أكد مساعد وزير الخارجية الصينى تشن شياودونج، اليوم الأربعاء، أن قضية فلسطين جذرية بالنسبة للسلام في منطقة الشرق الأوسط، وأن "حل الدولتين" ومبدأ "الأرض مقابل السلام" خط أحمر، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة حق مشروع للشعب الفلسطيني وغير قابل للتصرف.
جاء ذلك في كلمة مساعد وزير الخارجية الصيني في افتتاح منتدى حول الأمن في منطقة الشرق الأوسط تحت عنوان "أمن الشرق الأوسط في ظل الأوضاع الجديدة.. التحديات والتطلعات"، والذي ينظمه معهد الصين للدراسات الدولية بحضور نحو 200 مسؤول وخبير صيني وعربي على مدار يومين في قصر ضيافة الدولة بالعاصمة (بكين).
وقال شياودونج إن الرئيس الصيني شي جين بينج أكد في كلمته في الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي حرص الصين على تعزيز الحوار والتشاور مع دول الشرق الأوسط في مجال الأمن، وإن المنتدى يأتي تنفيذا لما تناوله الرئيس الصيني، حيث سيتباحث نحو 200 مسؤول وخبير صيني وعربي يشاركون في المنتدى حول الحل للقضايا الساخنة والتعاون في مجال الأمن وسبل تحقيق الاستقرار والتنمية.
وأضاف شياودونج أن الشرق الأوسط جزء حيوي للتواصل والتفاعل بين الصين والعالم، وأن الصين ظلت تهتم كثيرا بالمنطقة، وتشارك بنشاط في شؤونها وتعمل على تعميق علاقاتها مع دول المنطقة، وتوسيع التعاون القائم على المنفعة المتبادلة والكسب المشترك بما يعود بالخير على شعوب الجانبين، مشيرا إلى أن الصين تتطلع إلى تحقيق السلم والأمن والاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط.
وتابع شياودونج أن منطقة الشرق الأوسط مازالت تعيش وضعا مضطربا، حيث تتعاقب القضايا الساخنة، ويتقلب الوضع السياسي في عدة دول بالمنطقة، لافتا إلى أن الوضع في منطقة الخليج يشهد توترا مستمرا ويزداد خطر النزاعات، كما تتعرض قضية فلسطين لخطر الانحراف عن مسار "حل الدولتين" وتشتد الخلافات بين الجانبين، فيما تستمر الأزمات في سوريا وليبيا واليمن بدون حل، وتتربص قوى الإرهاب والتطرف للعودة إلى المنطقة.
واعتبر مساعد وزير خارجية الصين أن المأزق الأمني الحالي في المنطقة يرجع إلى تطور الخلافات داخل المنطقة على الصعيد الجيوسياسي والعرقي والطائفي مع تحمل الولايات المتحدة، باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم والدولة المؤثرة على الوضع في الشرق الأوسط وسياساتها الأحادية، مسؤولية هذا المأزق.
وأشار شياودونج إلى أنه إذا غاب الأمن عن الشرق الأوسط، من الصعب أن ينعم العالم بالسلام، وأنه للوصول إلى المفتاح لحل المأزق الأمني في الشرق الأوسط فيجب طرح أفكارا مبتكرة والتحلي بالشجاعة لتحمل المسؤولية والعزيمة لتذليل الصعوبات وإنجاز المهام.
ولفت شياودونج إلى أن رؤية الصين لتعزيز الأمن في الشرق الأوسط قائمة على الالتزام بالعدالة والانصاف، والتمسك بالتعددية ورفض الأحادية خاصة وأن الأمور في منطقة الشرق الأوسط متشابكة ويجب التعامل معها بالتشاور بين الجميع دون انفراد طرف واحد بالقرار، داعيا إلى دفع ملف إيران النووي إلى مسار الاتفاق الشامل في أسرع وقت ممكن بدلا من تنفيذه بشكل انتقائي.
ونوه شياودونغج إلى أن الرؤية تتضمن أيضا التنمية المشتركة حيث يجب تكريس مفهوم المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، ويجب تعزيز جهود مكافحة الإرهاب دون تراخي وعدم التوقف حتى استئصال الإرهاب نهائيا، وتوخي الحذر من استغلال قوى الإرهاب والتطرف للاضطراب في المنطقة لتعظيم قوتها، مشددا على ضرورة منع هذه القوى من إيجاد أماكن جديدة للتمركز وتدبير القلاقل، ما يستدعي مساعدة دول المنطقة على رفع قدراتها على مكافحة الإرهاب ومواصلة تضييق هامش التحرك للقوى الإرهابية والمتطرفة، وقطع سبل تمويل الإرهاب وتعزيز التعاون العملي في تسليم الإرهابيين وإدارة الحدود وتبادل المعلومات، مع الرفض القاطع لانتهاج "المعايير المزدوجة" في مكافحة الإرهاب، ورفض ربط الإرهاب بدين معين والتعلل بـ "حقوق الإنسان" لتشويه جهود الدول الأخرى في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف.
وقال شياودونج إنه يجب نبذ فكرة الأمن الحصري والأمن المطلق في الشرق الأوسط، ويجب إقامة منظومة الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام في المنطقة، مع ضرورة قيام المجتمع الدولي بدور بناء بما يضفى المزيد من الطاقة الإيجابية على وضع المنطقة.
وأكد شياودونج استعداد الصين الدائم للوقوف إلى جانب دول المنطقة وشعوبها، وأنها ستلتزم بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، وتدعم حل الخلافات والنزاعات عبر الحوار ومواجهة التحديات المشتركة عبر التعاون، وبذل جهود مشتركة مع كافة الأطراف للقيام بدور بناء في صيانة الاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط وتقديم المساهمات المطلوبة في بناء عالم يسوده السلام والأمن الدائمين.
من جانبه، قال رئيس وزراء العراق الأسبق إياد علاوي – في كلمة خلال افتتاح المنتدى - إن الصين تناصر دائما القضايا العربية، وإن منطقة الشرق الأوسط تمر بأوضاع استثنائية وخطيرة لاسيما مع تصاعد وتنامي الإرهاب عالميا، محذرا في الوقت نفسه من الخلايا الإرهابية النائمة باعتبارها المشكلة الكبيرة التي تهدد المنطقة.
وأضاف علاوي أن هناك أيضا مشكلة النزوح الجماعي والتغيير الديموغرافي بسبب التوترات في المنطقة، مشيدا بالمسؤوليات التي تتحملها دول عربية مثل مصر والأردن فيما يتعلق بملف إيواء اللاجئين رغم الأعباء الكبيرة على كاهل المؤسسات الخدمية لهذه الدول وعدم وجود داعم لها في تحمل هذه الأعباء.
وتابع علاوي أن هناك تدخلات لبعض الدول سواء بهدف الهيمنة أو التوسع، وأنه يجب إيقاف ذلك، لافتا إلى أن الموقف الأمريكي المنحاز إلى إسرائيل يزيد من حدة تأزم القضية الفلسطينية، وأنه إذا ما لم يتم التوصل إلى حل للقضية ستكون هناك بؤرة من بؤر التوتر الشديدة في المنطقة والعالم الإسلامي وسط مخاطر باستغلال الإرهابيين ذلك وتوظيفه لتجنيد لاكثير من العناصر الإرهابية.
واعتبر علاوي أن الحل لقضايا المنطقة يكمن في التنمية وتعزيز لغة الحوار وتعزيز الشعور بالمواطنة لحل النزاعات الإقليمية، مقترحا عقد مؤتمر برعاية مجلس الأمن يضم إيران وتركيا وإثيوبيا والدول العربية للتأكيد على مباديء عدم التدخل المباشر وغير المباشر في شؤون الدول، وتسوية المشاكل بين الدول.
من جهته، دعا نائب رئيس الوزراء وزير خارجية الأردن الأسبق إلى أن يكون للصين دور أكبر في المنطقة بحيث لا يقتصر دورها على الشق الاقتصادي فقط بل يمتد للأمني والسياسي، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية تواجه تحديات كبيرة حاليا لاسيما بعد الإجراءات الأمريكية الأخيرة وإن كان هناك إمكانية للوصول إلى حل وإجماع عالمي بهذا الشأن.
وقال رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية تركي الفيصل – في كلمة خلال حفل افتتاح المنتدى- إن محاولات إيران توسيع نفوذها في المنطقة يشكل تهديدا ليس للمنطقة فقط ولكن للاستقرار والأمن العالمي.
وأضاف الفيصل أن المنطقة تواجه تحديات كبيرة، وأن الخطر الإيراني حقيقي سواء في سعي إيران للهيمنة السياسية أو محاولتها نشر أفكارها الطائفية وتصديرها لدول المنطقة أو محاولة امتلاكها قنبلة أو سلاحا نوويا.
وتابع الفيصل أن الاعتداءات الأخيرة على منشأتي نفط تابعتين لشركة "أرامكو" السعودية جسدت صورة كاشفة لسلوك إيران التي تسعى لتعزيز عدم الاستقرار الاستراتيجي في المنطقة.
وأشار الفيصل إلى أن هناك تهديدات مباشرة لأمن المنطقة تتمثل في: الطموح الإيراني ومحاولات السيطرة على مقدرات المنطقة والذي ظهر منذ عام 1979، ومحاولات إضعاف النظام الإقليمي العربي، والصراع العربي الإسرائيلي، وتفاقم ظاهرة الحركات الإرهابية في المنطقة.
وفي كلمته، دعا رئيس مجلس العلاقات العربية والدولية بالكويت محمد الصقر إلى إنشاء نظام أمن إقليمي مناسب وأمثل للمنطقة العربية وجوارها الإقليمي، مع الأخذ في الاعتبار المطامع والطموحات التوسيعة لدول الجوار غير العربية من خلال إعادة تعريف دقيق وواضح للأمنين العربي والإقليمي على غرار تجربة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي.
وأكد الصقر ضرورة وضع تصور لعلاقات دول المنطقة بالمنظمات الدولية والتكتلات الدولية والدول الكبرى والإقليمية، وكيفية تنمية الفعاليات وبناء الدفاعات، وتفعيل سياسة فض النزاعات بالمنطقة، مع الاهتمام والتركيز على نشر الوعي السياسي لدى شعوب المنطقة، ووضع خطة عمل ترتكز على بذل الجهود الجماعية المنسقة لتحقيق مصالحات عربية-عربية ومصالحات عربية-إقليمية، وتغليب سياسة حسن الجوار، ومكافحة التطرف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة