقى الأسهم فى اكتتاب عام خلال فترة لا تتدعى سنة.
ولما كان تحول البورصات إلى شركات ظاهرة آخذه فى الانتشار عالمياً وشهدت المنطقة العربية عدة حالات مماثلة، تحاورت «اليوم السابع» مع شريف سامى الخبير المالى، والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية عن الأسباب الداعية لهذا التوجه، ومدى مناسبته للحالة المصرية.
وأوضح شريف سامى، أن هناك ثلاثة أشكال لملكية البورصات، الأولى والأقدم التى كانت سائدة عالمياً حتى نحو عقدين من الزمان كانت صيغة التعاونية، أى أنها تكون مملوكة لأعضاء من شركات الوساطة المتعاملين بها ولا تعمل بغرض توزيع أرباح، والشكل الثانى هو الملكية الحكومية أى تعمل ككيان أو جهاز متخصص مملوك للحكومة، أما الصيغة الأحدث فتتمثل فى أن تكون البورصة شركة مملوكة لمؤسسات ومصارف وأفراد، ويمكن أن تكون أسهمها متداولة نفس البورصة.
وأضاف أنه فى منطقتنا العربية كان سوق دبى المالى السباقة فى التحول إلى شركة تتداول أسهمها منذ مطلع عام 2007، ومن بعدها تحولت بورصة الدار البيضاء بالمغرب إلى شركة فى عام 2015 وجاءت بعدها شركة السوق السعودية «تداول» التى تحولت من جهة حكومية إلى شركة، وهناك خطة لطرح أسهمها، وقرر مجلس الوزراء الأردنى نفس الشىء لبورصة عمان عام 2017 ومؤخراً تحولت بورصة مسقط بسلطنة عمان إلى شركة مؤخراً، تمهيداً لطرح أسهمها.
وأشار شريف سامى إلى أن البورصة المصرية بدأت فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر وفقاً للصيغة التعاونية ويتخذ القرار فيها مجلس إدارة منتخب من الأعضاء أى السماسرة ويختارون من بينهم رئيساً للبورصة، وكان هناك ما يعرف بمندوب الحكومة يشارك فى اجتماعات مجلس الإدارة، وله حق النقض «الفيتو» على بعض القرارات الجوهرية.
وأضاف أنه لم تكن هناك هيئة رقابية تشرف على سوق المال فى هذا الوقت، إذ تأسست الهيئة العامة لسوق المال عام 1979 وهى الأولى فى العالم العربى، واندمجت لاحقاً عام 2009 فى الهيئة العامة للرقابة المالية عند إنشائها.
وأردف أنه بصدور قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 زالت الصيغة التعاونية، وأصبحت البورصة كيانا خاصا، ولكن لا يمكن اعتباره جهة حكومية، فهو نموذج فريد بين بورصات العالم، فرئيس الوزراء يعين رئيس ونائب رئيس البورصة وعضوى مستقلين بمجلس الإدارة والشركات المقيد لها أسهم تختار اثنين ممثلين أحدهما عن الشركات المتوسطة والصغيرة، والشركات العاملة فى مجال الأوراق المالية تنتخب ثلاثة ممثلين أحدهم على الأقل من غير شركات الوساطة، كما يختار اتحاد البنوك ممثلاً عن القطاع المصرفى والبنك المركزى المصرى ممثلاً له، وفى ضوء الصلاحيات الواسعة الممنوحة لمجلس الإدارة، وبما لا يخل بإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية على الجوانب الفنية لعمل البورصة، فلا يمكن اعتبارها جهة حكومية.
وشدد شريف سامى على أنه فى بعض الأحيان تكون بورصة مملوكة لشركة إلا أن الأخيرة تكون تحت سيطرة الدولة، وأبرز مثال على ذلك بورصة شنغهاى التى تعد الأكبر عالمياً التى تسيطر عليها الدولة بصورة غير مباشرة من خلال ملكيتها لشركة «هونج كونج للبورصات والمقاصة التى بدورها تمتلك بورصة شنغهاى.
ونوه إلى أن الأسباب الداعية لتحول البورصات من الشكل التعاونى أو الملكية الحكومية إلى شكل شركة تتداول أسهمها متعددة، تأتى فى مقدمتها أن تكون محدود المسؤولية، أى لا يمكن الرجوع على الأعضاء فى حال تراكمت خسائر النشاط، والأهم أن تتمتع بالقدرة على زيادة رؤوس أموالها وملاءتها المالية للتطوير المستمر لبنيتها التكنولوجية واستحداث منتجات جديدة، وهو ما لا تتيحه الموارد المالية للأعضاء وفقاً للصيغة التعاونية، كما أن شكل الشركة يسمح بالاستحواذ على بورصات أخرى أو الاندماج معها، حيث يتلاحظ أن البقاء للأكبر فى البورصات العالمية وكلما جمعتها كيانات واحدة زادت كفاءة التشغيل بها، كذلك فإن ارتفاع السيولة المجمعة للتعامل من خلالها يشكل عامل جذب للشركات الكبرى لإدراج أسهمها بها.
وأشار إلى أنه من جانب آخر فإن تحول البورصات إلى شركات يطرح عددا من الأشكاليات المرتبطة باستهداف الربح الذى فى بعض الأحيان يمكن أن يأتى على حساب التطوير وبرامج التوعية والإرشاد، ومنها الوضع الاحتكارى الذى تتمتع به فى الكثير من الدول والعلاقة من جهة الإشراف والرقابة على السوق، كما أنه معرض لممارسات لتضييق المنافسة عندما تتركز ملكية عدة بورصات تحت مظلة شركة واحدة، فعلى سبيل المثال فى الولايات المتحدة هناك 13 بورصة 12 منها مملوكة لثلاثة شركات فقط.
ويرى شريف سامى، أن صيغة الملكية الحالية للبورصة المصرية تعد مناسبة وتوازن بين العديد من الاعتبارات، فهى أكثر استقلالاً فى الوضع الحالى من تحولها لشركة مساهمة مملوكة للمال العام، حيث المالك سيكون السلطة الأعلى فى اتخاذ القرار وتشكيل مجلس الإدارة، ولا يرى مناسبة أن تنقل ملكيتها للقطاع الخاص المصرى والأجنبى، وأن تتداول أسهمها فى البورصة فى الوقت الحالى للاعتبارات السابق ذكرها.
وأشار إلى أن التعديلات الأخيرة فى قانون سوق رأس المال ولائحته التنفيذية أكدت إمكانية تأسيس بورصات خاصة سواء للأسهم والسندات أو للسلع والعقود المستقبلية، ومن وجهة نظره قد يكون الأفضل البدء بتجربة بورصة، خاصة فى مجال العقود، حين أن القيمة السوقية للشركات المقيدة وأحجام التداول لا تبرر إنشاء بورصة أسهم ثانية.
ومن جانبه يرى معتصم الشهيدى، نائب رئيس مجلس إدارة شركة هوريزون لتداول الأوراق المالية، أن تحول البورصة المصرية لشركة مساهمة يضيف العديد من المزايا لسوق المال المصرى، أبرزها أن رئيس البورصة سيكون منتخبا من بين شركات الأوراق المالية وليس معينا من قبل الحكومة، ولذا سيركز على خدمة السوق بشكل أكثر فعالية، كما سيتيح تمثيل أكبر بمجلس الإدارة للشركات العاملة فى السوق.
وأضاف الشهيدى، أن الدولة سوف تستفيد من هذا النموذج أيضا، من خلال طرح حصة من البورصة للبيع، وهو ما يدر لها عائدا مع إمكانية احتفاظها بحصة الأغلبيية، بالإضافة إلى أن تحولها لشركة يلزم مجلس الإدارة بتحقيق أرباح وتوفير التكلفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة