"التاريخ يكتبه المنتصرون" مقولة تستخدم تاريخيا للتدليل على قدرة المنتصر دائما على كتابة الوقائع التاريخية وتدوينها فى التاريخ الإنسانى كما يروق لنفسه، أو كما يحب أن يذكره دائما التاريخ، انتشر الكلمة أكثر، وأصبحت وكأنها قاعدة أساسية يرتكز عليها كتابة تاريخ البشرية، لكن بالرجوع إلى التاريخ القديم وعصر الدولة الرومانية، ربما نستنج أن أحيانا "التاريخ يكتبه المتآمرون".
بريتانيكوس ابن الإمبرطور كلوديوس، ووريثه الشرعى، للحكم قتل هو زوجة أبيه المتأمرة عليه، نتيجة مؤامرة نفذها أكثر امبراطورات سفكا للدماء، وأكثرهم ذكرا بدمويته وجرائمه الإمبرطور نيرون، فى مثل هذا اليوم 11 فبراير من 55 قبل الميلاد، ليخلى بذلك نيرون الطريق لنفسه ليصبح خامس وآخر امبراطور للأمبراطورية الرومانية من السلالة اليوليوكلودية.
وبحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأعلام (العرب والمسلمين والعالميين) 1-4 ج1" للدكتورة عزيزة فوال بابتى، فإن المؤامرة تبدأ من عند أغربينا الصغرى، الأميرة الرومانية وأكبر بنات القائد جرمانيكوس، حيث اقترنت فى بداياتها بـ لوكيوس دوميتيوس اهينوباربوس، وكان رجلا فاسقا، أنجبت له "نيرون"، نفيت أغربينا فترة لتآمرها على أخيها الإمبرطور "كاليغولا"، وبعد رجوعها روما إثر قتل أخيها تزوجت بالخطيب المشهور "كايوس بسيبنوس كريسبوس" ثم عمدت إلى إغراء عمها الإمبرطور "كلوديوس" بالزواج منها، وكان ذلك بعد وقت قليل من مقتل زوجته "ميسالينا" وبعد وفاة زوجها الثانى أيضا، وجعلته كلوديوس يتبنى ابنها نيرون ليكون وريثا للعرش الإمبرطورى.
الهدف الثانى الذى تحقق هو زواج ابنها نيرون من أوكتافيا، ابنه كلوديس، وذلك من أجل قطع الطريق أمام ابن زوجها بريتانيكوس والحيلولة دون وراثته للعرش، ثم قامت بدس السم لزوجها كلوديس لتعجيل الوصول إلى هدفها المنشود، فتسلم ابنها عرش روما.
لكن السم دسته لزوجها تجرعت منه على يد ابنها "نيرون" وذلك عندما أقدم الأخير على قتل والدته فى عيد الربة "منيرفا"، وبحسب ما تذكره مجلة الهلال فى عددها الصادر عام 2006، إنها جريمة لنيرون وقعها هو باسمه فقط، أما الجريمة التى تلتها وهى قتل منافسه السابق بريتانيكوس نفسه؛ وأيضا خوفا من تأثير مظاهر نضجه على أى من "صانعى القرار" فى روما هذه المرة، فقد وقعها باسمه مشفوعا بلقب الإمبراطور الذى لم تكد تمر سنة على نيله.
وتذكر مجلة "المسرح" فى عدد 25 – 30 الصادر لعام 1966 أن امرأة أخرى ظهرت تدعى "بومبايا سابينا" استحوذت على نيرون وأخضعته لرغباتها وساقته إلى مزيد من الأهوال، فبعد أن جعلته يقتل أمه ويتخلص منها، أخذت تكيد لزوجته الأولى (أوكتافيا) شقيقة بريتانيكوس، حتى تخلص منها هى الأخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة