سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 نوفمبر 1882.. أحمد عرابى يواصل طرح أسئلته من زنزانته على محاميه الإنجليزى ويندهش من تشبيه وضعه بحالة نابليون

السبت، 30 نوفمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 نوفمبر 1882.. أحمد عرابى يواصل طرح أسئلته من زنزانته على محاميه الإنجليزى ويندهش من تشبيه وضعه بحالة نابليون أحمد عرابى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فاجأت أسئلة «عرابى» محاميه الإنجليزى «برودلى» فى لقائهما بزنزانه زعيم الثورة العرابية فى السجن يوم 29 نوفمبر 1882، قام برودلى بزيارته لإقناع عرابى بالموافقة على المصالحة، حيث يعترف بأنه مذنب، ليتم تبديل حكم الإعدام إلى النفى هو ورفاقه السبعة من قادة الثورة.. «راجع، ذات يوم، 29 نوفمبر 2019».
 
سأل عرابى محاميه: «كيف يمكننى أن أقول أننى عاص؟، هل يمكنهم أن يدعونى عاصيا لامتثالى لإرادة الشعب المصرى؟.هل سبق أن عاملت إنجلترا عدوا مهزوما بمثل هذه الصورة من قبل؟.. أسئلة عرابى المفاجئة دفعت محاميه أن يستدعى الماضى ليربطه بالحاضر.. قال: «رويت لعرابى قصة نابليون «الإمبراطور الفرنسى»، كما ورد ذكرها فى مجلس العموم البريطانى منذ ثلاثة أسابيع مضت».. يوضح القصة قائلا: «سأل اللورد الأول للخزانة البريطانية اللورد «راندولف تشرشل»، عما إذا كانت هناك أية سابقة لاستخدام القوات البريطانية كما حدث فى مصر لقمع عصيان عسكرى ضد حاكم أو حكومة لدولة أجنبية، وما إذا كانت مثل هذه السوابق أكدت أن القوات البريطانية اعتقلت زعماء «العصاة»، وغيرهم من يماثلهم من المذنبين السياسيين، وأن هذه القوات صدرت لها تعليمات من الحكومة البريطانية بأن تسلم هؤلاء الزعماء ليتصرف معهم حاكمهم أوحكومتهم بعد مساندة القوات البريطانية للحاكم أوالحكومة أوإعادتها إلى سابق عهدها؟.
 
أجاب رئيس الوزراء البريطانى «جلادستون»، بأنه ليس لديه علم بأية سابقة فى التاريخ لترتيب مماثل لما هو قائم فى مصر، مضيفا: «الوضع الذى التزمنا به فى مصر، وضع لا أظن تماما أنه يتمشى مع أية أوضاع التزمنا بها فى أية دولة أخرى».. ثم ذكر «جلادستون» قصة هزيمة نابليون من إنجلترا فى «ووترلو» يوم 18 يونيو 1815، وهى آخر معاركه، ووقع فيها أسيرا، وتم ونفيه إلى جزيرة «سانت هيلينا».
 
ينقل «برودلى» انطباعات عرابى بعد أن استمع إليه قائلا: «زادت دهشته من عقد مثل هذه المقارنة».. كان يوما ما قد درس بإمعان حياة القائد الكورسيكى العظيم.. أعرب عن شكه فى كثير من التواضع فى أنه لم يكن شخصية لها أهميتها ليعامل مثل معاملة نابليون.. ذكرته أن صانع المقارنة كان فى الواقع هو حكم مصائرهما».
 
يضيف: «مرة أخرى عاد عرابى إلى موضوع رفاقه متسائلا: كيف سيرحلون على أساس مقارنة «جلادستون» التاريخية؟.. يجيب برودلى: لم يكن فى استطاعتى إلا أن أقول: سيكون فى القضية الراهنة سبعة نابليون بدلا من نابليون واحد، وهذا أفضل بكثير من أن أى واحد منكم يستكمل المقارنة بأنه يمثل المارشال لى، ومرة أخرى، أكدت له أنه لا داعى لأى خوف على هذه الرأس.. فكر لفترة طويلة وأخذ يذرع زنزانته ذهابا وجيئة، ثم التفت إلى وقال لى: عندما جئت أنت إلى هنا اتمنتك على حياتى وشرفى لتحافظ عليهما، إن ما فعلته وقتها أؤكده اليوم، وأنا لهذا على استعداد لأن أتبع نصيحتك، أما بالنسبة للنياشين، فلا يهمنى أن أفقدها لأننى لم أكن أسعى لها أبدا، وبالنسبة لأملاكى فليس لى شىء سوى ما خلفه لى أبى، وهو يكاد يفى بالزاد، أننى لا يمكن أن أتوقع من إنجلترا أن تغير قرارها بالنسبة لشخصى على الفور، ولكنى أحس وكلى تأكيد أنها ستفعل ذلك فى المستقبل، أننى سأكتب لك خطابا يدعمك للموافقة على أية بنود تعتقد أنها عادلة وكريمة، ولكننى سأدعو لتشهد أننى أفعل هذا بصورة أكثر على أمل أن تنقذ إخوانى من المعاناة، وليس لصالحى أنا وحدى».
 
يعلق برودلى: لم أرَ عرابىقط فى أوج عظمته مثلما كان فى هذا اللقاء البالغ الأهمية»، يتذكر: بدون لحظة تردد، جلس وكتب إلى المستر برودلى ومستر نابير، محامى عرابى باشا : بصفة كونى سلمت نفسى لأمة الدولة الإنجليزية وشرفها، وكونى واثقا بأمانتكما، كما أننى واثق كل الوثوق بنزاهة وسعادة اللورد دوفرين وشرفه فإنى أفوض لكما ولسعادته فيما يقتضى، معاملتى به ومعاملة إخوانى السياسيين والأهلين المسجونين بما يليق لشرف إنجلترا إذا تبين براءة ذمتنا مما نسب إلينا من الأعمال الوحشية، ولهذا لزم تحريره لعرض ذلك على سعادة اللورد المشار إليه.. 29 نوفمبر 1882..توقيع: أحمد عرابى».
 
يؤكد برودلى أنه بناء على تأكيده لعرابى بأن كل شىء سيكون على ما يرام،وافق الزعيم الوطنى على الاعتراف بأنه مذنب فى الاتهام الذى كان عقوبته الوحيدة الإعدام، أما بالنسبة لتعديل الحكم الذى سيعقب ذلك، اكتفى بكلمتى له واعتمد عليها، بدد تلغراف «بلنت» وخطاب عرابى «كل سبب آخر للتردد، وقد وافقنا باسم موكلينا على خطة المصالحة المقترحة».
 
يكشف «برودلى» أنه فى اليوم التالى 30 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1882، بدأ فى وضع الصيغ القانونية لمحاكمة عرابى ورفاقه الآخرين من قادة الثورة التى بدأت يوم 3 ديسمبر 1882، ومضت فى السيناريو المرسوم لها، بأن نطق رؤوف باشا الحكم بإعدام عرابى،ورفاقه، ثم سحب ورقة بعد هذا النطق، وقرأ منها عفو الخديو ونفى عرابى إلى الأبد من الأقطار المصرية وملحقاتها. 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة