عندما اندلعت ثورة يوليو 1952، وأزاحت الملك فاروق عن عرش مصر، انزعجت تركيا، وهاجمت الثورة حينذاك بشراسة، واعتبرتها انقلابًا على الشرعية، واستخدمت حكومتها نفس المصطلحات التى يستخدمها رئيسها الحالى «مهبول إسطنبول» الشهير برجب طيب أردوغان، ولعب السفير التركى حينها دورًا بارزًا فى قيادة حملات التشويه والهجوم على مجلس قيادة الثورة بشكل عام، وتوجيه شتائم وألفاظ نابية لجمال عبدالناصر بشكل خاص.
غضب وسخط تركيا من ثورة يوليو 1952، كونها أعادت القرار الوطنى للمصريين، وقضت على آخر معاقل نفوذ فلول الدولة العثمانية فى القاهرة، وقطعت الحبل السرى الذى كان يربط أحفاد السلطان العثمانى بمصر، باعتبارها ولاية من ولايات نفوذ الأستانة، لذلك صعّدت هجومها ضد الثورة، وتبنت حملات التشويه والتشكيك وتأليب الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، واعتبارها انقلابا عسكريا على الشرعية، مما دفع مجلس الوزراء المصرى حينذاك إلى اتخاذ قرار طرد السفير التركى، ورفع الحصانة الدبلوماسية عنه، وإمهاله 24 ساعة فقط لمغادرة البلاد، وتصدر الخبر صدر صفحات القاهرة، وتحديدًا المانشيت الرئيسى لصحيفة الأهرام.
وبعد مرور 59 عامًا، اندلعت ثورة 25 يناير 2011 ضد نظام حسنى مبارك، وكانت تركيا أول من سارع بتأييد ودعم الثورة، عكس موقفها تمامًا من ثورة يوليو 1952، لأنها ترى فيها فرصة إعادة مصر إلى أحضان الخلافة العثمانية، ورأت فى صعود جماعة الإخوان الإرهابية للحكم فرصة تاريخية لتحقيق هذا الهدف الجوهرى الذى غيبته عن الحياة ثورة يوليو 1952، وقطعت الحبل السرى، والتدخلات التركية الوقحة فى الشأن المصرى.
وبدأت أهداف رجب طيب أردوغان وحزبه الإخوانى «العدالة والتنمية» لإعادة مصر للتبعية التركية تظهر من جديد، عندما سيطرت الجماعة الإرهابية، والتى تعد أحد الأذرع القوية للعثمانيين، على كل السلطات فى مصر، فى العام الأسود 2012.. وبنى مهبول إسطنبول قصرا ضخما، وشكل حرسا يرتدى زيا عثمانيا، انتظارا لتنصيب نفسه سلطانا للمسلمين، بعد ضم مصر وسوريا وليبيا وتونس رسميا كولايات تابعة لتركيا، باعتبارهم إرثا تاريخيا، وجزءا مهما من الجغرافية القديمة للدولة العثمانية..!!
ولم تمر 3 سنوات على الحلم الوردى الذى كان يعيشه رجب طيب أردوغان، إلا وفاق على كابوس ثورة 30 يونيو 2013 التى حطمت أحلام «مهبول إسطنبول»، وأطاحت بها فى مزبلة التاريخ، فاتخذ من «عبدالفتاح السيسى» عدوًا وخصمًا أبديًا، وقرر ألا يترك فرصة أو حتى أنصاف الفرص إلا ويستثمرها فى الهجوم وتشويه الحقائق عن الأوضاع فى مصر.
وأعلن رجب طيب أردوغان حربه ضد مصر وتشويه نظامها السياسى، بشكل فاق الحرب على ثورة 1952 من حيث الوسائل والأدوات والنهج، ومنح الغطاء السياسى لكل الخونة الذى يحملون الجنسية المصرية، ويعيشون على الأراضى التركية، وبتنسيق كامل مع نظام الحمدين، للعبث بأمن واستقرار القاهرة..!!
الأمر بالنسبة للأتراك تحقيق مصالحهم فقط، يؤيدون الثورات الداعمة لأطماعهم، ويرفضون التى تتقاطع مع هذه المصالح، ولا يعنيهم أمن واستقرار مصر وتقدمها وازدهارها، وإنما الذى يعنيهم ثرواتها، وأن تصير ولاية تابعة لأنقرة، لذلك لا يمكن أن يحملوا مشاعر الود لعبدالناصر أو السيسى، فالزعيمان أحبطا مخططاتهما..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة